بعد انتهاء مدة صلاحياتي لديه… تخلّص مني وأهان مشاعري
ليس هناك ما هو أفدح من أن يحسّ الإنسان بأنه لم تعد له قيمة بين المحيطين به، خاصة إذا تعلّق الأمر بمن لهم معزّة في قلوبنا، فالتمزّق والانشطار هو أكبر ما يحزّ في القلب المحب، وهذا ما أحسّه سيدتي؛ وما دفعني إلى أن أراسلك حتى أعرف طريقا للخلاص مما أنا فيه.فبعد أن ساقني القدر إلى القيام بتربّص ميداني في إحدى المؤسسات الخاصة بهدف التحضير لشهادة نهاية الدراسات العليا، تعرّفت إلى شاب بدا لي في الأول محترما ومضربا للمثل في الاستقامة والأخلاق، فحدث بيننا تقارب وتناغم ليتحوّل الإعجاب إلى حب وعهد بالاستمرارية والزواج.كنت سيدتي كمن يعانق السماء من فرط السعادة والحبور، فأن تجد الواحدة منا من يهيم بها ويحبها ليس بالأمر السهل في زمن كثر فيه الغدر والخيانة، حيث إني سخّرت كل ما كنت أملكه من مشاعر وأحاسيس للحفاظ على هذا الرجل الذي حسبته على الأقل سيعترف بجميلي وحسن صنيعي معه، إلا أنه سرعان ما تحوّل من محب مطيع إلى شخص لم أعرفه مباشرة بعد أن وجد ضالته في فتاة غنية رمت بحبالها عليه، فسلبته قلبه وأسرت كيانه بطريقة غير عادية لدرجة أنّه بات يرميني بسهام الازدراء والاحتقار، وقد بلغت به الجرأة أنّه طلب مني الكفّ عن مطاردته وملاحقته أمام الزملاء الذي أصبح يتحرّج منهم، مخبرا إياي بأن كل ما كان بيننا انتهى وبأنه لم يكن يتوقّع بأن هناك من الفتيات من تسعين مثل هذا السعي وراء الشباب الذين يرفضونهن ويرفضون الزواج منهن من دون سبب يذكر.أحس بالألم يعتصر فؤادي سيدتي، فأنا لا أتصوّر بأن هناك من الرجال من يربطون الفتيات بوعود الزواج الكاذب والذي سرعان ما يتبخّر ويذوب فتقع الفتاة أسيرة للحزن والأسى، أحس بأن المشاعر التي جمعت بيني وبين هذا الشاب كانت بمثابة المادة التي انتهت صلاحيتها والتي لم تكن خالصة ومتينة لتستمر إلى الأبد، فهل يعقل هذا؟.
الحائرة من الوسط
الرّد:
لا يقاس الحب أبدا بالوقت أو المدة، فالأصيل منه يستمر ويدوم إلى الأبد وأما الكاذب والمبني على الخداع فسرعان ما تنتهي صلاحيته كما ذكرته.من المؤسف ما أنت فيه أختاه، ومن السيء أن تحسّ الواحدة منا أنها منحت قلبها لشخص لا يستحقه ولا يعترف بالتضحيات الجسام التي قدمناها له، ولتسمحي لي أن أخبرك بأن الخداع مرّ طعمه؛ لكنه من شأنه أن يبيّن لنا الطريق الواجب علينا انتهاجه، حيث إنه وما من فتاة تُخدع إلا ويصبح لزاما عليها أن تختار من يلملم جراحها ويعيد إليه الاعتبار الذي طالما كانت تتوق إليه.لا أدعوك أختاه لمعانقة الألم أو الاستسلام للحزن، وأدعوك في المقابل لمعانقة الأمل والتفتّح على الحياة، فهناك في الدنيا من المسرّات والأفراح ما يجعلنا نتشبّث بكل ما من شأنه أن يدخل إلى حياتنا السعادة، فليكن حزنك الذي غلّف قلبك له أيضا مدّة محدودة، لتحاولي بعدها الخروج من القوقعة التي لا يجب عليك أن تنغلقي فيها.أكثر ما أعيبه عليك أنك صدّقت هذا الشاب وهمت بكلامه المعسول الذي وللأسف كان عاريا من كل صحة وأمانة، والدليل أنه ربط مدة حبه لك بالمدة التي قضيتها لإجراء التربّص الميداني الذي ولولا أنك لم تكوني لقمة صائغة بين يديه لما افترى عليك وأوهمك بأنه يحبك. لقد وجد فيك هذا الشاب المساحة الخصبة التي يرمي فيها بأوهام لا يحسّ بها حتى هو، فمن يكذب في الحب لا مصداقية في حياته أبدا، ولتدركي أن هذه الفتاة التي ربط بها علاقة لا تختلف عنك في شيء، بقدر ماهي مذنبة أكثر منك لأنها اختارت شخصا سرعان ما سيرمي بها إن هو وجد من هي أحسن منها.الأحرى بك أن تحمدي اللّه لأنه كشف لك هذا الشاب في الوقت المناسب، فهو لا يصلح أن يسكن قلبك الطيب، كما لا يفوتني أن أقرّ لك بأن الشاب يستحق الكثير من الشفقة، حيث إنه وفي سنه هذا لم يجد بعد ضالته في المرأة التي ينوي الارتباط بها وبناء أسرة متماسكة إلى جانبها.تشجّعي وتغلّبي على مأساتك بكثير من الرصانة، وتأكدي من أية تجربة عاطفية ومهما كانت نتائجها فإنّ فيها من الايجابيات الشيء الكثير والذي من شأنه أن يمدّنا بالثقة والعقل حتى نختار الاختيار الصائب.
ردّت نور