هل أبني معه حياتي على الرغم من أنه كان السبب في آهاتي
من الصعب أن ينسى القلب المحبّ أثر الخيانة أو الإهانة أو الأذى، كما أنه لا يختلف اثنان على أنه ومن الصعب على الفتاة الوفية أن تنسى حبها الأول، هذا بالتحديد سيّدتي فحوى قصتي التي أضعها بين يديك حتى أجد لها حلا.قبل سنوات سيّدتي تعلّق قلبي بابن الجيران الذي ربطت معه علاقة عاطفية، وعدني من خلالها بالزواج، فصدّقته وبقيت أحيا على أمل سرعان ما أفل نوره، بمجرد أن تحصّل الحبيب على تأشيرة مكّنته من السفر إلى ديار الغربة بحثا عن تحقيق أحلامه التي لم أكن للأسف من بينها.حياتي تحوّلت إلى جحيم من فرط الأسى والحسرة، خاصة وأن أهلي كانوا على علم بالعلاقة، وكانوا مثلي ينتظرون أن يتقدّم لخطبتي ويرفع من قيمتي أمام كل من يعرفني ويعرفهم، ولا أكذب أني بسبب ذلك بت أخجل من نفسي، وصار الزواج بالنسبة لي أمرا ضروريا حتى أخرج من حالة اللّوم والعتاب التي كنت أمارسها على نفسي، فارتبطت بأوّل من طرق باب بيتنا خاطبا، وفتحت قلبي للعذاب والحسرة.لا أخفيك سيدتي.. أني لم أستطع نسيان من كان ينبض له قلبي، على الرغم من أني كنت على ذمّة رجل آخر، لدرجة أني لم أستطع منحه الحب والحنان اللذين كانا من حقه علي، فكان الطلاق بسبب عدم التفاهم والصدام؛ النتيجة الحتمية لمشروع زواجنا، وعدت أدراجي خائبة إلى بيت ذويّ، أجرّ أذيال الخيبة والهوان ولم أكن أدري بأني سألتقي من حرمني يوما البسمة، ليحيي جراحي من جديد.لم أكن لأتوقع حدوث هذا الأمر، لكنه عاد من بعد طول غياب بطريقة عادية وكأن شيئا لم يكن، وقد حزّ في نفسي الأمر كثيرا؛ خاصة وأنه رغب في إعادة المياه إلى مجاريها، إلا أني رفضت الأمر الذي طالما كنت أحلم به، على اعتبار أني مطلّقة وبأنه أعزب، وعلى اعتبار آخر قد تعجبين له سيدتي، أني لم أستطع نسيان الأذيّة التي نلتها على الرغم من الحب والوفاء الذي طالما منحتهما لمن منحته قلبي، فهل يعقل هذا؟.أنا في دوامة كبيرة سيدتي، فلا قلبي يطاوعنيأن أفتح أبوابه لشخص تهرّب منه يوما، مخافة أن يجرحني مرة أخرى، ولا أنا أقبل على نفسي المهانة بأن أكون كالساذجة الغبية التي يتصرف فيها الرجل مثلما أراد، يفارقها حين يريد ويعود إليها مثلما يريد، فهلا ساعدتني؟.
الحائرة من الوسط
الرّد:
لا يقبل العقل ولا القلب جرم الخيانة، خاصة إذا كان من أقرب الناس إلينا؛ حيث إني أتفهّم الدوامة التي أنت فيها، وأقرّ بأنّ ما أنت فيه لا تحسدين عليه، فصبرا حتى تتمكّني من الخروج من هذه الدّوامة.ليس من العدل أن تظلمي نفسك أختاه وتغلقي أبواب الأمل في وجهك، حيث كان حريّا بك أن تفكّري مليّا قبل الارتباط بالرجل الذي ظلمته؛ في الماضي الأليم الذي كان في قلبك جرّاء الصدمة العاطفية التي نالت منك والتي جعلتك تنتقمين من نفسك بهذه الطريقة المخزية.ومن هذا المنطلق؛ أنصحك أختاه بأن تلتفتي إلى نفسك، وألا تبقي رهينة الماضي، فالحاضر والمستقبل؛ أجمل بكثير من الألم الذي وضعت نفسك فيه، كما أن من يحب لا يمكنه وفي أي حال من الأحوال أن يبقى على حقده وضغينته، ومن هذا المنطلق أنصحك بضرورة أن تفتحي صفحة جديدة مع نفسك وتتصالحي مع ذاتك، وتمنحي هذا الشاب فرصة حتى يبيّن لك حسن نيّته ويصحّح ما اقترفه في حقك، فكثير من الأحبة افترقوا لأسباب تبقى متعلّقة بالأمور المادية أو بعض المشاكل النفسية كالتردّد أو الخوف من المسؤولية، لتعود المياه إلى مجاريها بعدها، وهذا بعد أن يتيقّن الطرفان من أن روحيهما تعلّقت ببعضها بعض، وبأن الفراق بات بعد الهجر مستحيلا.أتفهّم نزعة الغضب التي تعتري قلبك، وأفهم حيرتك؛ لكن عليك أختاه أن تغتنمي الفرصة بأن تعرفي السعادة وتتذوقي طعمها لأنك فعلا تستحقينها بعد كل العذاب الذي عرفته من زواجك السابق الذي لا أشك بأنه كان فيه من الألم والأسى ما يكفيك ويكفي قلبك المنهك، فلتقرّري أن تضعي حدّا لكل هذا وذاك؛ ولتبدئي حياة جديدة ملؤها الفرح والتفاؤل، فليس هناك ما هو أجمل من أن نرى النور بعد الظلام، وهذا كلّه من فضل اللّه وجميل نعمه.
ردّت نور