الماضي يـلاحقني… والـمستقبل يخـيفني
سيّدتي الكريمة نور.. أنا شاب على عتبة الزواج، لكني في حيرة ما بعدها حيرة؛ لأني جدّ متخوّف من الفتاة التي سأعقد قراني بها وخائف على مستقبلي إن أنا بقيت على حالي ولم أتخلّص من حب حياتي.سيدتي.. لقد عشقت فتاة حدّ النخاع، إلى درجة أن أصبحت الهواء الذي أتنفّس، أثبت لها حسن نيتي وتقدّمت لخطبتها، لكن أتت الرياح بما لا تشتهيه السفن، فقد صدمت برفض والدها لي جملة وتفصيلا؛ مبرّرا ذلك ببعد المنطقة؛ وأنه لا يريد أن تعيش ابنته بعيدا عنه، حاولت مرارا وتكرارا ووعدته بأني لن أفرّط فيها ما حييت؛ وأنها ستعيش معي كالملكة؛ لكنه أبى أن يصغي إلى كلامي، والمسكينة لم تستطع فعل شيء، وهذا الأمر تداعت له كرامة أهلي ورفضوا بدورهم ارتباطي بالفتاة، وبين رفض والد الفتاة ورفض عائلتي؛ وقع حبي وحبها ضحية عناد، استسلمت أو بالأحرى حاولت التناسي؛ خاصة وأني علمت أن الفتاة قد تزوّجت وأصبحت لرجل غيري؛ فقرّرت أنا بعد ذلك أن ألتفت إلى حياتي وأكمل نصف ديني؛ فاقترح عليّ أهلي قريبتي، لا أنكر أنها فتاة رائعة ووجدت فيها كل ما كنت أتمنى؛ إلا أني لم أقو على نسيان الماضي وتلك الذكرى تأبى أن تفارق مخيلتي، وهذا أمر يقلقني؛ فأنا خائف أن أقصّر في حق المرأة التي سأمنحها اسمي، خاصة وأني أعلم علم اليقين أن الحياة الزوجية لابدّ أن تُبنى على الاحترام والمودّة؛ وإن أصرّ قلبي على التفكير في الماضي أكون قد قلّلت من احترامي لزوجتي، أرجوك سيدتي نور ساعدني فأنا في حيرة من أمري..؟
حائر من الشرق
الرّد:
بني.. أشكرك منم صميم قلبي على ثقتك وصراحتك، وهذا ما احترمته فيك كثيرا، فأنت وعلى ما يبدو واع بضرورة أن يكون الزوجان كل متكامل وأن يفكرا في بعضها وفي طريقة ليسعدا كل طرف بها الطرف الآخر.حقيقة فالزواج هو نصف الدين وسنة الله ليحقق بها الراحة والسكينة لقوله تعالى: ”ومن آياته أن خلق من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون..”، ففيه استقرار للنفس وراحة للبال وتحقيق لأهداف يرسمها المرء منذ الطفولة وصولا إلى مرحلة النضج، وبقدر ما يكون فيه الزوج والزوجة على تقوى من الله بقدر ما تعمّ السعادة أركان بيتهما وتسود الفرحة كل المحيطين بهما، وهذا ما لمسته فيك ومن كلامك؛ فأنت لا تريد أن تظلم الفتاة حتى بتفكيرك، وهذا ما يدعوني الآن أن أقول لك حاول أن تفكر بعقلك ودع قلبك للزمن فهو كفيل بأن يداوي جراحه وينسيه آلامه، خاصة وأنك قلت أن اللّه قد عوّضك بفتاة تملك كل ما كنت تتمناه، إلا الحب؛ وهنا أقول لك أن الحب الحقيقي والحب الذي يعيش أطول هو ذاك الذي يولد بعد الزواج، فقط حاول أنت من جهتك أن تنسى ذلك الماضي لأنك لن تستطيع أن تغيّر منه شيئا، وأنت القائل إن الفتاة أصبحت لرجل آخر بمعنى أن احتمال استرجاعها أمر غير وارد وميئوس منه، فحتى إن رفضت الارتباط فهل سيعود لك الحب القديم..؟. بني.. أنت على عتبة الزواج، وإن بقيت أسير الماضي فلن تفلح في الفوز بالمستقبل، واعلم أن الله أراد لك أن تتزوج من قريبتك وأنه رأى في ذلك خيرا لك ولها، فلا تصغي لنداء قلبك وإلا راحت أحلامك وأهدافك مهب الرياح، فلا تطعه وابدأ بالتخطيط لمستقبلك مع قريبتك للظفر بحول الله بكل ما هو جميل إلى جانبها. بني.. تودّد إلى الله بالدعاء الخالص وحاول أن تحبّ قريبتك وترى فيها الحبيبة والزوجة وأم أطفالك إن شاء اللّه، كما أسأل الله أن يوفّقك ويسدّد خطاك لما فيه الصلاح والفلاح لدينك ودنياك.
ردّت نور