فتيات للبيع.. وبالفاتورة!
تُجّار أفارقة وأوروبيون يتاجرون بالفتيات في الكباريهات.. والـ”cv” وعدم وجود سوابق عدلية يحددان السعر
”سلعة شابة واش هدرنا فيها؟… أعطيني تشيبا نتاعي برك!…جديدة ولا ”أكسيدونتي”؟.. جامي خدمت ولكن…من دون وثائق”، هو الحوار الذي دار بين تاجر وسمسار، ولكن لا يتعلّق الأمر بصفقة بيع سيارة، وإنما المُتاجرة بأجساد الفتيات… ”شحال… واش عطاو… ساعدني” كلها مُصطلحات تُستعمل في هذه التجارة الغريبة! وهو ما وقفت عليه جريدة ”النهار” خلال التحقيق الذي قادنا إلى بعض الملاهي الليلية بغرب العاصمة، حيث مثّلنا دور التاجر الذي يعرض سلعة للبيع، وتقمّصت صحفيتنا دور الفتاة الهاربة من بيتها، والتي نُحاول أن نعثر لها على مأوى وعمل في إحدى بيوت الدعارة، أين تمكنا من الاطلاع على حقائق وبيع بفواتير وسير ذاتية، كما توصلنا في هذا ”الروبورتاج” المثير، من التفاوض مع أحد هؤلاء ”المافيا” الذي ساومنا في الزميلة.. ثمّ حدث الذي حدث، وهو ما سنرويه في هدا التحقيق.كان من الصعب اقتحام هذه النوادي الليلية، خاصّة وأنّ أصحابها ليسوا تُجارا عاديين فكثير منهم من أصحاب السوابق العدلية، بل وينتمي بعضهم إلى عصابات مُنظمة تُتاجر في المخدرات والسلاح، ومُتورّطة في تهريب السلع الممنوعة والمغشوشة، حتى أنّ بعض تلك الملاهي الليلية و حتى المُتواضعة منها، قد لا تكون إلاّ غطاء لصفقات وعمليات مشبوهة، ولكن ما جعلنا نخوض غمار المجازفة ما وصلنا من حقائق مُثيرة عن تجارة البنات، فالظاهرة ليست بالجديدة، لكنها تفاقمت وتحوّلت من مُجرد حالات شاذة إلى ظاهرة عامّة. اقتربنا من هذا العالم واستعنا بمُتعاونين ممّن نقلوا لنا تلك الحقائق، وساعدونا على كشفها، كما جنّدت ”النهار” اثنين من صحفييها، شابا وفتاة لكي يتمكّنا من نسج سيناريو، ليكون أمر مُواصلة المغامرة إلى النهاية ممكنا ويُسهل الحصول على أكبر قدر من المُعلومات والحقائق التي قد تصدم البعض منا وتقشعر لسماعها البدن.
رصّاصون وبناؤون بسطاء يُتاجرون في الفتيات!
كانت البداية من نادي ليلي بمرفق في غرب العاصمة، حيث قادنا صديقنا المدعو في الحي ”سهرنا”، ذلك أنه كان في وقت سابق يعمل بناء وفي المساء يرتاد تلك الملاهي، ليُنفق ما جناه في يومه، وعادة ما يدعو أصدقاءه ليُرافقوه، وعادة ما يُكرر سؤاله: ”سهرنا ولا ما سهرناش؟” فألصقوا به ذلك اللقب الغريب، كما ذكر أنه لم يكن يُمارس ”تجارة البنات” وإنما كان يقوم بصفقات فقط أي ”ينافيڤي” كما صارحنا بأنه، قبل أن يتوب نهائيا، كما كان يعرف رصاصين، وحُرّاسا بُسطاء يفعلون مثله في الليل، وما إن ينقضوا على فتاة تائهة أو هاربة حتى يُحوّلوها إلى سلعة تابع وتشترى، كما وصف هذا بالعمل الخيري…”خير ما تبات برا، ويغتصبوها، تريح في كباريه حتى يفرج ربي وأنا ندي تشيبتي”.انتقل ثلاثتنا، الصحفيّون (شاب وفتاة) ودليلناو هذا الذي قال إنه ترك هذه الأماكن منذ مدّةو وكانت وجهتنا في البداية ملهى ليلي شهير في تيبازة، انتقلنا إليه في حدود الساعة السابعة مساء، لكنّ السهرة لم تكن قد بدأت بعد. انتظرنا قليلا، فلم نعثر على ما يُمكن أن يُفيدنا في تحقيقنا، حتى أنّ ”سهرنا” استعجلنا لنُغادر ونقصد مكانا آخر، قال إنه سيعثر فيه على معلومات يمكن أن تهمنا.
”ايميغريات” يتحوّلن إلى طعم في أيدي تجار البنات!
ونحن ندخل موقف الملهى في سيارة من نوع ”توينغو” ترقيم 2001، كان مُرافقنا ”سهرنا” يحكي لنا عن أدقّ التفاصيل المُتعلقة بشبكات الدعارة التي تنشط في المكان، بدءا من بعض الأحياء القصديرية التي تشوّهت سُمعتها بفعل ما يرتكبه بعض المُنحرفين من سُكّانها، وتحولهم إلى زبائن دائمين في الملاهي الليلية، وكان دليلنا يُشير إلينا من حين لآخر عن زبائن كانوا يقفون عند باب الملهى…”، هذه المرأة صاحبة الخمسين سنة قدمت من إحدى الولايات ا لداخلية، مُتزوّجة وتدفع لمن يُضاجعها… وذلك الشاب ابن مسؤول معروف يأتي إلى هذا النادي الحقير لكي يُتاجر بلقب والده في إنجاز الصفقات”، كما لاحظنا وجود رجل، قال دليلنا إنه من الكاميرون وهو الآخر يشغل البنات في الملهى، وهو ما يفعله أوروبيون أيضا في الملاهي الراقية … وهكذا … وكان صاحبنا يمرّ من أمام هؤلاء الذين تجمعه مع بعضهم معرفة سابقة فيُحيّيهم”! ولكن ما أثارنا قبل حتى أن ندخل الملهى، هو ما قصّه علينا من أمر فتاة شابة كانت تقف حاملة هاتفا نقالا، قال لنا ”سهرنا” إنها شابة فرنسية الجنسية، جزائرية الأصل، قدمت لتستقرّ في الجزائر رُفقة زوجها، ولكنها لاقت صُعوبات في العيش مع والديه، فتركها، ووجدت نفسها في الشارع، بلا عائلة ولا بيت، وأضاف مُحدثنا أنّ شابا تلاعب بها و”دار بيها لافار” حيث أبدى إعجابه بها، واستعداده بالزواج منها على أن تُمكّنه من الحصول على الجنسية، ولكنه سحب منها جميع وثائقها من أجل ما قال إنها ”إجراءات ضرورية لتسهيل ارتباطهما” صدّقته فمنحتها له، وفي نفس الليلة باعها للمدعو ”محبوباتي”.
لولا ”زدمات” الدرك لتحوّل الملهى الليلي إلى وكر دعارة!
كان عُنواننا لتلك الليلة، المدعو ”محبوباتي” كما يحلو لدليلنا ”سهرنا” أن يُسميه. ونحن نركن سيارتنا بالقرب من الملهى الليلي، صادف وُصولنا اندلاع شجار بين مجموعة من الأشخاص منهم نساء ورجال، كانوا يتقاذفون الشتائم وتعارك البعض منهم بالأيدي. تردّد دليلنا في إمكانية دخول زميلتنا إلى الملهى، قال إنها مُغامرة غير محسوبة العواقب، وإنّ المكان ”أبعد من أن يكون مسرحا للتسلية”، ولكننا أصررنا على الدخول، تركت الزميلة حقيبتها في السيارة، وتخلصنا من كل الأشياء والحلي التي يُمكن أن تُثير الشبهة أو تجعلنا مطمع اللصوص، وانتقلنا من موقف السيارات إلى الملهى تحت نظرات المارّة الذين يروننا لأوّل مرّة في المكان، وربما تساء لوا بينهم وبين أنفسهم عن هوّيتنا، إلى أن اعترضنا حارس الملهى طالبا منا الوثائق الخاصّة بالزميلة الصحفية، حاول ”سهرنا” أن يتدخّل لكي نتفادى هذا الإجراء الذي من شأنه أن يُشكل خطرا علينا، غير أنّ الحارس أصرّ بحجة أنّ الدرك يقوم بدوريات تفتيش دائمة، ومن المُجازفة بمكان أن يعثر داخل المحل على فتيات قصّر، أو من دون وثائق، وأضاف: ”لولا الدرك لحولناه إلى بيت دعارة”. عُدنا بالزميلة إلى السيارة وتركناها هناك، كي ندخل للبحث عن الرجل الذي من المفترض أنه يُتاجر في البنات. لم يكن موجودا، بحث ”سهرنا” عن رقم الهاتف الخاص به من بعض الأشخاص الذين يعرفونه، اتصل به، فأجاب أنه قادم.
مُطربون يُروّجون لأغاني تهين المرأة!
انتظرنا في الملهى الذي كان مُكتظّا عن آخره، لأن حضورنا صادف ليلة الخميس، كان يتمّ التحضير لبعض الوصلات الغنائية لمغنيي راي غير معروفين، كما حضرت مغنيات… مجون وطرب على موسيقى وكلمات تُهين المرأة…”تحبني كي نقارشها…تحبني كي نضربها”! والحضور يتراقصون على هذه النغمات، إلاّ الذين قدموا لإنجاز صفقات فانزووا في أركان الملهى الواسع، أمّا الباقون صعاليك وأغنياء، شباب وشيوخ، ”ولاد السيكتور” والذين قدموا من مناطق بعيدة من الوطن للاسترزاق، جمع هؤلاء كلهم حبّ الدعارة والإجرام وجني المال المشبوه، حتى ولو كان ذلك بأجساد فتيات بريئات!
فتاة تُباع بالفاتورة أمام الملأ!
جاء ”محبوباتي” وهو رجل طويل عريض، جميل الوجه لا تبدو عليه ملامح الصعلكة، وأدركنا فيما بعد أنه لا يقرب الخمر، غير أنه اتّخذ من توظيف البنات وإقحامهنّ في عالم الدعارة مِهنة له، اتخذ مكانه مُقابل الركح لكي يرى جميع من يدخل ويخرج من المحل، صافحنا وسلّم على ”سهرنا” وسأله عن غيابه، جلس وحدّثه دليلنا عن فتاة ليس لها مأوى، وفارّة من بيتها، وقال له: ”لافار يا جدك”. تردد الرجل، وبدا متضايقا، قال إنّ مشاكل كثيرة جلبتها له الفتيات اللائي يُتاجر بهن قال إنّ:”واحدة تسأم فجأة حياة الدعارة، وفتيات أخريات يأتي أولياؤهن للبحث عنهن عندنا خاصّة منهنّ ساكنات البيوت القصديرية، وعقب على الوضع بسُخرية ”كما لو لم نكن في ملهى وإنما في ”جاك المرسول، قال الرجل هذا ثمّ راح يُقهقه بصوت مُرتفع. وبعدما أشعل سيجارته، قصّ علينا ما حدّث له مع ”ابن حيّ” جلب له فتاة لكي يُوفّر لها مأوى وزبائن لمدّة شهر قبل أن تُسافر إلى تونس، وطلب منه أموالا مُقابل الفتاة، فأجاب ”محبوباتي” أنه لا يحمل نقودا وأنه سيُعطيها له في وقت لاحق، لكنّ الرجل لم يثق في كلامه، فطلب منه فاتورة حتى يطمئن! ولأنّ المكان كان مُكتظا، راح الجميع يضحك من ردة الفعل هذه…ضحك جميعهم إلاّ الفتاة التي كانت مُنزوية تستمع إلى حديثهم…فراحت تبكي.
أسعار البنات بدون وثائق ”طايحة” في السوق!
خرج ثلاثتنا من الملهى باتجاه موقف السيارات وكانت الزميلة تجلس في المقعد الخلفي للسيارة، طلب منا ”محبوباتي” أن نُشعل له الضوء الداخلي للسيّارة، ففعلنا، فراح ”محبوباتي” يتطلّع إليها لكي يدقق في تفاصيل جسدها، كان يُشبه زبونا أمام محلّ تجاري وكانت الزميلة جريئة وهي تنظر إلى وجهه، فأذهله أن يرى فتاة بمثل مُواصفاتها، بيضاء البشرة، صاحبة عينان خضراوان مُستعدّة للعمل في مثل هذا المكان، خاصّة وأنّ مظهرها لم يكن يُوحي بأنها ارتادت هذه الأماكن من قبل، حيث أنّ أول ما قاله ”محبوباتي” بعد أن سأل زميلتنا عن حالها، التفت إلينا وسأل ”سهرنا” عن ماضيها إن كانت قد عملت في أماكن أخرى أم لا؟ داخل أو خارج العاصمة؟ وحدها أو مع أشخاص آخرين؟ وبدا الرجل مستعجلا، فأنهى حديثه بالقول:”آرى” كلّ ”السي في” (السيرة الذاتية) نتاعها. أجاب دليلنا أنها ما شي”أكسيدونتي” (عذراء)، وهوالأمر الذي جعل الرجل يهتم بالموضوع أكثر، لكن حماسه قلّ عندما صارحناه أنها لا تحمل وثائقها، وعلق على ذلك ساخرا: ”حبيتوني ندي سيّارة بلا كوارط؟”. وأضاف: ”ما خصونيش مشاكل”، واتفقنا على أن نحضرها في وقت لاحق، فقال محبوباتي إنه يمكن أن يُشغّلها مُقابل 2 مليون سنتيم ونصف، ولكننا أبدينا تحفظنا، فحسب أن المبلغ لم يعجبنا فرفعه إلى 3 ملايين، فلم نوافق، وكانت الطريقة المُثلى للتخلّص من الرجل.
فتيات يمضين تعهدات شرفية لدخول عالم الدعارة!
غادرنا المكان، وفي طريق العودة جعلنا فضولنا نسمع من ”سهرنا” بعض المعلومات الهامّة حول الموضوع، ذكر أن مُواصفات الفتاة المثالية لهكذا نوع من التجارة يجب أن تكون بالغة وصغيرة السن، وأن تكون صاحبة بشرة سمراء، لا ”بو بلوند” وأن تكون مُمتلئة الجسم، لأنّ هذا ما يطلبه الزبائن عادة، وعن الأسعار التي تمنح لمن يحضر فتاة ”جاهزة” للعمل فهي خاضعة لمجموعة من المقاييس، منها كونها عذراء أم لا، وإذا ما كانت قادمة بمحض إرادتها أم كانت مجبرة على الدخول لهذا العالم، فيرتفع ”سعر الفتاة” أو ينخفض حسب هذه المعايير التي تدخل في ثراء السيرة الذاتية، كما سبق وأن أشرنا فتاة مثل زميلتنا، يُمكن أن يصل سعرها إلى 3 ملايين سنتيم، إذا ما أحسنا التفاوض، حسب أسعار ”سهرنا” التي كان يتعامل بها، لكن قد تباع الفتاة بسعر 250 دينار قيمة قطعة ”شيرا” أراد أخوها أن يشتريها، غير أن المُذهل ما تفعله بعض الفتيات اللائي يعملن في هذه الأماكن برغبتهن، إذ يتعهّدن ”شرفيا” بعدم ترك هذا العمل.