هل تقدر العدالة الجزائرية على محاسبة الحوت الكبير؟
تطرح حادثة تعرّض مبنى مجلس قضاء الجزائر، لعملية اقتحام من طرف أشخاص مجهولين، الكثير من التساؤلات، ليس فقط بشأن هويات المقتحمين ودوافعهم والأضرار التي يكونوا قد تسبّبوا فيها، أو حتى الملفات التي استحوذوا عليها، ولكن أيضا تساؤلات حول جدوى تحريك العدالة الجزائرية لمتابعة ملف فضيحة سوناطراك، ومحاسبة المتورّطين فيها، خصوصا بعدما تبيّن أن من المتورطين فيها مسؤولون من العيار الكبير، أو كما يُطلق عليهم بالتعبير العامي ”الحوت الكبير”.عملية اقتحام مقر مجلس قضاء الجزائر، لم تكن مجرد فضيحة بالمعنى الكلاسيكي للكلمة، بل إنها كانت أيضا مؤشرا ذو دلالات كافية على أداء جهاز العدالة الجزائرية، جهاز عجز عن حماية مقرّاته من أيدي العبث ويُعوَّل عليه لمكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين. ويصبح موضوع جدوى تكليف جهاز العدالة الجزائرية بتتبّع ملفات الفساد وضرب المفسدين، من الأمور المضحكة، عندما يسمع الجزائريون أن أجهزة كاميرات المراقبة المنصوبة داخل مقر مجلس القضاء وفي محيطه كانت كلّها معطلة، الأمر الذي صعَّب من مهمة تحديد هويات المقتحمين. وبالعودة إلى التزامن بين حادثتي إثارة المزيد من روائح الفساد في سوناطراك وبين حادثة اقتحام مقر مجلس القضاء، يصبح في حكم المؤكد أنه من العبث التعويل على أداء جهاز العدالة الجزائرية لمحاسبة شكيب خليل على سرقاته، بل إنه قد يمكن تصوّر استفادته من حكم بانتفاء وجه الدعوى وتمتيعه باعتذار من جانب السلطات باسم الشعب الجزائري، على ما لحق به من إهانات. هذه النبرة التشاؤمية تجاه أداء جهاز العدالة في الجزائر تصبح مشروعة أكثر فأكثر بالعودة إلى ما ورد في بيان المديرية العامة للأمن الوطني الذي قال إن مصالح الشرطة لم تتلقَ من جهاز العدالة أي أمر بمنع شكيب خليل من مغادرة التراب الوطني. كما أن التحرّك المتأخّر في تفتيش مقرات إقامة شكيب خليل وعدد من ممتلكاته العقارية، وذلك بعد أكثر من شهرين من بدء نشر فضائحه في سوناطراك، يثبت أن الجزائريين باتوا على موعد مع فصل مستنسخ يُذكّرهم بما حدث في فضيحة الخليفة، بعدما تمكن عبد المومن خليفة من الفرار إلى بريطانيا، فيما يبقى الجزائريون ينتظرون تجسيد وعد وزير العدل السابق بجلب الملياردير الهارب إلى الجزائر.