تأجيل قضية الخلفية وجلسات استماع على انفراد للوزراء
مصفي الخلفية: ” 120 مليار دج إجمالي الديون وأكثر من 500 ضحية لم يتمّ تعويضه”
العدالة تسخّر القوّة العمومية لاستدعاء الشهود لحضور المحاكمة الدورة المقبلة
بعد 3 ساعات من المداولات القانونية، وفي قرار غير منتظر، أعلن القاضي ”منور عنتر” عن تأجيل ملف ”الإمبراطورية المنهارة” إلى الدورة القادمة، من دون تحديد تاريخ لها، آمرا باستخراج الرئيس المدير العام لمجمع ”صيدال” من المستشفى ليمثُل شخصيا أمام العدالة بصفته متهما رئيسيا في الفضيحة.وفيما يبقى الرقم الأول في المعادلة هاربا في عاصمة الضباب، أمر رئيس الجلسة، بإعادة توجيه استدعاءات رسمية إلى كافة الشهود البالغ عددهم 312 شاهد، من بينهم وزراء ومسؤولون سامون في الدولة، على غرار وزير السكن والعمران، وزير المالية ووزير الشؤون الخارجية، مع الأمر بالتحقيق عن مدى صحة وفاة المتهمين واستخراج شهادات الوفاة الخاصة بكل واحد منهما، مع رفع الحجز المدني عن 8 متهمين وإيداعهم رهن الحبس.ويأتي قرار التأجيل الذي جاء مناقضا لـ”الضمانات” التي قدّهما القاضي منور للمتهمين الموقوفين في الزيارة التي قادته إلى المؤسسة العقابية، بعد عجز دفاع المتهميْن المتوفيين تقديم شهادة الوفاة واكتفيا فقط بإدراج محضر البحث بدون جدوى الصادر في حقهما.
نقاش حادّ بين تشكلية المحكمة وهيئة الدفاع حول ”شهادة الوفاة”
أثارت قضية وفاة متهميْن اثنين ووجود ثالثهما في المؤسسة الصحية، من بينهم المدير السابق لبنك التمنية المحلية، و”علي عون” الرئيس المدير العام السابق لمجمع ”صيدال”، جدلا ونقاشا حادّا بين رئيس المحكمة الجنائية وبين النائب العام ودفاع المتهميْن ”المتوفيين”، حيث ثارت ثائرة الأستاذ إبراهيمي عندما طعن القاضي ”منور عنتر” في صحة وفاة المتهميْن بدعوى أن اثنين لم يُقدّما شهادة الوفاة، في حين اكتفى دفاع الثالث بتقديم محضر بحث بعدم جدوى، حيث راح المحامي يؤكد، ”وكيف هذا؟.. أيُعقل أن تُحاكم الموتى حتى في الآخرة؟!”، قائلا إن السبب وراء عدم تمكين هيئة الدفاع من تقديم شهادة الوفاة، هو الخروقات التي تضمّنتها عمليات الاستدعاء، إذ أكد أن عائلات المتوفين لم تتلق أي استدعاء لحضور جلسة المحاكمة، مما حال دون استخراج شهادة الوفاة من مصالح الحالة المدنية، قبل أن يعود ويؤكد أن موكّله ”الهادي عڤون” استفاد من قرار قبول الطعن بالنقض الذي تقدّم به أمام المحكمة العليا، وقد تم تسجيل استدراك بذلك، إلا أن النيابة العامة بمجلس قضاء البليدة، لم تستكمل كل الإجرءات لإدراج اسمه ضمن قائمة المتهمين المعنيين بمحاكمة اليوم. أما هيئة دفاع المتهم ”علي عون” فقد قدّمت ملفا طبّيا حول علاجه في المستشفى لتبرير غيابه عن المحاكمة. كل هذا دفع بالنائب العام إلى التأكيد على أن عدم تقديم شهادة الوفاة يقود إلى القول بتغيّب وتخلّف المتهمين عن المحاكمة وتنصّلهم من مسؤوليتهم الجزائية، مفوّضا الأمر إلى القاضي الذي أكد أن حضور المتهميْن واجب قانونا وأن عدم تقديم أي دليل عن وفاتهما يضعهما تحت طائلة التخلّف عن الحضور.
تبون ومدلسي.. جودي وسيدي السعيد وأبو جرة سلطاني لم يتم استدعاؤهم
”أغلب الشهود مسؤولون سامون في الدولة، وهذا ما يدفعني إلى اتّخاذ إجراءات خاصة لاستدعائهم تباعا، من خلال تسطير برنامج خاص بهم، حيث سيمثلون جميعا مهما كانت صفتهم… والذين يتخلّفون عن الحضور فالعدالة لها كل السلطات والصلاحيات لاستدعائهم من أجل حضور الجلسة بموجب أوامر الضبط”..هو ذا تدخّل رئيس المحكمة الجنائية مباشرة بعد انتهائه من مناداة الشهود، حيث أكد القاضي ”منور عنتر” أنه سيتم إلزام كافة الشهود بحضور جلسة المحاكمة على الرغم من أن الأغلبية الساحقة يتقلّدون مناصب حسّاسة في الدولة، وفهم الجميع أن الأمر يتعلّق بوزراء حاليين كانوا معنيين بالقضية في وقت سابق، على غرار وزير السكن عبد المجيد تبون، ووزير المالية كريم جودي، ومراد مدلسي وزير الخارجية، إلى جانب أسماء أخرى على غرار عبد المجيد سيدي السعيد، والذين أكدوا جميعا أنهم غير معنيين بالقضية ولم يتم استدعاؤهم، على الرغم من مثول كل من محافظ بنك الجزائر ومحمد حناشي رئيس نادي شبيبة القبائل بمعية لخضر بلومي وسعيد عليق.والملاحظ من خلال قراءة بسيطة في أسماء ووظائف المتهمين والشهود البالغ عددهم 300 شاهد، هو أن أغلبهم مديرون عامون للمؤسسات والهيئات العمومية التي أودعت أموالها في بنك الخليفة الخاص.وقد دفعت طبيعة تشكيلة المتهمين إلى الاستنتاج بأنه لايمكن انتظار الكثير من هذه المحاكمة باعتبار أنها ستقتصر على مقاضاة مديري الشركات والهيئات العمومية التي أودعت أموالها في البنك الخاص عوض إيداعها في البنوك العمومية، وقد لا تتعدّاها إلى محاكمة الأطراف التي قدّمت لهؤلاء المديرين ”أوامر” للقيام بهذه الخطوة.كما تجدر الإشارة إلى أن قائمة الشهود مثلما جاء في قرار الإحالة، تضمّنت أسماء وزراء حاليين على غرار وزير السكن عبد المجيد تبون، وكريم جودي وزير المالية، ومراد مدلسي وزير الخارجية، ومحمد روراوة، وحناشي رئيس نادي شبيبة القبائل، وأبو جرة سلطاني، وجبور محمد، وسعيد عليق، ولخضر بلومي، ولكصاسي محافظ بنك الجزائر، إلى جانب سيدي السعيد، وعزي عبد المجيد رئيس فيدرالية المتقاعدين، ومراكش بوعلام رئيس فيدرالية أرباب العمل، وبوشمال بلقاسم المدير العام للوظيف العمومي، ونور الدين بوطرفة الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للكهرباء والغاز.
229 شاهد غاب عن أول جلسة محاكمة
مثُل أمام رئيس الجلسة، 83 شاهدا من أصل 312 شاهد، تم استدعاؤهم بعد إعادة فتح ملف ”الخلفية”، من بينهم محافظ بنك الجزائر الذي تقدّم شخصيا أمام المجلس، إلى جانب رئيس نادي شبيبة القبائل محند حناشي الذي أكد في تصريح لـ”النهار”، أنه يثق في العدالة الجزائرية وأن دخوله مجلس قضاء البليدة كان بصفته شاهدا وسيخرج منه كذلك، في حين أوضح لخضر بلومي أن لا تعليق له حول القضية، وأن كل ما لديه من تصريحات سيُدلي بها يوم الجلسة.
الأستاذ بولفراد: ”لا جديد في القضية في ظلّ غياب العلبة السوداء”
كشف الأستاذ جمال بولفراد، في تصريح لـ”النهار”، أن المحاكمة في ظلّ غياب العلبة السوداء المتمثّلة في عبد المومن خلفية، لن يطرأ عليها أي جديد، قائلا، إن القضية واحدة من أبسط القضايا التي تعالجها محكمة الجنايات، وأن الجرائم المتابع من أجلها المتهمون هي جرائم أموال تطرح بإلحاح منقطع النظير، ومن ثمّ فإن رجوع القضية بعد الطعن تعني من الناحية القانونية إعادة النظر فيها برمّتها وعلى القاضي أن يطبّق القانون تطبيقا سليما بناءً على التصرّفات المادية التي يتوخّاها كل متهم”.
ميلود إبراهيمي: ”أنا ضدّ التأجيل والخليفة جاءت لإلهاء الجزائريين عن الفضائح الأخرى”
أوضح الأستاذ ميلود إبراهيمي، أنه ضدّ التأجيل الذي أعلن عنه رئيس الجلسة، قائلا إن الأحكام التي سيتم إصدارها تتراوح ما بين 5 و10 سنوات، في حين تقدّر الغرامات المالية من 20 مليونا إلى مليار سنتيم، موضحا أن قضية الخليفة أو كما يُطلق عليها تسمية ”فضيحة القرن”، جاءت لإلهاء الجزائريين عن متابعة فضائح القرن الأخرى.
مصفي بنك الخليفة:”إجمالي الديون بلغ 120 مليار دينار و80 ألف مدان استفاد من 60 مليونا كتعويض”
أفاد ”باديس منصف” مصفي ”الخليفة بنك” في تصريح لـ”النهار”، عقب تأجيل القضية، بأن إجمالي الديون بلغ 120 مليار دينار، دفع منها ما قدره 7 ملايير دينار لفائدة المدانين الذين استفادوا من التعويضات، قائلا إن عددهم الكلي وصل إلى حدود 80 ألف ضحية، استفادوا كلّهم من تعويضات قُدّرت بـ60 مليون سنتيم، من بينهم 11 ألف و570 ضحية استفادوا من تعويض بنسبة 5 من المائة، مشيرا إلى أنه تم إحصاء 500 ضحية دائن لم يستفيدوا بعد من التعويضات الخاصة بهم، مؤكدا أن العملية لن تستغرق 3 سنوات، وأن أغلبية الذين تم استدعاؤهم لتحصيل التعويضات رفضوا التقدّم بدعوى أن المبالغ المالية ”رمزية”.