المرزوقي يقول ان تونس ليست مصر و جيشنا جيش احترافي لا يتعاطى في السياسة
قال رئيس الجمهورية التونسي ” المنصف المرزوقي” في حديث إلى جريدة “لو موند” الفرنسية أمس، إن جيشنا جيش احترافي لا يتعاطى في السياسة”.وأضاف المرزوقى، بالثقة نفسها، أن الذين اغتالوا الأمين العام لـ “التيار الشعبي” كمثل الذين اغتالوا قبل خمسة أشهر، رفيقه شكري بلعيد، يهدفون إلى “زعزعة الاستقرار في البلد وعرقلة عملية الانتقال الديمقراطي” مضيفا هو ورفاقه هم ورقة التوت التي تخفي الخواء السياسي، والوجه الاستبدادي لحركة “النهضة”.وما تبريره التسطيحي للجريمة النكراء التي ارتكبت هذه المرة أيضا بوجوه مكشوفة في وضوح النهار، من قبل مشتبهين تقول السلطة إنها تعرفهم، سوى جزء من الخطاب الفولكلوري الذي يتقنه نزيل قرطاج.ولن تكفي كلمته إلى الأمة، لتهدئة الغضب الشعبي الذي اشتعل من العاصمة إلى سيدي بوزيد، مسقط رأس البراهمي ومهد ثورة “14 جانفي” ستزداد وطأته اليوم خلال جنازة القيادي في ائتلاف “الجبهة الشعبية” اليساري المعارض، وهو يوم حداد وطني واضراب عام دعا اليه “الاتحاد العام التونسي للشغل”.كما نسى رئيس “حزب النهضة” راشد الغنوشي، لوهلة قلقه على مصير الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، ليستنكر “الجريمة الجبانة”، فيما أخرج وزير الداخليّة التونسي لطفي بن جدّو من قبّعته أرنبا اسمه بوبكر حكيم، قاتل البراهمي المفترض “بالسلاح نفسه الذي استعمل لاغتيال بلعيد”، هذا ما اكتشفته أجهزته بسرعة خارقة في أقل من ٢٤ ساعة على الجريمة.كان الإرهابي الخطير، رفيق كمال القضقاضي المتهم باغتيال بلعيد حسب السلطة، قيد المراقبة والتعقّب، ولا نعرف لماذا لم يعتقل، وكان يسكن قرب منزل ضحيّته المفترضة، عند خالته في الأريانة، ومع ذلك على التونسيين أن يصدّقوا أنّه امتلك كل الوقت لرصد الموقع والتخطيط للجريمة وتنفيذها في الذكرى الـ٥٦ لإعلان الجمهوريّة التونسيّة.كما ليقول للعرب أجمعين: ممنوع الجمهوريّات بعد اليوم، هل نرى في هذا العنف، تعبيرا عن خوف يعتمل في لاوعي الإسلاميين التوانسة أمام مشهد “التصفية” الذي يتعرّض له الإخوان في مصر؟ منطق الشارع التونسي مختلف تماما، والرأي العام يعتبر السلطة مسئولة بشكل مباشر أو غير مباشر عن الدم الذي سال مجددا.دم مناضل وطني وعروبي وعلماني يدعم المقاومة ويرفض المساومة على دم الشعب السوري، “النهضة” هي المسئولة بسبب خطابها الإقصائي العنيف الذي يلتقي في الجوهر مع المشروع السلفي، ومناوراتها للالتفاف على الدستور الجديد واحتكار السلطة، وجرّ تونس إلى زمن الانحطاط المديد.لذلك يرتفع اليوم مطلب واحد هو إسقاط الحكومة، وحل المجلس التأسيسي، واستقالة رئيس الجمهوريّة، طبعاً ستتمسّك «النهضة» بالسلطة، وستتحصّن “بالشرعيّة”، وستلعب بنار الحرب الأهليّة، لكن إلى متى؟ هناك علامة استفهام كبرى هي الجيش الذي كلّفه رئيس الجمهوريّة “تنظيم الجنازة” اليوم: ترى ما سيكون دوره في المرحلة المقبلة؟.بدأت تمرّد التونسيّة تشق طريقها أسوة بأختها الكبرى، وحكومة علي العريّض، قد تقاوم الشارع لبعض الوقت، لكنّها مجبرة في النهاية على التراجع، لا يمكن تنظيم انتخابات تشريعيّة ورئاسيّة في تونس، من دون قيام حكومة وحدة وطنيّة هي الضمانة الوحيدة للديمقراطيّة التي رفعت لواءها ثورة 14 جانفي 2011.