ممرّضو البركة و الطّهار .. لختان الأطفال
وزارة الصحة: الختان لابد أن يكون من قبل طبيب جراح
المواعيد في المستشفيات لمن استطاع إليها سبيلا
أيام معدودات فقط تفصلنا عن ليلة القدر، وهي الليلة التي تتبرك بها العديد من العائلات الجزائرية، من خلال ختان أبنائها، وهنا تختلف الطرق المتبعة من منطقة إلى أخرى، فهناك من يتوجه إلى المستشفى لإجراء العملية وهناك من يلجأ إلى «الطهّار»، وآخرون إلى ممرض البركة، دون الأخذ بعين الاعتبار المخاطر التي يمكن أن يكونوا عرضة لها.تعد عملية الختان عملية مصيرية في حياة أي طفل، إذ أن اقتراف أبسط خطإ قد يكلفه العيش في تعاسة مدى الحياة، كما كان الحال لأطفال الخروب في قسنطينة منذ أزيد 8 سنوات.
باروك الفرملي للظفر بمكان للختان
لم يجد العديد من الأولياء الذين يرغبون في ختان أبنائهم بمناسبة شهر رمضان المعظّم سوى الرضوخ لمطالب بعض الممرضين، الذي انتهزوا الفرصة ليفرضوا عليهم دفع مبالغ مالية مقابل موعد مع الطبيب المتخصص، وإن كان هؤلاء يطلقون على المبلغ ‘’باروك’’ الختان، إلا أن إدارات المستشفيات لم تتدخل إلى حد الآن لتوقيف هذه الممارسات، وتطبيق قاعدة العلاج المجاني، وأثناء تواجد «النهار» بالمستشفى الجامعي نفيسة حمود «بارني سابقا»، أكد لنا بعض الأولياء أنهم اضطروا لتسديد مبالغ مالية، من أجل الظفر بمكان، بالنظر إلى الطلبات الكثيرة، والاكتظاظ الذي تعرفه المستشفيات في هذه الفترة، فما على البعض سوى تسديد «الباروك»، للظفر بمكان، ودخول ابنهم قاعة العمليات مع الأوائل.
«وقت الصح غير معريفتك اللّي تسلكك»
من مستشفى نفيسة حمود، توجهنا إلى المستشفى الجامعي مصطفى باشا بالعاصمة، وبالتحديد قسم جراحة الأطفال، تقدمنا إلى مكتب السكرتارية، لنتزود بمعلومات حول الإجراءات اللازمة للحصول على موعد لختان أحد الأطفال، فأجابت السكرتيرة: «خلاص رانا كومبلي»، أي لم يتبق مكان لأن المواعيد تم حجزها قبل رمضان، كما أن المستشفى يتعامل مع العديد من الجمعيات لختان الأطفال، بالمقابل تفاوتت آراء الأولياء، فمنهم من قال إنه يعرف فلانا وآخر يعرف «فلتان»، كما أن المواعيد تم أخذها عن طريق الهاتف فقط.
أما بالمستشفى الجامعي لبني مسوس، وجدنا نفس الأجواء تقريبا في قسم جراحة الأطفال، وأوضح أحد الأطباء هناك أنه تتم برمجة أزيد من 20 عملية يوميا، ولا يقوم بها إلا الجراحون، حرصا على سلامة الأطفال، والعملية تتم وفق الشروط الكيفية التي حددتها وزارة الصحة، وذلك بالمقص بعد التخدير المحلي، مشيرا إلى أنه لن يتم استعمال المكواة الحرارية في أي من العمليات.
أطباء عامون وأعوان تخدير لإجراء الختان في ڤالمة
تقوم العديد من العائلات بتنظيم فطور يلم شمل العائلة ووضع الحناء في يدي الطفل الصغير وهو يرتدي لباسا تقليديا يكون مطرزا وعليه البرنوس الذي يعتبر لازما لكل طفل يختن، هذا يوم قبل الختان، فيما يتوجه الطفل رفقة والده وأقربائه في اليوم الموالي إلى العيادة الطبية المتخصصة أو عند ما يعرف بڤالمة «الطهار»، وبذلك تكون عملية الختان قد تمت، وفي الوقت الذي شددت فيه وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات في العديد من المرات على ضرورة إجراء عملية الختان داخل عيادة متخصصة أو داخل غرفة العمليات بالمستشفى وتحت إشراف طبيب جراح، لاتزال العديد من العائلات تأخذ أطفالها عند أطباء عامين وكذا أخصائيي التخدير الذين لا يحوزون على رخصة تأهلهم لإجراء عملية الختان لتبدأ بعد ذلك رحلة البحث عن العلاج بعد المضاعفات التي قد تصيب الطفل بعد عملية الختان.
شيوخ البركة لختان الأطفال في أم البواقي
تستغل جل العائلات عبر بلديات ولاية أم البواقي شهر رمضان الكريم، وبالخصوص ليلة القدر المصادفة لـ 27 منه لختان أبنائهم فرديا أو جماعيا، حيث تقوم الجمعيات ذات الطابع الاجتماعي بالتكفل بالأطفال المعوزين من خلال جمع أكبر عدد منهم ليتم شراء لهم لوازم الختان، ثم الاتفاق مع أحد الجراحين المختصين للقيام بالعملية فيما تقوم عائلات أخرى بختان أبنائها على حسابها الخاص وهذا من خلال اللجوء إلى جراح أو الذهاب إلى أحد الشيوخ المختصين والمعروفين على مستوى تلك البلدة بختان الأطفال بالطريقة التقليدية التي تراجعت نسبتها مقارنة مع السنوات الماضية.
«الطّهار» المتوارث أبا عن جد في بشار
عملية الختان بمنطقة الجنوب الغربي في بشار، ظلت إلى عهد جد قريب تجرى بالطرق التقليدية عند شيوخ أطلق عليهم اسم «الطهار» توارثوها أبا عن جد، حيث يبقى التقدم الطبي الذي وصلت رياحه منطقة الجنوب الغربي على غرار باقي ولايات الوطن مرفوضا في بعض المناطق التي لازالت تعتمد على ختان أبنائهم بالطرق التقليدية المذكورة.
الختان بالمقص التقليدي يتسبب في مقتل طفلين بالبيض
يتميز الختان التقليدي بالبيض بالاعتماد على الآلات التقليدية منها المقص، إلا أنه السنة الماضية راح ضحيته طفلان من منطقة وادي الناموس بصحراء البيض تعرضا لأعراض صحية جانبية والتهابات حادة في المسلك البولي أدت إلى وفاتهما بمستشفى بشار بعد أن نجا طفلان آخران من نفس العائلة من الموت المحتم بعد نقلهما إلى المستشفى، وبعد التحقيق تبين أن الشخص الذي قام بالختان شيخ مسن يمارس المهنة منذ أربعين سنة من دون انقطاع بنفس الطريقة التقليدية مقيم بدائرة الأبيض سيدي الشيخ تم القبض عليه، ومع هذا ما زال بعض «الطهارة» كما يطلق على تسميتهم يمارسون المهنة وخصوصا بالمناطق النائية عند أبناء البدو الرحل أين تنعدم المرافق الصحية بهذه الجهات.
ممرضو «البركة» يتنقلون لختان الأطفال بمنازلهم في وهران
وفي وهران، تلجأ العديد من العائلات للممرضين في عمليات ختان أطفالها، حسب شهادات الكثير، الذين أكدوا أن العملية تتم بطريقة عادية من دون أية مضاعفات أو أخطاء طبية، معتمدين في ذلك على أدوات معقمة من بينها المقص، وهذا سواء أجريت العملية بالمنزل العائلي للطفل أو بمصلحة الاستعجالات الطبية لمستشفى وهران، حيث تجرى أغلب عمليات الختان بإشراف ممرضين لديهم خبرة تفوق 20 سنة، فيما تفضل عائلات أخرى، إجراء عمليات الختان لأبنائها بالمصالح الاستشفائية خصوصا الاستعجالية منها، لحسن التغطية الطبية في حال وقوع أي مضاعفات، لكن من هؤلاء الممرضين من يتنقل إلى المنزل العائلي، بطلب من أولياء الطفل، لإجراء عملية الختان مقابل مبلغ تحدده العائلة.
وزارة الصحة: الختان لابد أن يكون من قبل طبيب جراح
وفي هذا الشأن، أكدت وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات أن عملية الختان لا يمكن أن يمارسها سوى طبيب جراح، وبصفة حصرية داخل مرفق صحي عمومي أو خاص يستوفي كل شروط السلامة اللازمة لنجاح هذا العمل الجراحي.وأوضحت الوزارة، أن الإجراءات الحصرية تدخل في إطار الحفاظ على سلامة وصحة الأطفال، وتمليها الضرورة تفاديا لتكرار بعض الحوادث المؤلمة التي حولت الفرح إلى قرح.وذكرت بأن عملية الختان سواء كانت فردية أو في إطار حملة جماعية تخضع للتدابير التنظيمية السارية المفعول، وبالخصوص التعليمة الوزارية رقم 006 المؤرخة في 05 جوان 2006 المتعلقة بالتكفل بعمليات الختان.