إعــــلانات

حكايتي مع عمّتي وابنها الذي أسرني في بلاد الكفرة

حكايتي مع عمّتي وابنها الذي أسرني في بلاد الكفرة

عن طيب خاطر ومن دون قيد ولا شرط، أردت سرد حكايتي لتكون عبرة لبنات جنسي بعدما اقترفت في حق نفس جرما وقضيت على أحلامي وتطلّعاتي لأني انبهرت بالمظاهر الزائفة واتّبعت بهارج الدنيا فكانت النتيجة غربة وهجر للديار، هذا في الدنيا وما خفى من أمر الآخرة كان أعظم .نشأت في حي شعبي من الأحياء القديمة بمدينة سطيف بين أحضان أسرة بسيطة، كان والدي عاملا يوميا لا يكاد أجره يسدّ حاجاتنا، مما دفع والدتي إلى مساعدته، كانت تقضي الليل من دون أن يغمض لها جفن، تحيك الملابس الصوفية في فصل الشتاء وفي الصيف موسم الأعراس تغيّر حرفتها حسب الموسم فتعتمد إلى التطريز وخياطة جهاز العرائس، تفعل ذلك لتحصل على بعض المال، فتمكنت بفضل التعب والشقاء أن تلحقنا بموكب الاكتفاء الذاتي، والأكثر من هذا أنشأتنا على القناعة والحب المتبادل، وباعتباري أكبر البنات كانت لدي مكانة خاصة عند والدي الذي لم يكن يناديني إلا «لميمة».نجحت في الدراسة وتألقت الموسم تلو الآخر، وذات عطلة صيفية انقلبت الموازين لأن أحدهم لعب بعقلي الصغير وزيّن لي العيش في بلاد كل شيء فيها مباح، ابن عمتي الذي زارنا لأول مرة، فوالدته لم تكن تُحضره خشية الشماتة باعتباره شاب طائش، مدمن مخدرات وزير نساء، لم أكن اصدق أنه بهذه الصفات بعدما استمال عقلي وقلبي وجعلني أتمرّد على عائلتي لأنهم رفضوا زواجي منه وأنا في السابعة عشر من العمر، فخيّرتهم بين الرضوخ لرغبتي أو هجر البيت، فما كان منهم سوى الموافقة بعدما اشترط والدي اجتياز امتحان البكالوريا بعدها إتمام ما تبقى من مراسيم الزواج.سافر ابن عمتي بعدما أخذ قلبي معه، فلم أستطع التركيز في الدراسة وكانت النتيجة الفشل في اجتياز عقبة البكالوريا، فالدراسة لم تعد تهمني، تزوجت وسافرت معه إلى عالم احتقرته منذ وصولي، لأنه فرض عليّ شرب الخمر أول خلوة جمعتنا، رفضت في البداية لكني مع مرور الوقت انصعت لأوامره فالكل هناك يشرب الخمر بما فيهم عمتي وزوجها. في مدة قصيرة عايشت هناك ما يجعل الرأس يشتعل شيبا، أما النقطة التي أفاضت الكأس، التصرّف المجنون الذي أقدم عليه زوجي، الذي طلب مني مرافقته من أجل قضاء أوقات لطيفة في بيت صديقه المتزوج بامرأة من الغرب الجزائري، تلك الأخيرة رغبت في التعرف عليّ، فلم أمانع، فإذا بي أدخل بيتا مشبوها فيه كل الأجناس وأكثرهم من الجنس الأسود، فأمرني بمعاشرة أحدهم مقابل المال، رفضت لكنه ضربني وأرغمني على هذا الأمر، فعلت مكرهة وأدركت أنه رجل خسيس تزوّجني لكي يتاجر بي.لن أخوض في التفاصيل أكثر من هذا، لأن ما حدث لي لا يصدّقه عاقل، المهم في ذلك أني هربت من بيته بعد 6 أشهر، ولم يكن بحوزتي وثائق الإقامة، ولن تصبح إقامتي شرعية لأن زواجي كان بالفاتحة فقط، لأنه كان متزوّجا بتونسية، ولا يحق له الارتباط بأخرى.أصبحت مشّردة في الشوارع، محاصرة من كل الزوايا، بين القبض عليّ من طرف الشرطة لأن إقامتي غير شرعية أو الوقوع بين قبضة زوجي المزعوم، ومن حسن حظي أن امرأة جزائرية تعرّفت عليها بمحض الصدفة أحسنت إليّ وساعدتني بعد أن تدبّرت لي عملا في المطعم الذي تسيّر إدارته.عشت في الكواليس سنتين، لم أتمكن خلالها من الاتصال بأهلي، لأن وسائل الاتصال لم تكن متوفّرة آنذاك، وبعدها تعرّفت على رجل أجنبي عرض علي الزواج فرفضت في البداية، لكن السيدة الجزائرية أقنعتني بالأمر، رفضت في البداية خشية التعرّض لما هو أسوأ لكني وافقت على مضض.لم أستطع التأقلم في البداية، رجل كافر لا دين ولا ملة له، لكن معاملته الحسنة ورقته جعلتني أطمئن، علما أني سافرت برفقته إلى مقاطعة أخرى، ومع مرور الوقت أنجبت البنات والبنين فطلب مني تنشأتهم على ديني، عشت معه شبه مطمئنة لأني لست راضية على نفسي، وقد بلغ ابني البكر الـ30 سنة، لديّ كل ما تشتهيه المرأة من متاع لكني لا أملك نفسي التي بعتها بأزهد الأثمان.لقد فشلت في تنشئة أبنائي على الدين الإسلامي فاتبعوا نهج والدهم الذي مازال حتى الآن يعاملني بالحسنى ويحبني لدرجة الجنون.للعلم أني خلال هذه المغامرة زرت الجزائر أكثر من مرة، ومن حظي أن زوجي لم يتصرّف أبدا بما يوحي أنه غير مسلم بعدما أوهمت الجميع بأنه على ديني وإلا ما كان لهم مباركة هذا الزواج.إخواني القراء، أردت سرد هذه القصة لكي أُخبر بنات جنسي أن الغربة أمر مريع، على الرغم من كل المحاسن فأنا أفتقد لأجواء رمضان وكل الأعياد الدينية، أفتقد لكل شيء جميل، لكن ما باليد حيلة، فلولا أبنائي ما بقيت لحظة هناك، ولو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي.

 

الهاربة إلى الجحيم

رابط دائم : https://nhar.tv/M6YfB