إعــــلانات

لا تنغلق على نفسك فتصبح التعاسة رفيق دربك

لا تنغلق على نفسك فتصبح التعاسة رفيق دربك

يبدو أن المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية قد ألقت بضلالها على سلوكيات الفرد المعاصر، لا سيما في مجتمعنا الجزائري، أين ساهمت الظروف الحياتية في إنتاج الكثير من الظواهر التي تبدو غير صحية، بالنظر إلى تأثيراتها السلبية على الفرد والمجتمع على حد سواء، ومن بينها موضوع الوحدة التي نعني بها الحياة المنعزلة بين ذواتنا.

يعيش كثير من الناس بمختلف أعمارهم وأجناسهم، ومهما تباينت مستوياتهم، في قوقعة وانعزال تام عن وسطهم الاجتماعي، بالرغم من كونهم في الظاهر مندمجين بشكل عادي وطبيعي، إلا أنهم في حقيقة الأمر يعانون من وحدة أقل ما يقال عنها إنها قاسية جدا لعدة اعتبارات، أساسها شعورهم أنه لا يوجد أي شخص يفهمهم ويقدر ما يختلج صدورهم، ولكل منا فترات تبعده شيئا ما عن واقعه، سواء بإرادته أين يقرر هو أن يبتعد عن مؤثرات يراها سببا في تعاسته، أو من غير إرادته الفعلية، أين تتحكم فيه عوامل ذاتية وأخرى خارجية تجعله ينطوي على مستوى التفكير والإدراك، وبالتالي تنشأ لديه أفكار سلبية عادة ما تكون نتائجها غير مرضية تعمل على إيقاع صاحبها في إحباط وتدني الثقة بالنفس، بالرغم من أن هناك أشياء إيجابية في الميل أحيانا إلى الوحدة، هي أنها تساهم ولو ظرفيا في حماية صحتنا النفسية والجسمية من التوتر الناجم عن العلاقات الخاطئة على سبيل المثال  .كم هو مؤلم أن نشعر أنه ليس لنا قبول في الواقع إذا ما أظهرنا ما نخبئ بكل وضوح، فالخوف من ردود الأفعال من أكبر المسببات للجوء الفرد إلى الانعزال، وهذا إذا لم توجد بيئة مشجعة للحوار وإبداء الآراء بكل حرية وشفافية، إضافة إلى أسباب تتعلق بعدم القدرة على التعبير للآخر عن أنفسنا وأحوالنا الشخصية ومتطلباتنا وآرائنا، وينتج عن ذلك تأثير مباشر على نفسية صاحبه، حيث يصبح لديه نقص كبير في الثقة بالنفس والميل إلى الابتعاد عن جو الحياة الجماعية، وإن كانت فهو لا يعيشها بشكل طبيعي، كما يقوم بتصنع ردود الأفعال لتبدو عادية، وبالتالي تشجيع الصراع النفسي الداخلي على البروز. إن هذه الوحدة التي طالما كانت سببا في تعاستنا، تحمل بين طياتها تناقضات الحياة التي يستعصي على الفرد وضع إجابة واضحة وشافية، تتعلق على العموم بوضعه الاجتماعي، ويكون مرتبطا بقناعاته ومبادئه من جهة، وبطريقة تعامله وقدرته على التأقلم مع هذه الظروف من جهة أخرى، وكحل لمن يعانون من هذه الظاهرة أن يحاولوا التحرر من خلال التمسك بقيم ديننا الحنيف، الذي يمقت الوحدة والانطواء، ويشجع على الانضمام إلى الجماعة لما في ذلك من فضل عظيم، مع إيجاد من يشاركونهم همومهم، يعبرون لهم عن آلامهم وآلامهم وألا يتركوا الفرصة لحديث النفس، ليكون السمة الغالبة لتفكيرهم ونمط يميز سلوكهم، إضافة إلى الانخراط في أنشطة اجتماعية تطوعية وتضامنية، تسمح بالتنفيس وتوجيه الطاقة الكامنة بشكل صحيح، وتفتح المجال لاكتساب صداقات جديدة تساعد على الخروج من هذه الحالة البائسة .

 

محمد مزارة/ الغرب

 

 

رابط دائم : https://nhar.tv/wKnZw
إعــــلانات
إعــــلانات