وقفة مع النفس
إذا رغبت أن تنصح عبدا أراد الرجوع إلى الله، فما عليك إلا التذكير بعذاب الخالق، حتى لا يعود إلى المعصية مرة أخرى، ويجب أن تذكره بأن الله سبحانه وتعالى قد عذب أقواما من قبل وخسف بهم الأرض لأنهم لم يستجيبوا له، وبقوا على ضلالتهم على الرغم من وجود الرسل والأنبياء الذين أرسلهم الله لهدايتهم، وإن أردت أن تذكر بالآخرة وأهوالها فما عليك إلا أنّ تقرأ على المذنب بعض آيات القرآن التي تنادي بضرورة العودة إلى الدين الحنيف حتى لا يطالك العذاب الأليم في الآخرة، ويصبح الأمر منتهيا، ولا بد أن نتذكر دوما أن الله يحب العبد ويحب أن يغفر الذنوب التي يرتكبها العبد، فقط عليك التذكير بأن الله سبحانه وتعالى هو الأقدر على غفران ذنوبك ومحوها من سجلاتك الحافلة بالأخطاء، وجعلها كالصفحات البيضاء التي لم ينقش عليها شيء بعد، فالرحمة في صفات الله واردة جدا، وأول الصفات التي يحب الله أن يعامل بها عباده هي الرحمة، فالنصيحة يجب أن تكون بناء على طلب المغفرة من المذنب، والعودة لله سبحانه، والله لن يترك عبدا قال ربي الله، وفي خوفنا من عذاب القبر نجد أن الله سبحانه الرحيم بعباده لم يترك عباده على الأرض وهم بقوتهم، فكيف له أن يتركهم تحت الأرض وهم لا حول لهم ولا قوة، بانتظار رحمة الله.
وإن أردت أن تنصح أحدهم فذكره بأن باب المغفرة مفتوح على الدوام، وذكره بأن الله سبحانه وتعالى هو الغفور الرحيم، وهو في نفس الوقت شديد العقاب، وقل للمؤمن قولا رحيما يعيده إلى رحمة ربه.
وإن أردت أن تكون نصيحتك خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى، فعليك أن تقف بجانب من يخطئ دوما، وحاول أن تخرجه من غياهب المعصية، وقف بجانبه على الدوام، وحاول أن تكون مع الشخص الذي تشعر برغبته الملحة في العودة إلى درب الله، إلا أنه خائف من لقاء ربه، وعاجز عن التوبة بالشكل الصحيح، فما عليك إلا أن تستمر في النصح، وأن تحاول مرارا وتكرارا حتى تشعر أن الشخص أصبح قلبه معلقا بدين الله، ومن الممكن أن يتعامل الإنسان مع المعصية بأكثر من طريقة، فهناك من يتركها ويعود إليها، وهذا يحتاج إلى ناصح حقيقي يقف بجانبه، ويردعه عن العودة بشكل عام إلى المعصية، فحاول أن تجعل نيتك خالصة لله، وأن يكون المقصد من ورائها الوصول بالإنسان إلى طريق الخلاص. ابتعد عن الرياء أو النفاق في تقديم النصائح للذي يحتاجها، ولا تقم بأي أمر قد يصل بهذا الشخص إلى درب العناد بألا يقبل دعوتك له بالعودة إلى المعصية، الملائكة التي تكتب عن اليمين وعن الشمال يجب أن تذكر الشخص المذنب بهما، حتى يكون واعيا أثناء ارتكاب المعصية.