“دعم الأسعار لمن يستحقه.. وفرض ضريبة على مبيعات السكر”
الوزير الأوّل أيمن بن عبد الرحمن يكشف عن أرقام رهيبة لحجم الدعم الموجّه للفئات الهشّة..
توجيه فائض الدعم بعد ترشيده لزيادة الأجور وتحسين الخدمات في القطاعات
قيمة الدعم تفوق 17 مليار دولار.. وميسورون ووسطاء نخروا الاقتصاد استفادوا من أغلبيته!
“كفانا من تسجيل مشاريع جديدة ونحن لم نستغل بعد ما قمنا بإنجازه”
كشف الوزير الأوّل، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمن، أمس، عن أرقام رهيبة وضخمة، تخصّ قيمة الدعم الاجتماعي الذي تخصّصه الدولة للفئات الهشّة، لكن يستفيد منه ذوو الدخل المرتفع وأيضا وسطاء السوق، من منتهزي الفرص.
وقال الوزير الأوّل، وزير المالية، إن الدولة عازمة على استرجاع فائض الدعم الاجتماعي، بعدما يتم تصويبه وتوجيهه فقط لمستحقيه، ليوجه ذلك الفائض مباشرة إلى قطاعات أخرى، كالصحة والتعليم وتحسين الأجور، وتستفيد منه الفئات الهشّة.
وبالموازاة، شدّد بن عبد الرحمن خلال ردّه على انشغالات النواب في جلسة علانية في المجلس الشعبي الوطني، على أن الجزائر “لن تتخلى عن دورها الاجتماعي”، مضيفا بأن الحكومة تسعى إلى توجيه الإعانات إلى مستحقيها الحقيقيين.
وأشار بن عبد الرحمن إلى أن “هناك إساءة فهم” لما جاء في مشروع قانون المالية المتعلق بالانتقال من الدعم المعمّم إلى الموجه.
وفي هذا الإطار، قال الوزير الأوّل، إن قيمة الدعم المخصص للفئات الهشّة من الجزائريين تعادل 17 مليار دولار، مضيفا بأن غالبيته تكون من نصيب من لا يستحقون الدعم أصلا، أو وسطاء نخروا الاقتصاد الوطني من خلال الاستفادة من هذه التحويلات.
وقال بن عبد الرحمن إن آليات تطبيق المادة 187 المتعلقة باستحداث جهاز وطني للتعويضات لصالح الأسر المحتاجة، “سنحددها معا” في إطار “لجنة سيتم وضعها لدراسة كيفية تحويل الدعم الشامل إلى الدعم النقدي يوجه إلى أهله وأصحابه”.
وأوضح بن عبد الرحمن، في هذا السياق، أنه تم الشروع منذ عدة سنوات في مباشرة دراسة معمقة لتحديد كيفية استهداف الأسر المؤهلة للدعم الاجتماعي للدولة، وذلك بمساهمة العديد من الدوائر الوزارية، لا سيما الوزارات المكلفة بالداخلية، المالية والإحصاء عن طريق الديوان الوطني للإحصاء، وكذا التضامن الوطني.
وأضاف المتحدث بأنه في سنة 2021، تم توسيع فريق العمل، الذي أنشئ سنة 2006، إلى ممثلين عن مجلس الأمة، والذي سيتم توسيعه مجددا ليشمل كل الخبراء ونواب المجلس الشعبي الوطني.
وفي موضوع آخر، كشف وزير المالية، بأن إخضاع مبيعات السكر للضريبة هو إجراء يهدف إلى الحفاظ على صحة المستهلك وتقليص فاتورة الاستيراد.
وفي هذا السياق، قال الوزير الأوّل، وزير المالية، إن ما ورد في مشروع قانون المالية لـسنة 2022، بشأن إخضاع مبيعات السكر الأبيض والخام للرسم على القيمة المضافة، الهدف منه هو الحفاظ على صحة المستهلك وتقليص فاتورة الاستيراد.
وأوضح الوزير الأوّل بأن هذا الإجراء جاء لعدة اعتبارات، خصوصا تلك المتعلقة بحجم فاتورة استيراد هذه المادة التي تؤثر على ميزانية الدولة وعلى احتياطي الصرف، مبرزا أن الجزائر “تستورد قرابة مليوني طن سنويا من السكر، مما يجعلها تتصدر المراتب الأولى عالميا ضمن الدول الأكثر استيرادا للسكر، إذ تحتل المرتبة السابعة من بين الوجهات التي تستهلكه بنسبة تفوق حاجياتها، مما يجعل الفائض يوجه للتبذير”.
وأضاف الوزير الأوّل بأن “الاستهلاك المفرط للسكر يؤثر سلبا على صحة المستهلك، فضلا عن العبء الإضافي على القطاع الصحي ونظام الضمان الاجتماعي، لا سيما بفعل الانتشار الرهيب لمختلف الأمراض، على غرار السكري والضغط الدموي والسرطان والقلب.
وقال بن عبد الرحمن في هذا الصدد، إن عدد مرضى السكري في الجزائر “تجاوز 5 ملايين مريض، وهو عدد مرشح للارتفاع”، مضيفا أنه يتأسف لإدمان المستهلك الجزائري على السكريات، مبرزا أن المنتوجات المحلية من عصائر ومشروبات باتت تحتوي على نسبة من السكر تفوق النسبة المطبقة عالميا.
وخلص الوزير الأوّل، إلى أن فرض الضريبة على هذه المادة سيؤدي بالمنتجين إلى خفض نسبتها في مختلف المنتوجات، مشيرا إلى أن الضريبة على السكر اعتمدت من طرف الكثير من الدول من أجل حماية صحة المستهلك.
وفي موضوع آخر، أبدى الوزير الأوّل، وزير المالية، رفض الحكومة تسجيل مشاريع جديدة، قبل استغلال المنشآت الموجودة في حالة إهمال.
وأوضح الوزير الأوّل، بأنه يجب أن يتم “استغلال كل المرافق والمنشآت الموجودة بشكل فعّال وناجع قبل المطالبة بتسجيل مشاريع جديدة ليست مبررة ويمكن الاستغناء عنها”.
وفي هذا السياق، قال بن عبد الرحمن بصريح العبارة “كفانا من تسجيل المشاريع ونحن لم نستغل ما قمنا بإنجازه”.
وأعطى الوزير الأوّل مثالا على هذا “الخلل” في التسيير، بقطاع التعليم العالي، الذي “يطالب في كل سنة بتسجيل برامج جديدة بالنسبة للجامعات والإقامات الجامعية، في حين، تم تسجيل وجود عشرات الآلاف من الأسرة والمقاعد غير المستعملة حاليا”، وهي المنشآت التي تدفع الدولة مصاريف لحراستها وصيانتها.
وقدّم الوزير الأوّل مثالا آخر، يتعلق بقطاع الصحة، حيث قال إنه “لا يستغل مقدراته كما يجب، ويستفيد من ميزانيات ضخمة مقابل نوعية خدمات لا تتوافق مع مستوى النفقات”.
وفي هذا السياق، تطرق الوزير الأوّل إلى أهمية الإحصاء الاقتصادي المنتظر، والذي سيسمح - حسبه – “بالاطلاع على المقدرات الوطنية حتى نتمكن من تسجيل البرامج في القطاعات التي تسجل عجزا، والتوقف عن تسجيل البرامج في القطاعات التي تشهد تشبّعا وهي كثيرة حاليا”.
وبخصوص “منحة البطالة” المقترحة في إطار مشروع قانون المالية لـ 2022، والتي أمر باستحداثها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أوضح بن عبد الرحمن، بأنها ستوجه للشباب الباحثين عن عمل لأول مرة، المسجلين في الوكالة الوطنية للتشغيل، من الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و40 سنة.
وشدّد الوزير الأوّل على وجوب التمييز بين هذه المنحة وجهاز الإدماج الاجتماعي، حيث قال إن جهاز الإدماج موجه للعاطلين عن العمل الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 60 سنة، الذين يستفيدون في إطار تعاقدي من أجر لا يقلّ عن الأجر القاعدي الأدنى المضمون.
ويترجم استحداث منحة خاصة بالبطّالين، حسب الوزير الأوّل، إرادة الدولة في دعم ومرافقة شريحة البطّالين طالبي الشغل من دون دخل، سعيا منها إلى ضمان أساسيات العيش الكريم لهؤلاء، من خلال تأمين دخل يضمن تغطية حد أدنى من احتياجاتهم خلال مرحلة بحثهم عن منصب شغل.
ومن المقرر أن تُحدد شروط وكيفيات الاستفادة من هذه منحة البطالة وقيمتها والتزامات المستفيدين منها عن طريق التنظيم.