يبين اللّه لكم حقيقة البعث والنشور في صلاة التراويح اليوم
قال تعالى ”يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٢) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً، فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ، فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)”. البقرة
يبين الله عز وجل في هذين الآيتين للناس حقيقة البعث والنشور، ويقدم بذلك دلائل تعيها العقول البشرية جيدة، حتّى يتعظ المرء بها وينيب إلى ربه عز وجل، بحيث سيستمع المصلون في أول يوم من صلاة التراويح خطاب الله عز وجل للناس كافة، ويشهدهم على وجوب البعث.
وذكر الله عز وجل في هذين الآيتين ثلاثة براهين على وجود البعث والنشور هي:
البرهان الأول: هو ”الإيجاد والخلق الأول”، وهذا بقوله:” اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ”، ومعلوم قطعاً أن من قدر على الخلق الأول قادر على الخلق الثاني، وهذا رد الله على الذين ادعوا عدم وجود البعث والنشور في سورة (يس): ”وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ”، وكذا في سورة الإسراء : ”فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ”.
البرهان الثاني: وذكر الله ما هو أعظم من خلق الإنسان وفائدة ذلك أن من قدر على خلق الأعلى قادر على أن يخلق ما هو دونه، والله جل وعلا خلق السموات والأرض فمن باب أولى أنه قادر على أن يحيى الناس بعد موتهم، فقال بذلك في سورة فاطر، ”لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ”، وقوله في سورة يس: ”أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ”.
البرهان الثالث: وهو (القياس) وأن الله جل وعلا قال: ”وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ”، فمن أحيا الأرض بعد موتها، قادر على أن يكون على يديه البعث والنشور، وهذا يفسره القرآن، في قوله تعالى في سورة فصلت: ”وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ، إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير”.