وكيل جمهورية مزيّف يستولي على 700 مليون بعد النصب على متقاضين ويلفق التهمة لمحام معروف

شهدت محاكمة منتحل صفة وكيل جمهورية، أول أمس، أمام هيئة محكمة بئر مراد رايس في العاصمة، سلسلة من الأحداث المشوّقة وغير المتوقعة، جعلت من القضية تأخذ منعرجا خطيرا، بدءا من انسحاب هيئة الدفاع وصولا إلى غاية توقيف الشاهدة بسبب تغيير أقوالها لصالح المتهم «ق.محمد» المكنى «حمودي»، الذي حاول التنصّل من جريمته وإلصاقها بمحام معروف معتمد لدى المحكمة العليا يدعى «م.ص.ب»، من خلال قوله إن أحد المتقاضين طلب منه تسليم ذلك الأخير مبلغ 30 مليون سنتيم لقاء توسطه لأحد وكلاء الجمهورية الذي تكفل بحل قضيته العالقة بطريقة وديّة، وذلك لمحاولة تبرير تواجد المبلغ الذي ضُبط بحوزته عند توقيفه من قبل الشرطة.
الشرطة أوقفت الشاهدة في الجلسة بسبب تغيير أقوالها لصالح المتهم وتقديمها شهادة زور
وكانت التصريحات التي أدلى بها المتهم مغايرة لما هو مدوّن في محاضر الضبط والإيقاف، التي جاء فيها أنه ضبط متلبسا على متن سيارته من نوع «باسات» وبحوزته محفظة بها 3 ملفات قضائية من بينها ملفات إجرائية حسّاسة لفرقة البحث والتحري، نسخ عن بطاقات هوية مواطنين، ناهيك عن علبة رصاص بلاستيكي ومبلغ مالي 30 مليون سنتيم تحصل عليه من ضحيته الذي أوهمه بمساعدته في حل مشكله القضائي. حيث تبين في خضم التحقيق، أن المتهم الذي هو مسبوق في عدد من القضايا بما فيها النصب كان ينتحل تارة صفة وكيل جمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس وتارة أخرى صفة نائب عام مساعد في مجلس قضاء الجزائر من أجل النصب على المتقاضين، الذين كان يلتقي بهم في محيط المحكمة وأيضا بمنطقة سيدي يحي في المقاهي، أين كان يوهمهم بمساعدتهم في حل قضاياهم العالقة سواء على مستوى محكمة بئر مراد رايس أو حسين داي، مقابل مبالغ مالية مستغلا بذلك سذاجتهم وجهلهم، حيث أنه وبيوم الوقائع التقى مع سيدة وهي الشاهدة في قضية الحال كان قد تعرف عليها منذ حوالي 3 أشهر، ووعدها بحل مشكلتها المتعلقة بإلحاق نسب ابن غير شرعي يبلغ من العمر 24 سنة مقابل مبلغ مالي لم يتم تحديده، والتي تكفلت بجلب أحد معارفها لتقديم له يد المساعدة في قضيته المتعلقة بالقيادة في حالة سكر، والتي قيم أتعابه فيها بـ160مليون سنتيم الذي استلمه على أقساط. وبإستكمال مجريات التحقيق، تم حجز عدد أخر من الملفات القضائية، عرائض وطلبات تأسيس بالإضافة إلى كتب قانون والمتمثلة في قانون العقوبات والقانون الإداري مع مبلغ 700 مليون سنتيم من عائدات النصب بمنزل المتهم الكائن في حي البدر بباش جراح، ليتم بذلك إيداعه رهن الحبس المؤقت عن عدة تهم تنوعت بين حيازة ذخيرة من الصنف الخامس، إنتحال صفة منظّمة قانونا، النصب والاحتيال.وهي الأفعال التي فنّدها خلال محاكمته، حيث راح يصرّح بأنه التقى بالمسماة «ب.ن» وهي الشاهدة ، التي عرّفته على الضحية للتوسط له عند محاميه للتكفل بقضاياه، موضحا أن المبالغ التي استلمها من الضحية سلّمت لذلك الأخير دون إطلاعه على الملفات وفي الشارع، كما أنه تعوّد على منحه المال في السيارة وليس في المكتب، وهو الأمر الذي جعل القاضية تتدخل،حيث طرحت عليه سؤالا عجز المتهم عن الإجابة عليه يتعلق بالسبب الذي منع المحامي الذي لفقت له التهمة من التأسيس للدفاع عنه، إذا صح تصديق فرضية أنه على معرفة وطيدة به ومتعوّد على التكفل بقضاياه. فيما قامت الشاهدة بتقديم تصريحات جديدة على خلاف تصريحاتها الأولى كانت تصب في صالح المتهم، حيث ذكرت أنها تعرفه باسم «بن حمودة حمو»، وهو إسمه المستعار، الذي وعدها بحل مشكلتها كونه صاحب نفوذ، وذلك بعدما دلهّا عليه المدعو «سمير» الذي يرجّح أن يكون شخصية وهمية في القضية، وهو الأمر الذي دفع بالنيابة لطلب إشهاد على ذلك، مع أمر بتسخير القوة العمومية لتوقيفها بعد إغلاق باب المرافعة من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدها جراء تقديمها شهادة الزور.وعلى إثر التصريحات المدّوية التي مسّت جهاز القضاء ككل ومنظمة المحامين، قررت محاميتا الدفاع من أصل 4 محامين إعلان انسحابهما عن التأسيس في الجلسة تضامنا مع زميلهما الذي مسّت كرامته، فيما تأسّسا بشكل تلقائي محاميان آخران في حق زميلهم باعتباره ضحية بعدما تكرر ذكر اسمه في القضية، وقاما بإثارة سؤال يعتبر الفاصل في القضية بالنسبة لذلك الأخير، الذي حتى النيابة شهدت بنزاهته، ويتعلق بمكان مكتبه الذي أجاب عنه المتهم بكل ثقة أنه يقع في شارع ديدوش مراد، ليكون بذلك أخفق كون المكتب بشارع محمد الخامس، ليطالبا إلزامه بدفع تعويض يقدر بمليون دج مع 1 دج رمزي لمنظمة المحامين.
ممثل الحق العام التمس في حق «حمودي» عقوبة 7سنوات حبسا نافذا
فيما وقف ممثل الحق العام وقدم مرافعته والتي قال فيها بالحرف الواحد، إن المتهم عاث في الأرض فسادا جرّاء الأفعال الخطيرة التي ارتكبها، والتي أساءت لسمعة العدالة وزعزعت ثقة المواطنين بها، حيث وعد بالاستمرار في التحقيق للتوصل للعدد الحقيقي للضحايا وذلك وفقا للهويات التي عثرت بحوزته، ليلتمس من المحكمة بأن تضرب بأقصى سيف عدلها على أعناق المتهم بتسليط عقوبة 7سنوات حبسا نافذا وغرامة بقيمة مليون دج، مع عقوبة تكميلية تقضي بحرمانه مدة 5سنوات من كافة حقوقه المدنية وأن ينشر منطوق الحكم في مقر البلدية والمحكمة على نفقة المحكوم عليه لتكون عبرة لغيره.