هل من الحق ان اضحي بحياتي في سبيل إبنتي؟
سيدتي، توسمت فيك الخير الكثير والحمد لله لم يخب ظني في هذا الفضاء، فضاء “قلوب حائرة” ما دفعني أن أتواصل معك حتى يكون لإنشغالي حيّز تعلميني ما يمكنني القيام به للخروج من حيرتي.
سيدتي، ترملت وأنا في ريعان الشباب، حيث رحل زوجي ورفيق دربي على إثر حادث مرور مروع، أخذا معي كل أحلامي وأمالي إلا أن إيماني بالقضاء والقدر جعلاني ألملم أشلائي في وقت قياسي ليس من أجلي لكن من أجل فلذة كبدي التي كانت كل أملي بعد أن أطفأ القدر شمعة متقدة في حياتي وهي زوجي الذي لم أنسه أبدا.
الأيام مرت سريعا، لدرجة أني لم أحس بفتاتي تكبر وتترعرع أمام عيناي ولأنني أحسست بأنني لم أتذوق القدر الكافي من الحب والحنان، ولحاجتي الماسة إلى تغيير الجو وقتل الروتين والرتابة التي طغت على حياتي، فأقبلت على الحياة مجددا بانخراطي في إحدى المؤسسّات الخاصة كعاملة في إحدى مديرياتها، لتبدأ فصول قصتي التي أريد أن أستشيرك في تفاصيلها.
فقد تعرفت على أحد الزملاء ، رجل في منتهى الوقار والوداعة لم تكن المقدمات بيننا بالقدر الكبير، حيث أحس كلانا بالانجذاب، ولأننا على قدر كبير من المسؤولية قررنا الارتباط كوننا بأمس الحاجة إلى بعضنا البعض، كما أننا لسنا في زمن الطيش والعبث.
ولأنّ أمري ليس بيدي، ولأنه كان علي استشارة فلذة كبدي التي ظننتها سترحب بالفكرة، كونها هي الأخرى كانت في أمس الحاجة إلى صدر حنون يعوضها ما فاتها من حرمان، لأتفاجأ بها ترفض الأمر الذي وصفته بالخيانة في حق والدها المرحوم، الذي مازال طيفه حسبها معنا في المنزل الذي عشنا فيه أسعد لحظات العمر. صدقوني لم أجد ما أصف به تصرف ابنتي سوى أنه جشع وأنانية، حيث يوما ما ستتزوج وترتبط بمن يهواه قلبها فتتركني وحيدة، لأتجرع بعدها ألوانا أخرى من العذاب والوحدة، بينما الفرصة الآن بين يدي لأن أعوض نفسي سنين التضحيات الطويلة التي منحتها لابنتي التي باتت تقف حجرة عثرة في طريق سعادتي، فما السبيل لإقناعها لقبول بما أراه أنا حقا من حقوقي، فيما تعتبره هي خيانة وتمرد؟
أختكم ج.فطيمة من منطقة الجنوب الجزائري.
الرد:
أختاه،من الصعب أن نجد من منحناهم التضحيات وكل الحب والحنان يقابلون إحساننا بالصد والنكران، وهذا تحديدا ما أجده مناسبا لحالتك هاته، إلا أنني في المقابل أخبرك بأن وقع الصدمة أيضا قوي على إبنتك التي أحست بأن هناك من سينزع منها حبك وفيض حنانك.
من المؤكد أنك تحتاجين إلى رجل يعوضك ما عشته من حرمان وأسى بعد وفاة زوجك الذي صنت بعده أمانة تركها في رقبتك، وهي المتمثلة في إبنتك التي لا تريد الوقوف كحجرة عثرة وجهك بقدر ما هي متوجسة من مصيرها بعد ارتباطك برجل لن تحبه بالقدر الذي أحبت به والدها المرحوم.
تذكري أختاه عديد الحكايات التي نسمعها ونقرأها يوميا، والتي تترجم معانات كل من تنتهج الوالدة فيهلا منهج إعادة بناء حياتها والتي لا يكون لها في الغالب جميل الوقع على أفئدة الأبناء الذين يعيشون كثير المعاناة والعذاب، ولا أخفيك أخية أنني أتفهم شعور إبنتك وإحساسها بالغبن حين يقاسمها أحدهم قلبك الذي لطالما كانت وحدها فيه.
عليك التحدث إليها بكل إحسان وحب ولا تنسي أن المسألة تعد قدرا من الله فلو كان هذا الرجل من نصيبك فإن الله سييسر لك الأمور، ومن هذا الباب أدعوك أن تستخيريه حتى يتبين لك الخطأ من الصواب، والجيد من السيء بعلمه جل وعلى. ولا يفوتني أن أذكرك بأن تعنّت إبنتك يجب أن يقابل بالتعقل، مخافة أن تنفلت الأمور من بين يديك، كأن تهرب أو تهجر المنزل ، أو بأن تنحرف أو تحيد عن جادة الصواب فتندمي ندما شديدا.
هذا الموضوع الحساس لا يجب أن تتحمليه لودك، حيث أنه عليك أن تخبري الرجل الذي تنوين الارتباط به برأي فتاتك في الموضوع، فقد يخفف كلامه أو رأيه في الموضع من وطأة الحيرة التي تخالجك، كما قد يكون لتهربه أو تملصه مما له تجاهك من مسؤولية دور في أن تعيدي حساباتك. من جهة أخرى، أنصحك بضرورة التحدث مع إبنتك في الموضوع بالشكل الذي يريحها، حيث انه عليك إخبارها بأن حبك لن يتغير تجاهها أبدا، كما أن ما ستنتهجينه ليس بالخيانة في حق المرحوم الذي لا تقل غلاوته في قلبك عما تكنه هي له، كما أنه ومتى كان مطلب حواء الحلال والقصد الشريف كلما كان التوفيق والمباركة ممن حولها لها دائما، فلا تيأسي وحاولي نيل ما ترينه مناسبا لك حتى تضمني به السعادة والهناء بإذنه تعالى.
ردت:”ب.س”