هل أطلب الطلاق من زوجي الذي يقطع رحمه
السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته
سيدتي.. أشكرك جزيل الشكر على المجهودات الجبارة التي تقومين بها في سبيل بعث الاستقرار والسكينة في قلوب الحائرين، ولعل هذا ما دفعني إلى أن أراسلك علّني أجد على يديك حلاّ يضمن لي على الأقل أن لا أتهوّر وأقترف ما لا يحمد عقباه.سيدتي، أنا امرأة جبلت على مكارم الأخلاق من طاعة الوالدين وحب الآخرين واحترامهم، حيث إني نشأت في أسرة تولي كبير الإهتمام للعلاقات الاجتماعية وصلة الرحم، وهذا للأسف ما لم أجده في بيت زوجي الذي ارتبطت به بعد أن أحسست بأني وعائلته نتوافق في الطباع ونمط الحياة لأقف عند أمر لم يكن يخطر على بال.زوجي وكلّ أفراد أسرته الصغيرة من النوع الذي لا يعير أهمية للزيارات واللمّات العائلية، والدليل أنني بالكاد أعرف قريباته وأقاربه، كما أن العديد من أبناء عمومته لا يعلمون بمسألة زواجه، وقد حزّ فيّ هذا كثيرا عند بداية زواجنا، إلا أنّي قرّرت العمل على تغيير الأمر، وكنت كلّي ثقة من أني سأنجح، إلا أن ثقتي خانتني وتحوّلت أيامي إلى شبه صراع بيني وبين نفسي، وبين زوجي.حدّثت زوجي في الموضوع وأخبرته بأني لا أستطيع الاستمرار في أسرة التفكّك هو أهم ما يميّزها، كما أني واجهته بمسألة عدم رغبتي في أن ينشأ أبنائي على هذا النحو من البرود العاطفي مع أفراد أسرتهم الكبيرة، وقد بلغت بي درجة الغضب إلى إخباره بأن حياتنا الزوجية متوقّفة على تغييره هذا الطبع بالذات، وقد هالني منه أن أخبرني بأنه لا يهتم لأمري وبأنه على عناده باق، وأنه عليّ أن أختار الطريق الذي يريحني.الأدهى من كل هذا سيدتي.. أن زوجي لم يعد يسمح لي بزيارة عائلتي إلا نادرا، كما أنه بات يضيّق عليّ الخناق لدرجة أنه صار يرى في عيادة المريض إرهاقا له، وحضور أفراح الأقارب تفاهة ومضيعة للوقت، وهذا ما لم أعد أطيقه، حيث إني بت أفكر في طلب الطلاق منه، فأنا لا أستطيع أن أحيا وحيدة أو بعيدة عمن يحبّهم قلبي، فهل يجوز لي هذا؟، وهل ما أنا فيه من حياة معقول سيدتي؟ أنيري دربي فأنا في أمسّ الحاجة لك.
الحائرة من الشرق
الرّد:
هوّني عليك أختاه، فما أنت فيه حقا لهي مشكلة حقيقية، لكن عليك أن تعلمي بأنه وبالصبر تحلّ كل المشكلات والعقد.من الصعب أختاه أن تجد الواحدة منا نفسها تحيا وسط أسرة لا تمتّ بأية صلة لما نشأت عليه من أخلاق وتربية، وإن كان ما جُبلنا عليه جميعا منذ نعومة أظافرنا هو حبّ الغير وصلة الرحم مهما كانت درجة القرابة.لست تطالبين بأمر غير معقول، إذ إنك تريدين لنفسك ولأولادك أن ينهلوا من التربية الإسلامية الصحيحة، مما يجعلهم يحسّون بغيرهم ويربطون أواصر محبة مع من لهم معه علاقة أو صلة من باب الإخلاص، إلا أني أختاه أعجب لأمرك لما رحت تقايضين زوجك بين تغييره من طباعه وبين بقائك إلى جانبه، وهذا ما أظنّه خطأ كبيرا لن تعالجي به الموضوع بقدر ما ستزيدين من تفاقم المشكلة وحدّتها، إذ إنه ما من زوجة ترضى بهدم عشّها الزوجي بيدها، الأحرى بك أن تعلني الجهاد في سبيل هذه العادة السيئة التي هي من طبع زوجك وعائلته، ولتحاولي جذبه باللين إليك من خلال تعويده على زيارة الأقارب والأهل على الأقل في المناسبات، قد يستهجن الأمر مرّة وقد يتردّد مرة أخرى، إلا أني متأكدة من أنه سيتعوّد على المسألة تماما مثلما تعوّد على عدم التشبّث بها في السابق.أما في الحالة التي ستجدينه على ما جبل عليه باقٍ، فما عليك إلا أخذ مشورته في أن يدعك وشأنك فيما يخصّ علاقاتك الاجتماعية والأسرية منها، فلا يجوز لك عزيزتي من باب الدين والأخلاق أن تتملّصي من زيارة عائلتك وذويك، فلا الدين أوصى بذلك ولا أنت تستطيعين العيش بعيدا عمن تحبّينهم.. حثّيه من باب الوعظ والإرشاد بأنه لا يمكنه أن يستمر على هذا الحال، فرسولنا الكريم وديننا الحنيف يوصيان بضرورة أن نصل حتى من قطعنا، فما بالك بمن تجري دماؤهم في عروقنا وتربطنا بهم من الودّ والمحبة ما لا يقدّر بثمن.كما أني متأكّدة من أن أيام العيد الذي نعيش نفحاته هذه الأيام سيكون بإذن الله نقطة تغيّر بالنسبة لزوجك، والذي أجزم من أنه، وتأكّدي من أن الأحوال أبدا لن تدوم، وبأن زوجك سيتغيّر لا محال، وما سبيلك أختاه للخروج من هذا الامتحان إلا الصبر والإكثار من الدعاء بالهداية والسداد لزوجك وكان اللّه في عونك.
ردّت نور