هكذا تمّ إحباط قتل تونسي في سيدي بلعباس وتفجير انتحاري في وهران
تحقيقات مع عائدين من “داعش” تكشف محاولات أحدهم تنفيذ عمليات في الجزائر عن بعد
“أبو أشرف الجزائري”.. جنّد عشرات الجزائريين في “داعش سوريا” ثم حاول الفرار بعدما سأل عن كيفية استفادته من ميثاق المصالحة
يكشف ملف قضائي أجلته محكمة الجنايات الابتدائية في “الدار البيضاء” بالعاصمة، عن وقائع مثيرة تورطت فيه جماعة إرهابية مسلحة، تضم 11 متهما موقوفا، بينهم امرأتان، الأولى تقطن في وهران، أما الثانية، فتنحدر من ولاية بسكرة بالجنوب الجزائري، نسبت إليهم جناية الانخراط في جماعة إرهابية أو تخريبية لارتكاب أفعال غير موجهة للجزائر.
وتم التحقيق مع المتهمين من طرف مصالح الأمن الداخلي بالناحية الأولى في البليدة والثانية بوهران، بعدما تم جلبهم إلى الجزائر عقب احتجازهم في سوريا، أين كانوا منخرطين في التنظيم الإرهابي “داعش”، الذين التحقوا به تباعا، في أعقاب الحرب على سوريا والمجازر المرتكبة على أراضيها، والتي تأثر بها المتهمون وسخّروا كل الوسائل للسفر إلى تركيا ومن ثمة إلى سوريا.
وأفضت التحريات في القضية، أن معظم المتهمين تم تجنيدهم من قبل الإرهابي “قادة مصباح” عبر وسائل التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، وتطبيق “تليغرام”، وبالموازاة أحبطت مصالح الأمن بوهران مخططا إجراميا، وتوقيف “ت.ياسين” و”ع. كمال” في 16 ماي 2017، اللذين كانا في تواصل مع نفس الإرهابي “قادة”، وهما بصدد قتل الرعية التونسي “خ.طارق” المقيم بسيدي بلعباس ذبحا، بدعوى ممارسته السحر، إلى جانب المتهمين “ع. إدريس”، “ز.بن بلة”، “ز.محمد” وآخرون، الذين جندهم “قادة” في التنظيم الإرهابي، وكانوا يخططون لتنفيذ هجوم مسلح باستعمال حزام ناسف، فتم إحباط المخطط الاجرامي، وتوقيف المعنيين في 2017، وتقديمهم أمام محكمة وهران في شهر جوان 2017.
وتبين في إطار التحقيق في ذات القضية، أن المتهمين الذين تمكنوا من الالتحاق بتنظيم “داعش”، كانوا يتقاضون أجورا بالدولار الأمريكي، نظير تقديم خدمات، حيث أبرزهم الإرهابي “ح.سليم” المكنى “أشرف الجزائري”، الذي فرّ بجلده برفقة زوجته وابنته من جحيم “الدواعش”، بعد رحلة عذاب بين المعتقلات المظلمة، إلى أن تم تحويله إلى القاعدة العسكرية الأمريكية، ثم نقله على متن طائرة عسكرية خاصة، وهو بصدد تنفيذ خطة الهروب في سرية تامة من التنظيم الإرهابي، بعد ربط الاتصال بمصالح الأمن بالجزائر.
ويستخلص من وقائع قضية الحال، أنه بتاريخ 19 مارس 2019، على الساعة الواحدة صباحا، تكفل عناصر التحقيق القضائي بالبليدة بمجموعة من الأشخاص كانوا محتجزين في الأراضي السورية، في أعقاب انخراطهم في صفوف التنظيم الإرهابي المسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”.
ويتعلق الأمر بكل من “ح.سليم” المكنى “أبو أشرف الجزائري”، “ب.محمد” المكنى “أبو البراء المستغانمي”، “ب.عبد الحق” المكنى “أبو أيوب الجزائري”، “ع.حمزة” المكنى “أبو أنس الجزائري”، “جمال الدين” المكنى “أبو أيوب الجزائري”، “ص.يوسف”، “ع.مختار” المكنى “أبو حمزة الجزائري الوهراني” ،”م.قادة” المكنى “أبو معتصم غريب”، “م.عبد اللطيف” المكنى “أبو معاذ الجزائري”، “ب.عائشة أمينة”، “م.ميادة”، “ص.زهرة”.
وعليه تم تحويل المشتبه فيهم إلى مقر الأمن للتحقيق معهم حول ظروف وأسباب والغرض من التحاقهم.
وكشفت محاضر سماع المشتبه فيه “ح.سليم” المكنى “أشرف الجزائري”، بزنه بعد تأثره بمجازر “الغوطة” التي وقعت في دولة سوريا، التي راح ضحيتها حوالي 200 شخص قتلا بالسلاح الكيماوي، قرر الالتحاق بتنظيم “داعش” الإرهابي لأجل الجهاد، فاستخرج جواز السفر وبقي ينتظر الفرصة، وفي نفس الوقت، كان يستغل جهاز إعلامه الآلي المحمول، بحثا عن أي شخص يمكنه من ربط الاتصال بـ “داعش”، من خلال تفقده عدة صفحات على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، إلى أن عثر على “فايسبوك” باسم “أبو البراء” يظهر فيه أحد الأشخاص يحمل سلاحا، فأرسل له طلب صداقة من حسابه الخاص “أشرف صهيب فاروق”.
وبعد التواصل معه، ظهر أن المعني مصري الجنسية مقيم بدولة سوريا وإرهابي ضمن تنظيم “داعش”، فأخبره عندها بأنه يود الانضمام إلى التنظيم الإرهابي، طالبا منه مده المساعدة، ليبقى معه في تواصل مستمر، إلى أن طلب الإرهابي “أبو البراء” بالسفر إلى تركيا ليتكفل هو بالباقي.
وقام “ح.سليم” بمغادرة التراب الوطني عبر مطار “هواري بومدين” نحو مطار “أتاتورك” باسطنبول، فتنقل بعدها إلى مدينة “غازي عنتاب” في الحدود السورية، فكان في انتظاره 4 سيارات للتنظيم الإرهابي “داعش”، فتكفلوا بنقله إلى مدينة “جرابلس” السورية ثم “المنصورة”، أين يوجد معسكر “الفاروق”، وهو مركز تدريب خاص بغسيل العقول.
ويقول المتهم في خضم تصريحاته، أنه في منتصف 2016، تم تحويله إلى “ديوان الجند”، ليتم تعيينه بمكتب شؤون الجند، ثم بعدها إلى مكتب العقارات الذي كان تحت إمرة الإرهابي “أبو منير التونسي”.
ربط الاتصال بالأمن الجزائري للهروب من معتقلات “داعش”
وفي تلك الفترة، قام “أبو أشرف” بالتواصل مع الشرطة الجزائرية عبر موقع رسمي، وطلب منهم شرح وضعيته القانونية من حيث قانون السلم والمصالحة الوطنية، ليتلقى ردا على صفحته الخاصة على “الفايسبوك” بعد 3 أيام لأجل مغادرة الأراضي السورية بسرية تامة.
وبتاريخ 15 أفريل 2017، هرب المتهم “سليم” من التنظيم الإرهابي “داعش” برفقة عائلته، حيث أخفى سلاحه من نوع “كلاشنيكوف” بإحدى مساجد مدينة “الرقة”، ثم سلم نفسه للأكراد، ليتم وضعه في السجن، أين خضع للتحقيق من طرف الأكراد والتحالف الدولي، حيث في كل مرة كانت تأتيه لجنة من مختلف الدول مرفوقة بمترجم للتحقيق معه، ليقضي المتهم شهرين و17 يوما في السجن الانفرادي، قبل أن يتم تحويله إلى الغرف.
ويضيف الموقوف، أنه بقي وحيدا إلى أن تم السماح لزوجته وأطفاله بزيارته في الفاتح سبتمبر 2018، أين أخبرته بأنه متواجدة في مخيم “روج” بمنطقة “ديربك”، وفي 22 ديسمبر 2018، حوّل مرة أخرى إلى سجن “تلكوجر” بمنطقة حدودية بين سوريا والعراق وبقي به إلى غاية تحويله في 22 مارس 2019 إلى سجن “كوبالي” شمال شرق سوريا.
ويواصل المتهم في تصريحاته، أنه بعد ليلتين قضاهما في هذا السجن، تم تحويله إلى القاعدة العسكرية الأمريكية، ومن ثمة تم تحويله برفقة عدد من السجناء إلى طائرة أمريكية خاصة.
أما المتهم الثاني “بن عيسى حمزة” المكنى “أبو أنس الجزائري”، فقد كشف في تصريحاته، أنه في منتصف 2014، اتفق مع صديقه “ح.شريف” على الالتحاق بالتنظيم الإرهابي “داعش”، فباشر إجراءات طلب التأشيرة، فسافر معا إلى تركيا، وخلالها تنقلا إلى الحدود السورية بنية الالتحاق بـ “داعش”.
وعند وصولهم إلى مقر التنظيم، كان في استقبالهم “أبو غريب الأردني”، فأطلق عليه اسم “أبو أنس”، وخلالها تلقى تدريبها عسكريا ودروسا في الشريعة، قبل أن يتم تحويله برفقة 250 إرهابي إلى دولة العراق، أين تم تسليمه بندقية مضخية، ومسدس إنذار، كما كان يتلقى راتبا شهريا بقيمة 50 أورو، أثناء تعيينه للعمل بهيئة الهجرة ديوان مقر القيادة بمنطقة “الرقة” تحت إمرة “أبو أسامة السعودي”، وكانت مهمته برفقة إرهابيين آخرين، وكانت مهمته تلبية حاجيات النساء المتواجدات في “المضفات”.
ويضيف المتهم “بن عيسى حمزة” أنه بعد تعرض المنطقة إلى القصف، انتقل إلى مدينة “حلب” التي كانت لا تزال تحت سيطرة “داعش”، وخلال 2015 تزوج من المسماة “درويش خليفة نورة”، ومنحت له إعالة مالية قدرها 500 دولار، وبعد مضي سنة، تم نقله إلى “دير الزور”، بعد تحرير المنطقة التي كان فيها، هرب برفقة زوجته إلى منطقة “الشامية”.
رحلة الهروب من الجحيم.. والسقوط في “تل الأبيض”
وفي أواخر 2017، يقول المتهم “حمزة”، إنه اتصل بالمهرب “أبو علي السوري”، وطلب منه نقل زوجته وابنته إلى منطقة “ادلب”، التي كانت تحت سيطرة الجيش السوري الحر.
وفي 2018، توجه برفقة “أبو علي” برفقة إرهابيين آخرين من تنظيم “داعش” على متن شاحنة باتجاه تركيا، غير أنه ألقي عليهم القبض في “تل الأبيض” من طرف “ميليشيات الأكراد” بتاريخ 7 جانفي 2018، فاقتيد به إلى السجن، أين خضع للتحقيق، ليتم بعد شهرين تحويله إلى سجن “كوباولي”.
من جهته، صرح المتهم الموقوف الثالث “ح.جمال الدين” المكنى “أبو أيوب الجزائري”، أنه ومن خلال الأخبار المذاعة في القنوات الإخبارية والأنترنيت، راودته فكرة السفر إلى سوريا، بغرض مساعدة السوريين، فباع سيارته مقابل مبلغ 134 مليون سنتيم، وقام بتحويل منه مبلغ 100 مليون سنتيم إلى 5500 أورو، أضاف له مبلغ 2000 أورو، وفي 26 فيفري 2016 توجه برفقة “يوسف.ص” إلى مطار “أحمد بن بلة” بوهران للسفر إلى اسمطبول، وفي 4 مارس سافر إلى الحدود السورية.
وتبين من خلال التحقق والإنابات القضائية الصادرة، فإن المتهم “م.قادة” كان يستعمل أثناء نشاطه في صفوف التنظيم الإرهابي “داعش” عدة حسابات على تطبيق “تليغرام”، منه حساب يحمل إسم “طوبى للغرباء”، استعمله في التواصل مع مشتبه فيهم موقوفين لدى مصالح الأمن بوهران، ويتعلق الأمر بكل من “تاج ياسين” المكنى “أبو عبد الله”، حساب باسم “wisam” استعمله للتواصل مع المتهم “ع.كمال” المكنى “أبو بصير”، حساب آخر باسم “أبو معتصم الغريب” استعمله في التواصل مع المتهم “ع.إسلام” المكنى “أبو إسلام”.