هذا ما ينتـــظـــر الجزائــــريــين في البرازيل

مشكل اللغـــة والنقـــــل أولى العقبــــــات أمــام زائــري البرازيـــــل
أخيرا وبعد رحلة استمرت أكثر من 17 ساعة من مطار هواري بومدين بالجزائر العاصمة إلى مطار ساو باولو في البرازيل، مرورا بالعاصمة الفرنسية باريس، تمكنت بعثة «النهار» الإعلامية من حط الرحال في بلاد «السامبا» البرازيل وعاصمتها الاقتصادية «ساو باولو»، التي ينتظر أن تحتضن حفل افتتاح الحدث العالمي في سنة 2014 وهو نهائيات كأس العالم لكرة القدم، كما ينتظر أن تستظيف المدينة 15 منتخبا عالميا على رأسهم المنتخب الوطني الجزائري الذي سيقيم بداية من اليوم في مدينة سوروكابا، إحدى الضواحي الهادئة نسبيا في مقاطعة ساو باولو. كانت الساعة تشير إلى الثامنة صباحا عندما حطت طائرة الخطوط الجوية الفرنسية رحالها بمطار ساو باولو الدولي، الذي يعرف حركة غير عادية ولا يهدأ أبدا خاصة في وجود كم هائل من المسافرين ورجال الأعمال الذين يقصدون ساو باولو إحدى أكبر مدن أمريكا اللاتينية، وفور القيام بكل الإجراءات الجمركية توجهنا مباشرة إلى سوروكابا معقل المنتخب الوطني، وكم كانت المفاجأة كبيرة بالنسبة إلينا، لما ينتظر أشبال حليلوزيتش وأنصار «الخضر» عند قدومهم الي البرازيل . سيكون أنصار المنتخب الوطني المتوافدين على البرازيل من البداية أمام مشاكل و عقبات عديدة عند وصولهم إلى ساو باولو، أولى هذه المشاكل عائق اللغة والتنقل بين مدن البرازيل خاصة وأن الملاعب التي تحتضن مباريات الخضر متباعدة بأكثر من 1500 كلم بين كل تنقل، ومن الصعب أيضا إيجاد وسيلة للتواصل مع البرازيليين باستثناء اللغة البرتغالية، حيث لا يتحدث البرازيليون أي لغة باستثناء لغتهم وبعض اللغة الإسبانية وسيكون من الصعب التواصل معهم لجهل غالبيتهم العظمى أبسط الكلمات بالفرنسية وحتى الانجليزية دون الحديث عن اللغة العربية التي لا يتحدثها إلا بعض الجالية العربية من سوريين ولبنانيين في البرازيل، أما في قضية النقل فلا بديل عن استعمال سيارة الأجرة للتنقل إلى سوروكابا، علما أن سائقيها لا يجيدون التحدث حتى بالانجليزية، كما أن الأسعار مرتفعة جدا وتواصل الارتفاع حيث وصلت إلى 120 يورو مقابل التنقل من ساو باولو إلى سوروكابا في 100 كلم فقط، خاصة في ظل إضراب عمال الميترو في ساو باولو وصعوبة التنقل عبر الحافلة أيضا.
الازدحام في ساو باولو كارثي والطريق إلى سوروكابا 100 كلم استغرق ثلاث ساعات
بعد مفاوضات عسيرة تمكنا من إيجاد سيارة أجرة لنقلنا إلى سوروكابا مقابل 410 ريال برازيلي، ما يفوق 120 يورو، غير أن المفاجأة كانت كبيرة نظرا للازدحام الهائل في الطرق المجاورة للمطار، والذي جعلنا نقضي ما يقارب ثلاث ساعات كاملة في الطريق السريع لقطع 100 كلم فقط إلى سوروكابا.
لا شيء يوحي باحتضان البلد لكأس العالم والجميع يتحدث عن الارتفاع المذهل للأسعار
ما يلفت الانتباه أيضا منذ وصولنا إلى ساو باولو، أنه لا شيء يوحي بأن هناك كأس العالم ستحتضنها «بلاد السامبا» بعد أيام قليلة، فلا وجود لأي رايات خاصة بكأس العالم باستثناء مكان واحد و هو المطار، وحتى الشعب البرازيلي لا يوجد أي شيء يوحي بأي اهتمام بكأس العالم على الأقل حتى الآن، كما تبقى النقطة السوداء في البرازيل في غلاء المعيشة بها، وعدم وصول العملة النقدية المحلية المعتمدة وهي الريال إلى مستويات تعطي طابعا أقوى لاقتصاد يعتبر من بين العشرة الأحسن في العالم، و عند استفسارنا عن الأمر أكد الجميع أن ظروف العيش في البرازيل صعبة للكثير من أفراد الشعب الذي يعاني الفقر، بينما تنعم الأقلية بالرخاء.
البرازيليون لا يعرفون شيئا عن الجزائر
الأمر الذي وقفنا عنده منذ أن وطأت أقدامنا البرازيل، أن سكان هذا البلد لا يملكون معلومات عن الجزائر، بل على العكس من ذلك، فإنه بلد يبقى غريبا عنهم ولا يفقهون عنه أي شيء، حتى عن موقعه في الخريطة العالمية رغم أن الجزائر أكبر بلد مساحة في إفريقيا، وكل ما يعرفونه من معلومات عن الجزائر أنها تتواجد في كأس العالم وفقط.
اللافتات على الطريق غير موجودة تماما ومن الصعب جدا الوصول إلى سوروكابا
خلال المرور عبر الطريق الرابط بين ساو باولو وسوروكابا تلاحظ في 100 كلم فقط عديد التناقضات بين الأحياء الغنية والفقيرة، والسيارات البسيطة مثل سيارات الفولكسفاغن التي انقرضت في الجزائر والسيارات الفارهة التي لا تراها أبدا في الجزائر، كما تشاهد البنايات الشاهقة وناطحات السحاب والبيوت القصديرية التي تسمي بـ«الفافيلا»، وهي مشهورة عالميا بخطورتها واعتبارها مركزا مفضلا للمجرمين واللصوص، كما تتميز طرق البرازيل بغياب إشارات كافية على الطرق، مما يصعب على أي أجنبي السير في سيارة خاصة بمفرده في شوارع البرازيل.
شريحة الهاتف «مهمة مستحيلة» للسياح وسعر المكالمة إلى الخارج باهض جدا
كما يبقى الحصول على شريحة هاتف في البرازيل أمرا صعبا جدا ومستحيلا على السياح الذين لا يملكون وثيقة إقامة في البلد، مما يجعلهم يلجؤون إلى الهواتف العمومية المتوفرة في كل مكان غير أنها باضة الثمن وتكلف حوالي 120 دينار جزائري للدقيقة الواحدة، كما تبقى خدمة الأنترنت هي الأفضل في البرازيل أين تجدها في كل الأماكن العمومية والفنادق مجانا في أغلب الحالات.
الفارق في التوقيت الزمني بين الجزائر والبرازيل أربع ساعات كاملة
مشكلة أخرى ستصادف الجزائريين خلال تواصلهم مع أفراد عائلاتهم، تتمثل الفارق في التوقيت الزمني بين الجزائر والبرازيل والذي يصل إلى أربع ساعات كاملة، حيث إن استيقاظ المناصرين في حدود الساعة العاشرة صباحا سيتصادف مع الساعة الثانية بعد الزوال في الجزائر، وهو المشكل الذي يعاني منه أفراد البعثة الإعلامية المتواجدة هنا في البرازيل لتغطية تحضيرات «الخضر» ومبارياتهم خلال المونديال لاسيما المباراة الأخيرة التي تلعب في حدود الساعة التاسعة ليلا بالتوقيت الجزائري وتنتهي في حدود الساعة الحادية عشر ليلا.
الأمطار حاضرة بقوة هذه الأيام بساوباولو
في الوقت الذي تصل درجة الحرارة في الجزائر هذه الأيام إلى أكثر من 30 درجة، فإن المناخ هنا بمدينة سوروكابا التي سيقيم بها المنتخب الجزائري هذه الأيام غير معتدل، خاصة وأنه يتزامن مع فصل الخريف أين تتساقط الامطار بوفرة مثلما يحدث هذه الأيام، مما يجعل الأنصار مطالبين بأخذ الحيطة وجلب ملابس شتوية معهم.
مشكل الأمن مطروح بقوة في البرازيل رغم اقتراب موعد المونديال
هذا ويبقى أكبر وأهم مشكل يمكن أن يصادف الجزائريين والأجانب في البرازيل، خاصة من سيتنقل بمفرده، هو انعدام الأمن في أغلب المدن البرازيلية خاصة ليلا وفي المناطق الكبرى التي تحيط بها السكنات الفوضوية التي تلقب بـ«الفافيلا» والمتواجدة بقوة في ساوباولو، رغم أن السلطات البرازيلية اتخدت الإجراءات لتعزيز الأمن في الأماكن العامة وكل مناطق البلاد، فحسب ما استقيناه من أخبار فإن كثرة الاعتداءات من طرف عصابات الإجرام تهدد الجميع من سياح وسكان أيضا، مما يجعل أنصار «الخضر» مطالبين باتخاذ إجراءات صارمة خلال السفر وتفادي دخول المناطق مجهولة خاصة في المساء أين تنشط العصابات بقوة، ويجب السير في المناطق التي يتواجد فيها عناصر الأمن ووحدات الجيش المتواجدة في مختلف المناطق لدعم الأمن، وفي هذا الشأن روى لنا مقيمون بمدينة ساو باولو أن عصابات الإجرام متواجدة بقوة وتملك أسلحة بيضاء وحتى أسلحة نارية تنفذ بها مخططاتها لأنه لا هم لها سوى سلب الأموال من كل شخص ترى فيه مميزات تؤكد أنه يملك العملة الصعبة وحتى العملة المحلية أو بعض الأجهزة الثمينة مثل الهواتف النقالة والشاشات المسطحة وكذا أجهزة الكمبيوتر المحمولة.
السيارات المصفحة وذات الزجاج الحاجب للرؤية متواجدة بكثرة
من خلال تجولنا في مدينة ساو باولو لفت انتباهنا تواجد عدد كبير من السيارات ذات الزجاج الحاجب للرؤية، كما أكد لنا أحد الجزائريين هنا أن هناك عددا كبيرا من البرازيليين يلجأ إلى تصفيح سيارته وجعلها مقاومة للرصاص لتجنب أي مشاكل في أي حالة، كما جدد من التقيناهم التأكيد على تفادي مقاومة المجرمين في حالة حدوث أي اعتداء ومنحهم ما يريدون لأنهم مستعدون للقتل بالسلاح الناري في حال أحسوا بأي مقاومة.
البرازيل تطمح لتكون في مستوى تطلعات الفيفا ولا تبالي بالاحتجاجات
هذا وأكدت «يلين ركوزلي» المكلفة بالتنظيم في كأس العالم في منطقة تواجد «الخضر» أن السلطات البرازيلية أعدت كل شيء لاستقبال البعثات الرسمية وأنصار المنتخبات المشاركة في المونديال وقللت من المخاوف الأمنية، مؤكدة أن الجزائريين سيكونون في أمان خاصة بمدينة سوروكابا رغم أن هذه المدينة شهدت مظاهرات ومشاكل لمتظاهرين ضد كأس العالم قبل أيام قليلة.
أكثر من 400 عون أمن لتأمين “الخضر“ في سوروكابا
من جهة أخرى، كشفت اللجنة المنظمة للمونديال هنا في سوروكابا عن تخصيص أكثر من 400 عون أمن بين مختلف المصالح من شرطة وحتى الجيش لضمان أمن المنتخب الجزائري مثلما سيخصص لكل منتخب و هذا مباشرة بعد وصوله إلى المطار.