إعــــلانات

من يسلب الناس حرياتهم… لن يؤمن بمبادئ المساواة وإعادة الحقوق لأهلها

من يسلب الناس حرياتهم… لن يؤمن بمبادئ المساواة وإعادة الحقوق لأهلها

السرطان علميا هو ورم خبيث يحطّ فوق أيّ عضو داخل الجسم أو خارجه، ولا يلبث أن يغادر حتى يُنهي فريسته، عفوا، العضو الذي رسى عليه، وعلى الرغم من المسكّنات والمضّادات الحيوية والتشخيص المبكّر، فإن هذه الطفرة الغازية والدخيلة تتشبث بمكانها.

ولا همّ لها إلا كيفية التسيّد والتخريب والتلف، هكذا أردنا وصف «الكولونيالية» ممن استلذّت الفكر الإقطاعي وطوّعت بموجبه شعوب القارات، التي لا تزال تعتبرهم خدما داخل امبراطورية بنتها بقوة السلاح والبطش وليس بالفكر أو الحضارات، كما يشاع ويدعي بعض مؤرخيها وساستها.

فعدم اعتراف فرنسا بما اقترفته طيلة حقب، هو عند جيل لا يزال حيّا يشكّل سلطة القرار والشد والجذب، ويُعدّ أغلى من الذهب والبترول، لأن فرنسا المارقة والمتجبرة الماردة لا تقبل بتأريخ يشوّه سجلاتها الحضارية.

فهي تقبل العيش على وقع تناقضات بارزة، من دون النزول إلى مستوى التطبيق حين تتغنى بالعدالة والمساواة والحرية في أدبيات خطابها اليومي المتفتح على الثقافات، لكنها تقاتل على ألّا ينزل ذاك أو هذا حيّز التنفيذ، لأن الاعتراف بالنسبة لتلك الزمر و«اللوبيات»، هو تخديش ومساس بسمعة امرأة عجوز بنت مجدها على حساب الاضطهاد وقدرات ومكاسب الآخرين.

هي عقدة نفسية إذا، متجذرة عبر قرن وأزيد ويستحيل محوها بمجرد قطرات حبر، أو زلّة لسان، كما فعل الرئيس الشاب «ماكرون إمانويل»، أو نطق بها أيّا كان من قبله، وهو الذي اعترف بتعذيب «موريس أودان»، ثم بعد أسبوع، راح يقلّد فئة الحركى بوسام «فارس».

حيث يمكن لهذا السياسي المتحذلق أن يعترف لواحد مثل بن مهيدي أو عميروش أو الحواس أو أحمد زبانة، لأن المسألة ليست مسألة شجاعة أو عدم شجاعة في التصريح، ولكن في سنّ قرارات حاسمة والإعلاء من شأنها، والتخلص من سطوتها.

وهذا ما لا تريد فرنسا الرسمية الخوض فيه، وذلك يعني أنه نوع من التلاعب بالتاريخ، وأن كل ما في الأمر مجرد فزاعة وجب التخويف بها، تلك الطيور الجارحة التي لا تقبل البتة التطرق إلى المعضلة، أو حتى استشمام رائحتها، لأن الحقيقة الثابتة، هي أن فرنسا البارحة هي فرنسا اليوم، فرنسا التي لبست ثوب المجد بسواعد البسطاء والمقهورين في أوطانهم.

لذلك فهي تمدهم أجورهم ولا ترتضي أبدا أن يصبحوا مواطنين صالحين في أروقة قصورها، فهل نسمي ذلك جحودا متجذرا أو كبرياء مطلقا وتعنتا في حب الريادة، والشدّ على المقاود؟، ربما كذلك.

لكن لا نسميه أبدا اعترافا بالحريات الإنسانية، لأن الذي يتفنن في الحروب والقتال ويبدأ في الاستحواذ على ملك الغير، يستحيل أن يزرع في فكره وذهنه قيم ومبادئ المساواة وإعادة الحقوق إلى أهلها، أو ينزع منه طبائع الاستبداد والقهر، وعشق الصفوف الأمامية في جميع المجالات.

بل الأدهى من ذلك، أنه متلصصا ينقلب 180 درجة في اليوم الواحد، من أجل الحفاظ على مصالحه ولو بالاعتراف المبطن المغلف بالكلمات الرنّانة، لكنك مع مرور الحقب والسنين، تكتشف بأنها مزوّرة ومغشوشة ومجرد صمّامات أمان بغية تفويت الفرص عليك.

فرنسا وبذكائها الخارق، لا تستحوذ أو تهيمن على عضو واحد من أعضاء الجسم، في تشبيه منا عن أنها سرطان تاريخي قاتل، بل تمد أذرعها الأخطبوطية نحو جميع الأعضاء الحساسة، لتجعل من الجسم هيكلا مشلولا لا ينطق إلا بما أحبت هي ورغبت وبرمجت.

لذلك فالذين ينتظرون منها اعترافا كليا، يستحيل أن يتحقق مبتغاهم، لأن فلسفة هذه العجوز، هي الموت ولا التصريح بما اقترفته من جرائم، بل نحن نسمعهم يقولون لنا وفي انقلابات شاقولية:«نريد اعترافا عما فعلته الجبهة في حق جنودنا»!، وهذا دليل عن أن الهروب إلى الأمام هي مهنة احترافية، تبيّن وتظهر سوء النوايا اليوم وغدا.

رابط دائم : https://nhar.tv/dgA4X