مما راق لي
نحن كأوراق الشجر نختبر كل الفصول: نصفر.. نتكسر.. نسقط.. نبرد، ومع هذا لا يمر عام دون أن نحمل أزهار الربيع الحمراء، أو دون أن تنسل إلينا شمس الأمل
نحن كالفصول الأربعة..
نعم كن إنسان يمتلك من المشاعر والإحساس ما يغمر الكون، ولا تتغير مثل تغير الفصول والسنين، ولا تكن مثل بعض البشر دليل للحسد والطغيان، اجعل نفسك عنوان لصفاء المشاعر ونقاء القلب، ومهما حدث في الحياة حافظ على الجانب مضيء فيها، واستمر في العطاء بعزة نفس ترفعك عن الأخطاء، وتذكر كلنا بشر وكلنا نمثل بعضنا مهما حدث وحصل..
فبعض البشر مثل الشتاء: يتملك مشاعر باردة كبرودة الثلج المتجمد على الرصيف، يسقط على مياه النهار فتصبح جليد، ترسل لهم ضحكاتك وهمسات لكي تسعدهم، فتجد ملامحهم جامدة لا تتغير، حتى في إحزانهم لا تظهر عليهم ما يدل على ذلك، ليس لدموعهم لمعان، وقتها تتساءل لماذا؟، هل الظروف غيرت فيهم مشاعرهم أو أنهم اعتبروا فصل الشتاء رمزاً لهم..
وبعض البشر مثل فصل الصيف وحرارة الأجواء: تطلق شراراتها فتحرق الأشياء وتبعثرها، كلامهم، نظراتهم، خطواتهم، كلها تنشر الظلام بدون حدود، وترسل من ما تجعل النفوس تحمل من الحقد جبال، وتقتل في البشر الألوان، وتقتل الحب حتى قبل أن يولد، فالمشاعر والإحساس عندهم سراب صعب أن تصل له؟ لماذا..؟
وبعض البشر مثل أوراق الخريف: تتساقط مع هبوب الرياح، شعارهم لا للنجاح ونعم للخسارة، ترسل للبشر سائل بين طياتها الحياة شقاء وأحزان، القنوط يعيش معهم ومستحيل أن يغادر من قلوبهم وأرواحهم، الأمل عندهم مقتول، ولا يعترفون به حتى لو أصبح أمامهم..
أما البعض مثل فصل الربيع: تظهر سعادتها وحبها في السنة مرة واحدة، وتتبدل حياتهم وتغرد عصافير الحب في وجدانه، حتى وجوههم ترسل من السعادة شعاع، وقلوبهم تعشق عشق لا مثيل له، وعيونهم فيها من الحب ما تغرق من يحبونهم، لكن ما إن ينتهي فصل الربيع لا تعلم أين اختفت، ولا تعلم أين رحلت ولا تجد خلفهم دليل لحضورهم في نفس المكان، أنت تنتظرهم لكن في الحقيقة هم بجانبك، ولكن بصمت جميل وحقيقي قريب من الخيال.
