مظاهرالاحتفال به أخذت بعدا اجتماعيا واسعا:عيد الأم تاريخه وثني، احتضنته المسيحية، وتقبله المجتمع الجزائري
“الأم أقدس مخلوق وأيامها كلها أعياد، وأفرح عندما أفاجؤها بهدية وقبلة”
من ضمن الاحتفالات التي يوجه إليها العالم اهتماما خاصا “يوم الأم أوعيد الأم” المصادف لطيلة الأسبوع الماضي والى غاية آخر الأحد المنصرم من شهر ماي. وعلى الرغم من اختلاف هذا اليوم في تاريخه وعاداته من بلد لآخر على مستوى العالم، إلا أن هناك اتفاقا عالميا على الاحتفال به، نظرا لميزة الأمومة ومكانتها في الأسرة.
الاحتفال بعيد الأم يختلف تاريخه من دولة لأخرى، وكذلك أسلوب الاحتفال به، فالنرويج تقيمه في الأحد الثاني من شهر فيفري. أما في الأرجنتين فهويوم الأحد الثاني من شهر أكتوبر، وفي لبنان يكون اليوم الأول من فصل الربيع، وجنوب إفريقيا تحتفل به يوم الأحد الأول من ماي. أما في فرنسا فيكون الاحتفال أكثر بالعيد كعيد للأسرة في يوم الأحد الأخير من ماي، حيث يجتمع أفراد الأسرة للعشاء معاً ثم تقدم كعكة للأم.
وباعتبار أن جل دول العالم تحتفل بهذا العيد في الأحد الأخير من شهر ماي أردنا أن نستطلع المواطن الجزائري، حول هذه المناسبة وهل يحتفل بها، وهل هوعلى دراية بأصول هذا العيد.
احتفال غربي.. هدفه إفراح الأم لا غير
كانت وجهتنا الأولى شارع “العربي بن مهيدي ” بقلب العاصمة، حيث اقتربنا من الآنسة ( حياة )، سنة ثالثة ترجمة، واستفسرناها عن هذا الاحتفال، فصرحت لنا أنها دائمة الاحتفال بهذه المناسبة منذ كانت تدرس في المتوسطة، حيث “أفاجئ أمي بهدية رمزية تكون عادة زهرة وقبلة، أو باقة ورد، وأجد سعادة كبيرة عندما تفرح أمي بهديتي” تقول. وفي سؤالنا عن معرفتها بأصول هذا الاحتفال ومغزى إحيائه في الأحد الأخير من شهر ماي صرحت محدثتنا أنها لا تعلم بالتدقيق أصول هذا العيد لكنها أرجعته إلى تقليد غربي “باعتبار يوم الأحد هو يوم مقدس عندهم “، لتستطرد قائلة “لكننا باحتفالنا هذا نريد أن نزرع البسمة في قلب أغلى إنسانة في حياتنا، لا غير ” .
أما السيدة (حنان) موظفة في شركة خاصة، فقد أكدت لنا أنها تعير اهتماما خاصا لهذا الاحتفال، حيث تقوم بـ”تحضير وجبة عشاء خاصة بالتشاور مع زوجها حيث يتم دعوة الأم والحماة، يتم بعدها تقديم هدية رمزية من طرف الأحفاد للجدتين” .
“كون أمي شيء مقدس.. فإني أضعه في مصاف عيد الأضحى وعيد الفطر”
أما الكلام الذي لفت انتباهنا فهو تصريح الآنسة (سميرة) التي أكدت لنا أنها لا تعترف بجميع الأعياد “كعيد الحب وعيد المرأة، لكن كون أمي أمرا مقدسا فإنه الوحيد الذي أحتفل به وأضعه في مصاف عيدي الأضحى والفطر “، مضيفة أنه “يجب أن نحتفل بعيد الأم، وأن تُقدم أثمن الهدايا لأغلى الناس”. وعن معرفتها بأصول هذا العيد، أضافت محدثتنا “لا يهم الأصل بقدر أهمية المغزى الذي من أجله نحتفل”.
“الأم أيامها كلها عيد .. وليس يوم واحد في السنة “
وعلى النقيض من هذه الآراء، اعتبر الطالب (محمد أمين )، سنة رابعة أدب عربي، أن ” الأم أيامها كلها عيد، ولا يمكن حصرها في يوم واحد”، معتبرا هذه العادة “غربية ولا تمت لعاداتنا وتقاليدنا وديننا بصلة”، ليضيف زميله (رضا) ” الإسلام يحثنا على طاعة الوالدين، فالجنة تحت أقدام الأمهات، ويضعها في مكانة أرقى من مكانة الأب، لذا وجب علينا أن نحترم الأم في جميع أيام السنة”، خاتما حديثه حول الموضوع بأن “بعض الغربيين يتذكرون أمهاتهم في يوم واحد لأن الجري وراء ملذات الحياة ووراء الماديات تنسيهم الروابط الأسرية التي مازالت متفاعلة عندنا”، مضيفا في نفس السياق “أما نحن المسلمون فما يحمله ديننا من أواصر المحبة فيما بيننا خاصة اتجاه والدينا يفرض علينا أن نحبهما بل نصاحبهما في كل يوم”.
من أسطورة وطقوس وثنية .. إلى احتفالات رسمية
وعن أصول هذا الاحتفال سنبدأ في رواية قصة أو أسطورة هذا العيد، حيث يزعم بعض المؤرخين أن عيد الأم كان قد بدأ عند الإغريق في احتفالات عيد الربيع، حيث كانت هذه الاحتفالات مهداة إلى الإله الأم “ريا” زوجة “كرونس” الإله الأب.
وفي روما القديمة كان هناك احتفال مشابه لهذه الاحتفالات، كان لعبادة أو تبجيل -“سيبل” - أم أخرى للآلهة. وقد بدأت الأخيرة حوالي 250 سنة قبل ميلاد السيد المسيح عيسى عليه السلام؛ وهذه الاحتفالات الدينية عند الرومان كانت تسمى “هيلاريا” وتستمر لثلاثة أيام من 15 إلى 18 مارس. ثم جاء اليونانيون القدامى ليكونوا ضمن احتفالات الربيع، وفازت الإلهة (رهيا) بلقب الإلهة الأم لأنها كانت أقواهم على الإطلاق وكانوا يحتفلون بها ويقدسونها. وبمجيء المسيحية أصبح الاحتفال يقام على شرف “الكنيسة الأم” في الأحد الرابع من الصوم الكبير عند الأقباط، ويتم شراء الهدايا كل لكنيسته التي تم تعميده فيها.