مشايخ التيار السلفي في الجزائر يتبرئون من العمليات الانتحارية
شرعت السلطات العمومية في تنشيط حملة واعية ومدروسة تناهض منطق التفجيرات الانتحارية وما سار في فلكها ، كفتاوى علي بن حاج،
تشمل الرأي العام عن طريق نشر وإذاعة آراء وفتاوى الراسخين في علوم الشرع من العلماء البارزين، إلى جانب ملاحقة الفكر التكفيري في معاقله بالجبال معبر إلقاء منشورات تحمل فتاوى وردود قوية على منطق مخططي ومنفذي الجرائم في حق المسلمين تحت ذرائع واهية تحاول أن تجد لها سندا في التاريخ الإسلامي ، كالتترس، ومحاسبة ضحايا التفجيرات على نواياهم.
فقد قررت مصالح الأمن طبع مداخلات وفتاوى علماء الدين ذوي السمعة والمصداقية في الوسط الدعوي تتناول دحض ونفي تبريرات التفجيرات الانتحارية في الجزائر في شكل منشورات و توزيعها عن طريق المروحيات أثناء عمليات التمشيط بمختلف المعاقل الرئيسية للتنظيم المسمى “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي “، تحت إمارة عبد المالك درودكال ( أبو مصعب عبد الودود)، و كانت قوات الجيش قد قامت في وقت سابق خلال حملتي قانون الوئام المدني عام 1999 و ميثاق السلم و المصالحة الوطنية عام 2006 استنادا إلى فتوى الشيخ العثيمين رحمه الله الذي أفتى بعدم جدوى حمل السلاح في الجزائر، وحققت هذه الحملة نتائج إيجابية، و كانت وراء اقتناع حسان حطاب المؤسس و الأمير الوطني للجماعة السلفية للدعوة و القتال لوضع السلاح نهاية 2003 .
و قالت مصادر على صلة بالملف ، أن أجهزة الأمن اعتمدت مجددا هذه الحملة لكن هذه المرة بالإستناد إلى مناقشات و طروحات موسعة تركزت على العمليات الانتحارية و حكم الشرع فيها، إضافة إلى فكرة “التترس”التي أصبحت سندا شرعيا تلجأ إليه جماعة درودكال، و سبق أن تبنته “الجيا”، و تتمثل هذه الحملة في نشر مداخلات علماء الدين التي تستند إلى تبريرات شرعية قوية مستمدة من الحديث والسيرة النبوية والقرآن الكريم، والفتوحات السلامية في صدر الأسلام، للطعن في ” شرعية”العمليات الانتحارية التي أصبح يعتمدها التنظيم الإرهابي المسمى “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”في تبرير جرائمه وتجنيد شباب مغرر به، و ذلك في نقلة نوعية في مجال مكافحة الإرهاب، بتأكيد عدم شرعية العمليات التي يقوم بها أتباع هذا التنظيم و إقناعهم بأن ما يقومون به “انتحار” و “قتل للنفس” و ليس جهادا .
وينشط هذه الحملة علماء دين و أئمة معروفين من خلال الرد على دعوى جواز قتل المسلمين لتحقيق هدف معين على أساس أن الله يحاسبهم على نياتهم، إلى جانب مسألة التترس، وعلى سبيل المثال شرعت صباح أمس القناة الإذاعية المتخصصة “قناة القرآن الكريم” في بث مداخلات هؤلاء، أبرزهم الأساتذة أحمد بلعيد بن أبي سعيد ونبيل مصطفى عصماني، وعبد المالك رمضاني، الذي تحدث مطولا عن التترس ودحض إسقاط تطبيقاته في الفتوحات الإسلامية على ما يرتكبه الإرهابيون مالأن في الجزائر وغيرها، موضحا أن التترس هو طريقة دفاعية كان يلجأ أليها الكفار في بلاد غير المسلمين للمنع الفتوحات تقوم على وضع الأسرى المسلمين كدرع واق متقدم ، وعلى الفاتحين قتل المسلمين للوصول غالى باقي المواقع.
و استبعده المتحدث في مداخلة له من مكة المكرمة، الأخذ بهذا المبرر لقتل المسلمين، فضلا عن تعطيل مثل هذه المواقف الدموية للتنمية والتطور ومن ثمة إبقاء الشعوب والحكام في تخلف وتحت رحمة القوي العظمى التي لا تريد الخير للإسلام والمسلمين، معتمدا على أحاديث الرسول وسيرته وفتاوى كبار العلماء مثل الطبري، وهو ما شدد عليه الشيخ الطرطوسي في عدة مناسبات مؤخرا ، و جاءت الندوة تحت عنوان” التكفير و التفجير في الجزائر”، ستبث على 5 حلقات تتناول نفس موضوع التفجيرات الإنتحارية إضافة إلى مشاركة رجال دين من السعودية و سوريا هما الشيخين أبو الحارث علي حسن عبد الحميد الحلبي السوري. ، وقد تم اختيار هذه القناة المسموح بسماعها في معاقا الإرهاب استنادا إلى شهادات و اعترافات تائبين و إرهابيين موقوفين .
و أجمع جميع العلماء على أن تنظيم الجماعة السلفية للدعوة و القتال التي حولت تسميتها إلى “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ” يقوده اليوم الخوارج الذين تبقى مرجعيتهم الوحيدة هي المنهج التكفيري التي اعتمدته “الجيا” بعد انحرافها تحت إمارة عنتر زوابري و قبله جمال زيتوني .
و تعتمد قيادة درودكال اليوم على علي بن حاج كمرجعية لعملياتها بعد أن اعتبر في بيان حديث ما يقوم به التنظيم الإرهابي ” مقاومة للظلم” و منح للعمليات الانتحارية شرعية دينية في كتابه الذي انفردت “النهار” بنشره في وقت سابق ، و ذلك في غياب أدنى مرجعية لتنظيم درودكال، بعد أن طعن العديد من الأطراف في اعتداءاته الإجرامية، أبرزهم جماعة حماة الدعوة السلفية تحت إمارة سليم الأفغاني الذي قال في رسالة حديثة أن “الهيئة الشرعية لتنظيم القاعدة اعتمدت على فتوى تتعلق بتفجيرات الرياض” و ذهبت لجنة الإفتاء لتنظيم “القاعدة في البلاد الإسلامية في نفس الاتجاه بالتأكيد على أنها ” حرام ” و قتل للمسلمين .