ما العيب أن أحب صديقتي حبا جارفا
أنا فتاة في الثامنة
عشر من العمر، مشكلتي أنه لا يوجد من يفهمني، لقد تعرفت على فتاة تكبرني بخمسة أعوام عن طريق إحدي زميلاتي، ومنذ ذلك توثقت صداقتنا، فأحببتها حباً جنونياً لدرجة أنني أصبحت لا استطيع الابتعاد عنها، وأيضاً هي تبادلني الشعور نفسه، فهي طيبة في تعاملها معي، وأرتاح لها كثيراً، لقد أصبحت أتحدث معها يومياً عبر الهاتف، ونتزاور بشكل دائم، وأحياناً تأخذني معها إلى منزلها، فأجلس معها وقتاً طويلاً.. أناقشها في مشكلاتي مع أهلي، ولقد علمت منها أنها تمر بظروف قاسية.. والدها متوفي، وتعيش مع أمها، كما أنها وحيدة لا إخوة لديها وتريدني أختاً لها. المشكلة أن أهلي لا يتفهمون مدى احتياجي وارتياحي لهذه الصديقة، ويرفضون مصاحبتي لها بسبب فارق السن بيننا، ولقد أخبرتها عن رفض أهلي صداقتنا، ومطالبتهم لي بالابتعاد عنها، فبدا عليها الحزن، وقالت: إن هذا مستحيل، ولا يمكن أن نفترق أبداً، واقترحت علي أن أقيم معها في البيت للتخلص من مشكلاتي مع أهلي، وأنا أيضاً لا أريد أن أفارقها أو أتخلي عنها، فأنا مرتاحة جداً لصداقتها، ولا يعيب أنها تكبرني بسنوات.
عزيزتي، من الطبيعي أن يختار الإنسان صديقاً مقرّباً إليه، يشاطره أفراحه ويشاركه أحزانه، لكن مهما بلغت درجة محبة المرء لهذا الصديق، فإن هناك حدوداً يلزمه أن يتوقف عندها، وأن يحترمها، وإلا عرض نفسه وهذا الصديق أيضاً إلى مواقف صعبة قد تؤدي إلى أن يخسرا صداقتهما، هذه الحدود يفرضها علينا العقل والمنطق، وتفرضها القيم والأعراف الاجتماعية، التي إذا ما تجاهلناها أصبحنا شاذين في نظر المجتمع، وأنت في علاقتك بهذه الفتاة، تحاولين أن تتجاوزي كل الحدود المنطقية والمقبولة، إن هذه العواطف الشديدة التي تعبرين بها عن علاقتك بصديقتك، كلها أمور تعكس بوضوح عدم النضج الانفعالي، بحكم المرحلة العمرية التي تمرين بها، وهي مرحلة المراهقة، وفيها يندفع المراهق نحو الثقة العمياء ببعض الأشخاص، فيخضع لهم بكل عواطفه وفكره وتصرفاته.. وسبب هذا الاستهواء هو إحساس المراهق بأن الفرق شاسع بينه وبين الشخص الذي يستهويه، وهذا ما تشعرين به نحو صديقتك التي تكبرك بسنوات في العمر والتفكير، ولكن لا يعني هذا أن تتمادي في ذلك، وتطلقي العنان لهذه المشاعر غير الواعية وغير الناضجة، وعليك أن تعودي نفسك على احترام قيم وأعراف أسرتك ومجتمعك، وأن لا تنجرفي وراء رغباتك وأهوائك لمجرد أنك شعرت بعاطفة نحو صديقة أخرى، لأن ذلك قد يؤدي بك إلى الانحدار إلى سلوكات غير محمودة، أما صديقتك هذه يبدو أنها تعاني من اضطرابات عاطفية نتيجة لظروفها الأسرية، ولكن هذا لا يبرر لها في أن تعرضك أنت لفعل خاطىء يغضب أسرتك، بأن تقترح عليك فكرة الإقامة معها في منزلها، بحجة التخلص من مشكلاتك مع أهلك، وإن كانت حقاً صديقة صادقة، فإنها ستجنبك المشكلات مع أهلك وأنت في أشد الحاجة إلى رعاية والديك، هي لا تدرك عواقب ما تدعوك إليه، وأنا لا أنصحك بالاستمرار مع هذه الصديقة، ابتعدي عنها تدريجيا، اجلسي مع نفسك، وفكري بهدوء وبموضوعية وعقلانية، واستحضري العواقب جراء هذه الصداقة وأيهما أفضل أن تخسري أهلك أم صديقتك.
ردت نور