مؤرخ فرنسي لـ “النهار أونلاين”: الهوية الجزائرية موجودة قبل العثمانيين والاعتذار ضروري
تحدث المؤرخ الفرنسي المهتم بالشأن الجزائري، ترامور كيمنور، في حوار حصري خص به “النهار أونلاين” عن العلاقات الجزائرية الفرنسية. والأزمة التي أحدثتها التصريحات التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حول عدم وجود هوية جزائرية.
النهار أونلاين: تصريحات إيمانويل ماكرون حول عدم وجود “هوية جزائرية” قبل الاستعمار الفرنسي أشعلت التوترات بين الجزائر وباريس. بصفتكم مؤرخ ما ردكم على ذلك؟
ترامور كيمنور: قبل دخول الفرنسيين إلى الجزائر كان الشعب الجزائري يتحدث اللغة العربية والبربرية، وينتمون للدين الاسلامي. الأراضي التي كانت خاضعة للسيطرة العثمانية كانت محدودة. حيث كانت هناك وصاية عثمانية على الجزائر العاصمة وبيكيات قسنطينة والمدية ووهران. لكن الأراضي الخاضعة للسيطرة ظلت محدودة ولم يتم تقديرها في الأرض.
النهار أونلاين: كيف تصف تصريحات ماكرون حول هذا الموضوع؟
ترامور كيمنور: الوجود الفرنسي في الجزائر كان استعمارا استيطانيا. ولا أحد يمكنه إنكار ذلك على عكس الوجود العثماني الذي لم يكن مستعمرا. بمعنى أنه يأتي المستعمرون مع عائلاتهم ويتزوجون بشكل حصري تقريبًا فيما بينهم.
لذلك يجب أن ننتبه إلى الفترات والسياقات التاريخية التي ليست هي نفسها.
النهار أونلاين: ما الذي على فرنسا فعله لتهدئة العلاقات؟
ترامور كيمنور: يبدو لي أن الاعتذار هو مفتاح تهدئة التوترات. ولحد الساعة تم إحراز تقدم ملموس في قضايا مهمة على غرار التجارب النووية، والمفقودين، والمنح الدراسية، إلخ.
سيكون من الجيد الابتعاد عن الحديث دون القيام بأي شيء ملموس. على العكس من ذلك، يجب أن تثار قضايا مهمة ويتم حلها. هذا سوف يخفف تدريجيا من التوترات.
لنفكر قليلا في التصريحات التي صدرت بالفعل من فرنسا وطلبات العفو من عائلة موريس أودين. الذي حارب من أجل استقلال الجزائر والذي اغتاله الجنود الفرنسيون. أو المحامي علي بومنجل، الذي أعدم بعد أن أوقفه المظليون الفرنسيون.
يجب ألا تتوقف العملية الآن، في الوقت الذي تأتي فيه لحظات مهمة، مع الذكرى الستين لمذبحة 17 أكتوبر 1961. يجب أن تستمر طلبات العفو مع المضي قدمًا في القضايا الملموسة.
النهار أونلاين: خلال خطابه الأول للترشح للرئاسة الفرنسية، وعد الرئيس الفرنسي ماكرون بالاعتذار للجزائر عما فعلته خلال الفترة الاستعمارية. واليوم تزامنًا مع التحضير للرئاسات المقبلة، هاجم الجزائر بأقوى العبارات. ما الذي تغير؟
ترامور كيمنور: الرئيس الفرنسي منزعج لرؤية أن التقدم في قضايا الذاكرة في فرنسا مع “تقرير ستورا”. لم يثر الكثير من ردود الفعل. حتى أن نظير بنجامين ستورا، عبد المجيد شيخي ، انتقد التقرير بشدة.
من الضروري أن يقوم رئيسا الدولتين بالتعاون في هذا المجال. حتى لا يسمحون لأصحاب المصالح المعادية الاصطياد في المياه العكرة. وإشعال النار لعدم اتمام العملية. خاصة في إطار الانتخابات الرئاسية الفرنسية. في هذه الحالة، سيكون لدى شعبينا الكثير ليخسرا بخطاب الكراهية الذي نسمعه بالفعل.
النهار أونلاين: في تصريحه الأخير، قال بنجامين ستورا “لم يعد هناك أي سبب للتحفظ على ما فعلته فرنسا الاستعمارية خلال الحرب الجزائرية” هل هي بداية الاعتذار؟
ترامور كيمنور: بالطبع ! يجب رفع كل المحظورات، وهذا لا يتعلق فقط بالحرب ولكن بالفترة الاستعمارية بأكملها. من خلال رفع كل هذه المحظورات، سنتمكن من الحصول على ذاكرة أكثر هدوءًا. يجب أن يتم ذلك بدون تزييف، وبدون كراهية.
النهار أونلاين: إذا تحدثنا عن الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة، فما هي فرص فوز ماكرون؟
ترامور كيمنور: يبدو أن إيمانويل ماكرون هو الأفضل في استطلاعات الرأي. ومع ذلك ما زلنا على بعد ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية، أي إذا لم يتم فعل أي شيء.
كل شيء يمكن أن يتحرك، بطريقة أو بأخرى. إذا تعثرت عملية المصالحة الفرنسية الجزائرية، فيمكن أن تنسب الفضل إلى هؤلاء المتعصبين للكراهية. ولكن، إذا استمرت التهدئة، يمكنها إسكات أولئك الذين يبشرون بالخلاف. لفترة طويلة، اخترت بحزم معسكري: معسكر الصداقة بين شعبينا.