كلمات جديدة تحول لهجة الشباب إلى شفرة
“هنا قوم الرابيد، لازم تبوجي باش تاكل الروجي” هذه من بين الجمل التي نسمعها يوميا في الشارع تتداولها ألسنة الشباب، تتميز بصعوبة نطقها وفهمها، فما أكثر هذه الكلمات والجمل التي حولت اللهجة إلى شفرة يستعملها الشباب لإخفاء ما ينوون فعله خاصة أمام الأولياء والأشخاص المتقدمين في السن الذين يجدون صعوبة في فهمها.
حدثنا بعض الأولياء عن الموضوع مبدين استياءهم في كثير من الأحيان خاصة أنهم لا يفهمون بعض الكلمات، حيث قال لنا السيد “حفيظ” أب لثلاثة شبان تتراوح أعمارهم بين 16 و26 سنة، أنه يصعب عليه فهم كل ما يقوله أبناؤه لأن كلامهم عبارة عن شفرات يصعب فكّها، ما يجعله يكتفي بالمعنى الإجمالي للجملة لفهم ما يريد إيصاله أبناؤه. من جهة أخرى قالت لنا المعلمة نادية 39 سنة أم لطفلين “كان يجب عليّ أن أتعلم هذه اللهجة الجديدة لأن معظم تلامذتي يتحدثون بها”، كما صرحت لنا أن التلاميذ في المدارس تركوا اللغة العربية الأصيلة، واللهجة الجزائرية المألوفة، ليتجهوا إلى هذه الكلمات الغريبة التي لا يفهم منها الكبار شيئا، فأعطتنا مثالا عن تلميذ تدرسه، كل كلامه شفرات، فمثلا بدلا أن يستأذن بالخروج، يقول لها: “أستاذة نقدر نهرب” في حين أن الهروب، هو فرار في اللغة العربية، ليصبح في لهجة الشباب مرادفا للذهاب أو الخروج. ما سردته لنا السيدة نادية، جعلنا نتشوق للجلوس الى هؤلاء التلاميذ من الشباب لنتبادل معهم أطراف الحديث. ونحن نتمشى في الشارع لمحنا مجموعة من التلاميذ، اقتربنا منهم، كان بينهم شاب في 17 سنة من العمر يلبس سروال جينس، حذاء رياضية وقميص عليه رمز للحرية، حين بدأنا الكلام معه أصبح يتكلم بطريقة جد مسلّية، لأول وهلة لقبني بـ”شريكتي”، واستهل كلامه للحديث عن الدراسة بطريقة جد غريبة، إذ قال لنا إن الدراسة في الثانوية “هبال” وحين استفسرناه عن قصده، أخبرنا أنه يحضر لشهادة البكالوريا شعبة رياضيات، وأن هذه الشعبة صعبة جدا، فطلبنا منه أن يعطي لنا بعضا من هذه الكلمات التي يستعملها مع أصدقائه يوميا، فابتسم وطلب من شلته أن تساعده على ذكر البعض منها، وأول من تحدث كانت بنتا، لا يختلف هندامها عمّا كان يلبسه الذكور في المجموعة. قالت لنا كلنا يعرف ما يقصد من تعبير “شخص كعبة” بعد أن صارت من التعابير المألوفة في اللهجة الجزائرية فيما تعني كلمة “كعبة” في شرق الجزائر “حبة”، لكنها الآن وتحديدا عند الشباب “كعبة” تعني شخص غير متحضر، وما أكثر الكلمات التي يستعملها شبابنا اليوم، نذكر منها: “سنكوحة” تعني خمسون دينارا و”نهف” تعني آكل، “تشيبا” تعني فائدة، “تقرقيبة” تعني فائدة صغيرة. حاولنا معرفة مصدر هذه الكلمات والجمل، فسألناهم لكننا لم نجد أية إجابة عن سؤالنا، وقد اكتفى هؤلاء الشباب بإخبارنا من بينهم “جودي” يملك مقهى للأنترنت أن للأنترنت دور في ترويج هذه اللهجة الجديدة، إذ يتبادل الشباب أطراف الحديث عبر “المسنجر”، وهكذا فإن هذه الكلمات تنقل من منطقة لأخرى. وعند سؤالنا عمّا إذا كان هؤلاء الشباب يحدثون أولياءهم بهذه اللغة المشفرة، أخبرونا أنهم لو خاطبوهم بتلك العبارات لما فهموا شيئا، بل يحاولون تبسيط الأشياء والتكلم كما قالوا بطريقة عادية وبسيطة.