قضية توازن سوق النقال تدفع بمدير سلطة الضبط إلى الاستقالة
علمت ”النهار” من مصادر مسؤولة في سلطة ضبط البريد للاتصالات السلكية واللاّسلكية؛ أن الأسباب الرئيسة التي كانت وراء استقالة المدير العام ياسين عبد الحفيظ من منصبه نهاية الأسبوع المنصرم؛ تعود إلى تدخل رئيس السلطة في صلاحيات هذا الأخير.ويعدّ ياسين عبد الحق ثاني مدير عام لسلطة ضبط البريد للاتصالات السلكية واللاسلكية يستقيل من منصبه بعد فضيل بن يلس في أقل من سنة لأسباب، أرجعتها مصادرنا، إلى التدخل المبالغ فيه من طرف الرئيسة زهرة دردوري، تضاف إليها أسباب أخرى تدور حول اختلاط الأمور داخل السلطة، وكذا التحقيقات المفتوحة من طرف السلطات.وتأتي استقالة ياسين عبد الحق بعد أيام قليلة عن طرح المتعامل القطري للاتصالات ”نجمة” الجزائر قضية ضرورة خلق توازن في السوق الوطنية للهاتف النقال؛ في حين كان المتعامل الوطني ”موبيليس” سبّاقا لطرح القضية لكن ليس بنفس وزن ”نجمة”، حيث ردّت زهرة دردوري في هذا الشأن قائلة، إن ”تحديد سقف الهيمنة في سوق النقال يعود قانونيا لسلطة الضبط؛ وأن مهمة السلطة تتمثّل في السهر على ضمان شروط منافسة عادلة بين المتعاملين”.ولدى تطرّقها إلى إعادة توازن سوق الهاتف النقال، عدّت دردوري أن هذه العبارة استعملت ”خطأ”، كون تطوّر حصص سوق المتعاملين يتوقف بالدرجة الأولى على الأهمية التي يوليها كل واحد منهم لنوعية الخدمات المقدّمة للزبائن، ومستوى الاستثمار المخصّص، وابتكارات التسويق، وتلبية حاجيات الزبائن فيما يخصّ الأسعار وتنوع عروضهم. مستطردة؛ أن ”سلطة الضبط وحدها تتوفّر على معطيات رسمية، وأنه ”يجب أخذ معطيات السلطة لوحدها بعين الاعتبار في كل تحليل للسوق”.وفي السياق ذاته، وعلى الصعيد الخارجي، كانت سلطة الضبط قد أقحمت نفسها في أمور وقضايا خارجة عن نطاق صلاحياتها، على غرار الخصومات التي تعيشها مع متعاملي خدمات الويماكس في الجزائر؛ سرعان ما تحوّلت إلى صراع هدّدت على إثره 3 مؤسسات؛ هي ”آس آل سي” و”إيكوس نات” و”أنور نات”؛ بالتوجه نحو مجلس الدولة لإيداع شكوى ضد سلطة الضبط للبريد والمواصلات السلكية واللاّسلكية، وهذا على خلفية خلقها ضريبة بـ10 من المائة متعلّقة بكلّ خدمات وعتاد الأنترنت بالويماكس واللاّسلكي، مما أدّى إلى رفع الأسعار، الأمر الذي فنّدته سلطة الضبط؛ مؤكدة أن هذه الضريبة قديمة ولم تكن مطبّقة.ومن جهة أخرى، لم تحرّك سلطة الضبط ساكنا أمام جميع المشكلات الهيكلية والتنظيمية التي تعيشها سوق الهاتف النقال بالجزائر؛ وحالة عدم التوازن التي أفضت إلى هيمنة متعامل واحد فقط على سوق الهاتف النقال، كلّها لم تحرّك سلطة الضبط أمامها ساكنا، خاصة وأن المنافسة تعدّ حاليا محدودة بسبب مشكلات هيكلية جدّية؛ وكذا غياب الإجراءات التنظيمية اللاّزمة، مما خلق نوعا من الحساسيات بينها وبين متعاملي الهاتف النقال في الجزائر، الذين رفعوا دعوات متكرّرة إليها من أجل التدخل لإعادة التوزان في السوق وخلق منافسة عادلة من شأنها القضاء على الهيمنة والاحتكار.كلّ هذه المشكلات الداخلية والصراعات الخارجية التي تهزّ مكانة سلطة الضبط، ستؤثر لا محالة بالسلب في تطوّر قطاع الاتصالات في الجزائر، فكيف لسلطة الضبط التي لم تستطع الحفاظ على توازنها على خلفية الاهتزازات الداخلية، واستقالات إطاراتها، أن تحقّق التوازن في سوق الاتصالات في الجزائر، وضمان تطوّر أفضل في مجال التكنولوجيات الحديثة من أجل اللّحاق بالركب؟!.