إعــــلانات

قصة ‮32 ‬جزائريا‮ ‬يعيشون كالجرذان‮ ‬داخل‮ ‬حانوت

قصة ‮32 ‬جزائريا‮ ‬يعيشون كالجرذان‮ ‬داخل‮ ‬حانوت

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”Tableau Normal”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin:0cm;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:”Times New Roman”;
mso-ansi-language:#0400;
mso-fareast-language:#0400;
mso-bidi-language:#0400;}

تزامن قيامنا بإنجاز هذا الروبورتاج حول 23 فردا من عائلة وحيدة تعيش ‘بحانوت’ و ‘ڤيطون’ بوسط العاصمة منذ حوالي 5 أشهر، مع إعدادنا لروبورتاج آخر حول عائلات تقطن بالبيوت القصديرية بمنطقة شفة بولاية البليدة منذ 20 سنة، غير أن الملفت للانتباه هو أن السلطات المحلية لولاية البليدة لم تتحرك، ربما لأن تلك العائلات تقع بمنطقة معزولة بعيدة عن أعين المسؤولين وأسفل الطريق السيار شرق غرب المؤدي إلى المدية ووهران، وهو أمر قريب من المعقول.. لكن الأمر غير المعقول فعلا أن تلك العائلة تقطن بمحاذاة هيئات رسمية.. وجدت نفسها بين عشية وضحاها مرمية بالشارع هو دون تحرك من هم ‘سلطات محلية’..

نعم، بالفعل هم عائلة حمروني المكونة من 23 فردا.. جعلوا من ‘حانوت’ مسكنا لهم منذ 5 أشهر بشارع مسعود خياط بالأبيار بالعاصمة، بعدما تعرضت للطرد من المنزل الذي مكثت به طيلة 50 سنة. ورغم الشكوى والتقارير التي أرسلتها إلى الجهات المتخصصة للمطالبة بإعادة إسكانها، غير أنها لحد الساعة لاتزال بالشارع تواجه مصيرا مجهولا..

طرقنا الباب، أو بالأحرى لوحة خشبية تم وضعها عند مدخل ‘الخيمة’، عاودنا الطرق، تقدمنا خطوات نحو الأمام، فوجدنا أنفسنا داخل ڤيطون. وأول شيء قابلَنا ولفت انتباهنا هو ‘العلم الجزائري’ الذي تم وضعه عند المدخل، قارورة غاز مركونة بإحدى زوايا الخيمة، وبالقرب منها طاولة صغيرة وفوقها بعض الأواني.. صناديق للمشروبات الغازية وُضع فوقها أحذية، وملابس منثورة هنا وهناك منشورة فوق حبال رفيعة.. ونحن نتأمل المكان حتى أطل علينا أحد أفراد عائلة ‘حمروني’، الذي يبدو عليه أنه كان نائما..

استقبلَنا ورحب بنا بالبيت.. آه عفوا بالڤيطون الذي نصّبوه منذ 14 جويلية الماضي، وهو تاريخ طردهم من المسكن الذي عاشوا به طيلة 52 سنة.. وراح يسرد لنا معاناته ومعاناة أفراد عائلته المكونة من 23 فردا…

طُردنا من منزلنا منذ 5 أشهر.. نحن نواجه مصيرا مجهولا.. وأولادنا يرفضون الذهاب إلى المدرسة خوفا من كلمة ”أولاد الڤيطون!

بعدما حصل المصور بلال على الإذن بتصوير المكان أخذت لنفسي مكانا في إحدى زوايا الڤيطون، وراح حينها السيد ‘حمروني’ يسرد لنا تفاصيل طردهم من المسكن وظروف معيشتهم بالحانوت الذي حوّلوه إلى بيت يرقد به 23 فردا! حيث أكد لنا بأنه متزوج وأب لولدين. وأما إخوته الثلاثة فالأخ الأكبر البالغ من العمر 59 سنة أب لستة أبناء، وأما الأخ الأصغر منه فيبلغ من العمر 56 سنة وهو أب لثلاثة أولاد، في حين يبلغ الأخ الأصغر منهما 54 سنة، وهو أب لـ 4 أولاد، في حين أضاف قائلا: ‘طُردنا من المنزل الذي عشنا فيه طفولتنا وشبابنا وحتى شيخوختنا في 14جويلية الماضي، ومنذ ذلك التاريخ المشؤوم ونحن مرميّون بالشارع رفقة أبنائنا وزوجاتنا! فحتى السلطات الوصية أخبرتنا بأنه لا يمكنها فعل شيء، واكتفت بالقول ربي يكون معاكم! ماذا عسانا أن نقول؟! وما عسانا أن نفعل حتى أبناؤنا أصبحوا يرفضون الذهاب إلى المدرسة خوفا من أن يعيّبوهم بأولاد الڤيطون!’…

حانوت بمواصفات ‘قبو’.. وسط العاصمة..

استأذنت لدخول ‘الڤاراج’ الذي تم تحويله إلى غرفة، وبالقرب منه يوجد حانوت هو الآخر تم تحويله إلى غرفة ثانية بعدما تم غلقه، غير أن الذي آلمني فعلا هو مشهد ذلك الطفل الصغير الذي لا يتجاوز سنه 5 سنوات نائما في إحدى زوايا الڤاراج بملابسه وحذائه ومئزره الأزرق، وبجانبه ترقد محفظته الصغيرة التي رفض مفارقتها. وقفت للحظات ورحت أتأمل المكان.. أفرشة وأغطية موضوعة هنا وهنا. تقدمت بضع خطوات نحو الأمام لاكتشاف المكان فوجدت نفسي في زاوية صغيرة يوجد على مستواها مرحاض وبعض الأواني والأفرشة الموضوعة هنا وهناك.. عدت أدراجي، فوجدت نفسي وسط ديكور لا يختلف عما سبقه، فالڤاراج حيطانه من الإسمنت.. أما الخيمة فسقفها عبارة  عن ‘باش’، وجدرانها عبارة عن بقايا أفرشة وأغطية قديمة لعلها تقيهم حرارة الصيف وبرودة الشتاء.. دخلت الڤيطون.. الذي تنعدم به أبسط شروط الحياة الكريمة.. لا شيء آخر قابلني سوى مشهد تلك الأفرشة والأغطية المركونة هنا وهناك.. وبجانبها طاولة صغيرة وُضع فوقها جهاز تلفزيون يحيط به بعض علب الأدوية ومفاتيح متناثرة هنا وهناك وهواتف نقالة.. وفي تلك اللحظات الخاطفة بقيت أتأمل حتى التحق بي الأخ الأكبر الذي قال: ‘عندما تسقط الأمطار نضطر ليلا لترك النوم، ولا نعرف سبيلا للراحة، فنُجبر على حمل المنشفات حتى نتفادى أي فضيان!’.. ليتدخل الأخ الأصغر قائلا: ‘نحن الرجال ننام في الڤيطون ونترك النساء يرقدن مع الأولاد في الحانوت والڤاراج، غير أنه مباشرة بعدما تطلع شمس الصباح نضطر للخروج، فمنهم من يلتحق بجامعته، ومنهم بمدرسته ومنهم من يلتحق بعمله. أما زوجاتنا فيضطررن للقيام بزيارات وجولات إلى الجيران والأقارب’.. أما في الجهة الخلفية للڤيطون فيوجد ‘الحانوت’ الذي حُول هو الآخر إلى غرفة ثانية هو الآخر، تنعدم به أبسط شروط الحياة، بعدما تم غلقه منذ حوالي 5 أشهر، غير أن بابه كان مغلقا..

تركنا عائلة ‘حمروني’ بحانوتها تواجه مصيرا مجهولا إلى غاية أن يأتي الفرج يوما.. لعل وعسى تلتفت السلطات المحلية لها…

 

رابط دائم : https://nhar.tv/TkzLi