إعــــلانات

قرن ونصف من التعبد في الداخل وتأمل في جمال الطبيعة من الخارج

قرن ونصف من التعبد في الداخل وتأمل في جمال الطبيعة من الخارج

ليست كنيسة السيدة الإفريقية إلا من المواقع القليلة الباقية في العاصمة التي أفلتت من الزحمة وتلوثها السمعي ،تمنح لزائرها الهدوء والسكينة والمنظر الخلاب :

شيوخ ، عجائز وأزواج يتبادلون الحديث  توزعوا في حديقة الكنيسة حتى أن صخب  البنائين الذين كانوا يباشرون أعمال الترميم في الكنيسة لم يكونوا ليزعجوا بما أن منظر الخضرة و  البحر  تلهيك عن أي صخب من حولك  والأمر على ما هو عليه منذ قرن ونصف.  الأكيد أن موقع السيدة الإفريقية كتحفة تاريخية  وموقع أثري تجاوزه  لدى سكان الجوار  إلى متنفس لا يمكن الاستغناء عنه خاصة مع توفر حراسة رجال الأمن  والذين يسهرون على منع  تجول المنحرفين  بالمكان  ولعل سكان الجوار من أحياء باب الوادي ،سانت اوجان ،الزغارة محظوظون  الأمر   الذي عكسه مشهد الشيوخ الذين اصطفوا تحت جدار الكنيسة لينعموا  بالهدوء وأشعة الشمس  اقتربنا منهم ولدى التعريف بهويتنا لم يتوانوا  في الحديث عن أيامهم الخوالي ب”السيدة الإفريقية و شاءت الصدف أن يكون أقدم زائريها  السيد “رابح العز وني”  الذي يبلغ من العمر 95 سنة وهو والد الشرطي  “محمد العزوني” المعروف ب”اشرطي المخفي”والذي استرسل في الحديث عن ذكرياته مع الموقع
وكله حماس  حتى انه كان يحرص على  يقود الحديث مشاكسا اقرأنه من الشيوخ وآمرا إياهم بالسكوت بحد العصا التي كان يحملها معه  يقول الشيخ العزوني”في وقت الاستعمار كانت هذه الكنيسة مقصد العائلات الفرنسية من كل حدب وصوب  أما القس فقد كان يلبس “القندورة “ويضع “شاشية اسطنبول” تماشيا مع تقاليد المجتمع الجزائري و خلال أعياد رأس السنة فقد كانوا يحملون تمثال مريم العذراء ويلفون بها حول حديقة الكنيسة التي نحن جالسون فيها  كما  أنشئت الكنيسة حينها  مستوصفا  للعلاج المجاني وكانت الراهبات يقصدن منازل  الماكثات بالبيوت لتعليمهن أشغال الطرز والحياكة والإسعافات الأولية “.

أشغال الترميم جارية وقيمتها قاربت 50 مليون اورو
وجدنا الكنيسة تخضع  لترميمات من جانبيها الشمالى والشرقي والذي تدوم مدته  سنة كاملة كمرحلة أولى  لتباشر بعدها مؤسسة روجرز أشغال الترميم من الجهة الجنوبية والغربية للكنيسة   والتي ستدوم سنتين وحسب بعض المصادر فان كلفة المشروع قاربت 50 مليون اورو  شاركت بها مصلح ولاية الجزائر بنسبة فيها انتظرنا الساعة الحادية عشر موعد فتح أبواب الكنيسة لأبوابها فلم تكن الكنيسة من الداخل إلا امتداد لروعة الحديقة والمنظر الذي تطل عليه  فالمبنى الذي  شيده البناء الكبير”فرومجو” سنة  1858  تحت رعاية الكاردينال لافيجري والتي تم تدشينها  رسميا  في 4 ماي 1872   يعود مصدر تأسيسه  إلى امرأة قدمت من مدينة ليون الفرنسية واسمها مارغريت بورجي” المعروفة بالآنسة “اغاريت”  وهي مدفونة في مدخل الكنيسة أين يتواجد تمثال السيدة الإفريقية بطول 3 متر، المشهد من الداخل مزيج من الهندسة المعمارية  البيزنطية والعربية والاسبانية تتوزع على قاعة الدخول والفناء الذي يضم الكراسي ومكان المذبح . ما يلفت انتباهك بمجرد أن تطأ قدمك الكنيسة هو الكتابات المنقوشة على ألواح من الرخام يعبر أصحابها عن شكرهم لله بعد أن استجاب إلى دعائهم من بينها نذر مستجاب لملاح الفضاء “فرانك بورمان” الذي سجله لدى زيارته في الجزائر بعد أن  قام برحلة فضائية سنة   1970  كما تشدك الإيقونات الجميلة للعذراء والمسيح عليه السلام وأخرى تعبر عن مراحل من حياة القديس اغسطين.
ونحن نتجول بين المقاعد الخشبية للكنيسة التي غمرتها ترانيم كنسية هادئة  كانت هي خاشعة في صلاتها جالسة على ركبتيها تشبك أصابعها في دعاء طويل  بعد أن انتهت سألناها عن هذه الزيارة فقالت “أنا فرنسية الأصل مسيحية الديانة ازور الجزائر مرارا لاعتبارات شخصية وفي كل مرة اغتنم الفرصة لزيارة السيدة الإفريقية وعلني في فرنسا لا أجد الوقت لأقصد الكنائس لكنني عندما أقصد الجزائر أكون في عطلة مما يمنحني فرصة التواصل مع الله في هذه الكنيسة الرائعة الموقع” ، زائر آخر  كان جالسا على مقعد خشبي يتأمل في صمت  ،في الخمسينات من العمر لكننا متأكدين من انه جزائري الأصل وفعلا هذا ما أكده لنا  في دردشتنا معه” أجيء إلى هنا متى سنحت لي الفرصة أنا تاجر وأب لسبعة أطفال مسلم الديانة لكن هذه الكنيسة بهدوئها وجمال هندستها وروعة حديقتها تمنحني الراحة  و  فرصة  وضع حاجز مع حياة التاجر المليئة بالصخب” ولم نتأكد إن كان الأمر كذلك أم هي فرصة استعادة ذكريات أيام خوال قضاها مع زوجته الأولى الفرنسية الأصل والتي  هي من عرفه على الكنيسة عندما كان تأتي للتعبد حسب ما قاله لنا.

نشرية الكنيسة: “التبشير مقموع في الجزائر والمتنصرين لا مواطنين”         
لا يمكن الحديث عن السيدة الإفريقية دون الحديث عن حركة التنصير بالجزائر وقد كان  لمحدثينا من  الزوار الدائمين حديث عن معتنقي الديانة المسيحية ومنهم “احمد” وهو شاب  بطال تعود دائما على الجلوس قبالة البحر في حديقة الكنيسة للتنفيس عن همومه وتمضية الوقت” لقد حدث وان تعرفت هنا على شباب جامعيين اعتنقوا المسيحية   يأتون  للصلاة وقد صرح لي احدهم انه كان ملحدا  قالوا لي أنهم يريدون الحصول على الفيزا وان أمكن مواصلة الدراسة بالخارج بتمويل الكنيسة الكاثوليكية”.
في نشرية جديدة من إمضاء “حماة كنيسة  السيدة الإفريقية “والتي سلمتها لنا راهبة بالمكان تناولت تاريخ المسحية في المغرب العربي وفي الفقرة التي تخص الجزائر نقرا ما يلي ” عاودت الكنيسة الكاثوليكية الرجوع للجزائر بعد الغزو الفرنسي بعد استقرار الأبرشية في 1883 وكانت الكنائس تعنى حيتها بالعمل الجماعي والتمريض والتدريب وبقي بعض  المبشرين في الجزائر حتى بعد الاستقلال تعمل في أوساط الشرائح الفقيرة من المجتمع” وفي مكان أخر من النشرية نجد ما يلي”رغم أن الدولة الجزائرية عموما تحترم حرية المعتقد وممارسة شعائر ديانة أخرى رغم بعض الموانع … لأسباب أمنية  لجئ الكثير إلى العيش في تجمعات  بالمدن الكبرى العاصمة عنابة، الجزائر  ومنطقة القبائل.حديثا تزايد عدد الانجليين البروتنستانت  في منطقة القبائل الكبرى. كتزايد عدد “الكنائس المنازل” في ذات المنطقة والتي يلتقى فيها  الإتباع سريا خشية افتضاح ا مرهم أو بسبب نقص التمويل المالي لتشييد كنائس  كما أن هناك مجموعة واحدة من المبشرين تنشط بالمنطقة كل الوقت وبمركز قار  لكن مجموعات الانجليين الآخرين فهي تنشط بين الولايات بما فيها منطقة القبائل لكنهم غير مستقرين … رغم عدم وجود قوانين  شرعت ضد المرتدين من المواطنين  إلا أن صنيعهم ذلك يعطيهم بعد “اللامواطنة”.  يقتصر النشاط الشرعي للكنائس في الجزائر على الكنيسة الكاثوليكية الرومانية والبروتستانتية  والسبتية فيما يبقى  أعضاء الكنائس الأخرى مجبرين على النشاط بدون تسريح حكومي وبسرية في منازلهم كما هو الحال مع الكنيسة الميثودية المسجلة كفرع من الكنيسة البروتستانتية.”

رابط دائم : https://nhar.tv/VsPQN