فضل العشر الأوائل من ذي الحجة
في الحديث الذي رواه الطبراني قال صلى الله عليه وسلم: “إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً”، وعشر ذي الحجة من مواسم الخير التي ينبغي على المسلم أن يتعرض فيها لنفحات رحمة الله عز وجل وذلك بالإكثار من العمل الصالح في هذه الأيام من صيام وقيام وقراءة القرآن وتسبيح وتهليل واستغفار.
يقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد من علماء المملكة السعودية: من مواسم الطّاعة العظيمة العشر الأول من ذي الحجة التي فضّلها الله تعالى على سائر أيام العام، فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر . قالوا ولا الجهاد في سبيل الله !! قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء ” أخرجه البخاري 2/457 .فهذه النصوص وغيرها تدلّ على أنّ هذه العشرالأوائل من ذي الحجة من أفضل سائر أيام السنة دون استثناء شيء منها، حتى العشر الأواخر من رمضان . ولكنّ ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل لاشتمالها على ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر ، وبهذا يجتمع شمل الأدلة. ففي تفسير ابن كثير 5/ 412 فضل هذه الأيام العشر جاءت من أمور كثيرة منها : أن الله تعالى أقسم بها : والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظمة نفعه، قال تعالى : “والفجر وليال عشر” قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف: إنها عشر ذي الحجة . قال ابن كثير: ” وهو الصحيح ” تفسير ابن كثير8/413 أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد بأنها أفضل أيام الدنيا، كما تقدّم في الحديث الصحيح أنه حث فيها على العمل الصالح لشرف الزمان بالنسبة لأهل الأمصاروشرف المكان، وهذا خاص بحجاج بيت الله الحرام، أنه أمر فيها بكثرة التسبيح والتحميد والتكبير كما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال” ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد “. أخرجه احمد 7/224 وصحّح إسناده أحمد شاكر. أن فيها يوم عرفة وهو اليوم المشهود الذي أكمل الله فيه الدّين وصيامه يكفّر آثام سنتين ، وفي العشر أيضا يوم النحر الذي هو أعظم أيام السنّة على الإطلاق وهو يوم الحجّ الأكبر الذي يجتمع فيه من الطّاعات والعبادات ما لا يجتمع في غيره أن فيها الأضحية والحج.ومن الأعمال الفاضلة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها في عشر ذي الحجة الصيام، وقد كان النبي يصوم تسع ذي الحجة . فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر الإثنين والخميس ” أخرجه النسائي 4/205 وأبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود 2/ 462 وكذلك الجهر بالتكبير قال الله تعالى:” ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام” أداء الحج والعمرة إن من أفضل ما يعمل في هذه العشر حج بيت الله الحرام ، فمن وفقه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب فله نصيب إن شاء الله من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج ” المبرور ليس له جزاء إلا الجنة” الإكثار من الأعمال الصالحة، بالإضافة إلى الأضحية: ومن الأعمال الصالحة في هذا العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي وبذل المال في سبيل الله تعالى والتوبة النصوح والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب . فليحرص المسلم على مواسم الخير، فإنها سريعة الانقضاء ، وليقدم لنفسه عملا صالحاً يجد ثوابه أحوج ما يكون إليه البدار البدار بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة ، فما منها عِوَضٌ ولا تُقدَّر بقيمة .