فرنسا علمت بانـدلاع الثورة قبــل بــدايتها
الفرنسيون توقّعوا أن يقوم التوانسة بالتسلل إلى التراب الجزائري وتنفيذ هجمات لكن الخطر جاء من الجزائريين ^ تقارير رسمية أمريكية وصفت الثوّار والمجاهدين بـ«الفلاڤة» و«الإرهابين »
تكشف تقارير رسمية للمخابرات الأمريكية تأخذ طابع السرية، صدرت، ساعات قبل اندلاع ثورة أول نوفمبر عام 1954 وأيام قليلة بعد ذلك التاريخ، أن السلطات الاستعمارية الفرنسية كانت على علم بوجود مخاطر من اندلاع هجمات مسلحة داخل التراب الجزائري، لكن من دون معرفة التاريخ والموعد بالتحديد لتنفيذ تلك الهجمات.وحسب تقرير للمخابرات الأمريكية، يحمل تاريخ 31 أكتوبر 1954، فإن وزير الحرب الفرنسي، حينذاك، جاك شوفالي قد أبلغ السفير الأمريكي في باريس، يوم 28 أكتوبر من نفس السنة، بعلم حكومة بلاده بأن مجموعات من المقاتلين التوانسة يعتزمون دخول الجزائر وتنفيذ هجمات ضد المصالح الفرنسية.وقالت البرقية، إن المسؤول الفرنسي قد أبلغ السفير الأمريكي بأن تقديرات باريس لقوة المقاتلين التونسيين، تشير إلى أن عددهم يبلغ 1800 مسلح، فيما بدا لافتا أن البرقية كانت تصف المقاتلين بـ«الفلاڤة»، تماما مثل التعبير الرسمي الذي كانت تستخدمه الحوكمة الفرنسية.وأضافت البرقية أن المقاتلين التونسيين المرتبطين بحزب الدستور التونسي، يعتزمون نقل معركة التحرير من داخل تونس إلى خارجها، من خلال الاعتماد على استهداف المصالح الفرنسية، وبالضبط في دول الجوار مثل الجزائر.وفي 7 من نوفمبر من عام 1954، أي بعد أسبوع من اندلاع الثورة، أصدرت المخابرات الأمريكية برقية أخرى حول الوضع في الجزائر، قالت فيها إن شكل الهجمات التي تعرضت لها المصالح الفرنسية في الجزائر وطريقة تنظيمها، والقيام بها في توقيت واحد، توحي بأنها لم تكن ثورة محلية، وبأن لها امتدادات خارجية، في إشارة إلى وجود دعم خارجي للثورة الجزائرية.كما تحدث البرقية عن وجود ضغط مارسه الشيوعيون الفرنسيون على حكومة باريس بقيادة منداس فرانس، لمنح الاستقلال لشعوب شمال افريقيا، في إشارة إلى المغرب وتونس والجزائر، لكن من دون أن تشير البرقية إلى وجود تنظيم سياسي مدني يحمل اسمه جبهة التحرير الوطني أو ذراعه المسلحة «جيش التحرير الوطني».وبدا لافتا من خلال البرقية، مدة حالة التخبط التي كان يعاني منها الفرنسيون وحتى الأمريكيون، من خلال شح المعلومات حول الجهة التي كانت تقف حينذاك وراء الهجمات المسلحة المنطمة منذ بداية الفاتح نوفمبر، وهو ما يوحي بأن السرية التي طبعت موعد اندلاع الثورة والقادة الذين كانوا يقفون وراءها، قد جعلت الفرنسيين والأمريكان يشكّون في وجود دعم وتدبير من جانب الشيوعيين الفرنسيين، وربما رغبة من الكتلة الشيوعية بقيادة الاتحاد السوفياتي في مد نفوذها الى شمال افريقيا.وفي برقية ثالثة سرية، حملت تاريخ 2 من نوفبر 1954، قالت المخابرات الامريكية، إن الهجمات المدبرة منذ بداية نوفمبر كانت الأولى من نوعها من حيث التنظيم والشمولية، منذ سنة 1945، كما قالت البرقية بصريح العبارة، إن مسلحين تونسيين من مجموعات التمرد قد يكونوا تسللوا إلى التراب الجزائري ونفّذوا تلك الهجمات، بمساعدة «متطرفين جزائريين، فيما بدا واضحا أن البرقية استعملت في حديثها عن الهجمات مصطلح «العمليات الإرهابية».