فرنسا تعتذر للحركى وقسنطينة تستقبل ساركوزي بمقطع “قد حان وقت العتاب”
جاوز نيكولا ساركوزي في أعقاب اليوم الثالث من زيارته للجزائر، والتي قادته، أمس، إلى قسنطينة الخوض المباشر في مسألة الاعتراف بالجرائم المرتكبة في حق الشعب الجزائري إبان الحقبة الاستعمارية
ما قاله ساركوزي في قسنطينة:
- لم آت لأتنكر للماضي والجزائر وفرنسا في حاجة لبعضهما البعض.
– النظام الاستعماري لم يكن عادلا في طبيعته ولا يمكن أن ينظر إليه إلا كنظام للاستعباد و الاستغلال.
– أخطاء وجرائم الماضي لا تغتفر وأطفالنا سيحاسبوننا على أساس قدرتنا على محاربة التعصب واللاتسامح والعنصرية التي هي أسس جرائم وحروب المستقبل.
– لم آت لإدانة الحقبة الماضية لكنني أتيت لأقول لكم بأن المستقبل أهم
– الكثير من الذين أتوا للإقامة في الجزائر كانت نواياهم حسنة أتوا للعمل وللبناء من دون أن تكون لهم نية في تسخير أحد أو استغلاله.
– لا أنسى أولئك الذين سقطوا حاملين السلاح ليستعيد الشعب الجزائري حريته ولا أنسى ضحايا القمع الأعمى ولا أولئك الذين قتلوا في الاعتداءات (…) ولا حتى أولئك الذين اضطروا إلى التخلي عن كل شيء.
– ما ستقوم به الجزائر وفرنسا معا يكتسب أهمية كبرى بالنسبة لمصير المتوسط على ضوء المعاناة الهائلة التي ينبغي تخطيها.
-لو لم تحارب الجزائر الإرهاب خلال التسعينيات لما كنت حاضرا هنا اليوم أحدثكم.
– فلنعط القوة لما يوحدنا و ليس لما يفرقنا.
ومرر بين سطور الخطاب الذي ألقاه بحضور رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بقاعة المحاضرات محمد الصديق بن يحيى بجامعة منتوري اعترافا ضمنيا بهذه الجرائم، وقال بأنه اختار مدينة قسنطينة لتوجيه رسائله كونها قلعة المقاومة ورمز الصمود وقدس المغرب العربي، تعايشت فيه الديانات الثلاث” الإسلام، المسيحية واليهودية، في الحقبات الماضية، ووجه كلمة دعا فيها الشباب والأجيال الجديدة إلى طي صفحة الماضي بكل تعقيداتها والتطلع إلى مستقبل جديد وفتح علاقات متميزة بين الشعبين بإمكانها بلورة استراتيجية فاعلة لتجاوز الملفات العالقة بين البلدين. وأشار الرئيس الفرنسي إلى صعوبة مسح آثار السياسة الاستعمارية التي راح ضحيتها الأبرياء، كونها ترسخت في ذاكرة وشخصية الشعب الجزائري وأملتها الجروح العميقة لبؤس ومعاناته خلال التواجد الفرنسي بالجزائر والتراجيديا التاريخية. وفضلا عن ترفعه عن الاعتراف المباشر، تحدث ساركوزي بلهجة الداعي إلى حوار الحضارات وتمهيد الأرضية بالاسلام المتفتح، مشيرا إلى بلوغ تقارب أكثر بين الشعبين والاستثمار في القواسم المشتركة بينهما، منها التواجد الفرونكوفوني بالجزائر والموقع الجغرافي وإطلالهما على البحر المتوسط يسهل من انشاء وحدة متوسطية، وطالب بحذو حذو الاتحاد الأوربي الذي تجاوز كل الأحقاد ورسخ قواعد التعاملات الاقتصادية والعلمية والثقافية، وأشار إلى النموذج الفرنسي الألماني لبعث العلاقات الفرنسية الجزائرية. ومن جهة أخرى، تضمن “خطاب قسنطينة” بعض المواقف الدبلوماسية الفرنسية تجاه بعض القضايا الدولية، وأكد أنه من حق الشعب الفلسطيني أن يقيم دولته، كما أنه من حق الشعب الاسرائيلي أن يعيش أمن وبسلام دون أن يحمل نظيره الفلسطيني معاناته الماضية. وبخصوص الملف اللبناني، دعا المجتمع الدولي إلى عدم فرض الضغوطات على بيروت والتدخل في شؤونها الداخلية. وعلى مدار 73 دقيقة، قفز الرئيس الفرنسي على محاور أخرى أشاد فيها بمبادئ الاسلام لاستعطاف الحضور ومحاولة استعادة مواقع مفقودة في المستعمرة السابقة وبعث التنافس الفرنسي الأمريكي القائم على أشده على حقول البترول والغاز ومختلف مجالات الاستثمار برأي المراقبين. وفي خرجته إلى الشارع، حظي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي رفقة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ووفد هام من وزراء البلدين باستقبال شعبي حافل، وسار ساركوزي نحو 300 متر على قدميه من شارع عبان رمضان إلى غاية ساحة أول نوفمبر وسط إجراءات أمنية مشددة. وواجهت قوات الأمن صعوبات في تنظيم الحشود، ومنها تخطي الحواجز الحديدية الفاصلة للاقتراب من الوفد الرئاسي الذي رافقته فرق موسيقية فولكلورية من كل أنحاء البلاد، في حين احتشد المئات على شرفات العمارات التي تزينت بالأعلام الجزائرية والفرنسية. وعلى الرغم من أن الترتيبات الأمنية، احتطات لكل انحرافات الرأي العام بقسنطينة، سيما بعض الجمعيات المحلية التي طالبت في وقت سابق بمنع المغني اليهودي الديانة زيارة مدينة الجسور المعلقة، وكذا الاعتراف بجرائم الاستعمار الفرنسي، هتفت مجموعات من الشبان بالفيزا وتسهيل حركة السفر بين البلدين، كما لم تغب شعارات الثورة والمقاومة ضد المستعمر كنشيد موطني وجزائرنا. وفضلا عن هذا، كان نبض الجامعة أكثر من ذلك، بحيث ردد الطلبة المصطفون على حافتي مسار الرئيسين المقطع المبتور من النشيد الوطني “يا فرنسا قد مضى وقت العتاب”، وهي إشارة واضحة من موقف هؤلاء تجاه الزيارة.
قال ان ساركوزي حمل نفسه مسؤولية أكبر للاعتدار باعترافه بجرائم اجداده
عبادو:مطالبة الاقدام السوداء واليهود بالتعويض مثير للسخرية
دليلة بلخير
أكد السعيد عبادو الامين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين أن القوانين الجزائرية لا تسمح لا للاقدام السوداء ولا لغيرهم من المعمرين باسترجاع الممتلكات التي كانو يمتلكونها في الجزائر قبل الاستقلال والتي تم سلبها من المواطنين الجزائريين، وقال عبادو أمس في تصريح صحفي، على هامش الجمعية الوطنية للمنظمة بنادي المجاهد بالعاصمة ان الحديث عن محاولات عدد من المعمرين الفرنسيين والشركات الفرنسية النشطة في الجزائر قبل الاستقلال استرجاع ممتلكاتهم يجب ان يتم التصدي لها بشكل حازم ، مشيرا الى ان مطالبة الاقدام السوداء واليهود للجزائر لتعويضهم عن ممتلكاتهم السالفة مثير للسخرية وفي سياق اخر قال عبادو أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حمل نفسه مسؤولية أكبر حيال الاعتدار عندما اعترف بجرائم فرنسا في حق الشعب الجزائري، معتبرا تصريحاته المجرمة للاستعمار بمثابة التطور، على اعتبار أن ساركوزي كان يمجد الاستعمار واصبح يندد به، وأكد عبادو أنه على السلطات الفرنسية الاعتراف بجرائمها وتقديم الاعتدار والتعويض عن كل الاضرار التي ألحقتها بالجزائريين وارجاع كلما سلبته من الجزائر خلال الحقبة الاستعمارية بما فيها دفع الديون المستحقة عليها قبل احتلالها الجزائر، علاوة على تقديم الارشيف الحقيقي للثورة.
وقال السعيد عبادو أن رد الرئيس بوتفليقة على تصريحات ساركوزي هي بمثابة رسالة تنوب عن كل الجزائريين، وانه على فرنسا التعامل مع الحقبة الاستعمارية بشجاعة وصراحة وتحدو حدو ديغول عندما اعترف بالحكومة الجزائرية المؤقتة على أنها الممثل الوحيد لجبهة التحرير الوطني وتفاوض معها على اساس الاستقلال ووحدة التراب، مشيرا الى أن الاعتدار لن يقدم للجزائر ولن يعترف بها اي كان مادامت غير قوية امنيا واقتصاديا، وغير موحدة ومتراصة، ليضيف بأنه على الجزائر ان ترمم امورها الداخلية وتقوي نفسها، وتهتم بشبابها، لانها ليست بحاجة الى من يقدم لها دروسا في طرق الاهتمام بالشباب، في اشارة صريحة الى تصريحات ساركوزي بهدا الشأن، وبخصوص زيارة ساركوزي للجزائر قال عبادو أن الجزائر تعاملت معه على انه رئيس دولة دون النظر الى الماضي وهو الاصح، موضحا أن زيارته لقسنطينة تدخل ضمن البرنامج الذي وضعته الدولة الجزائرية “التي لديها تقاليدها الخاصة ” وليس لغرض اخر.
زرهوني لـ”النهار”:خطاب ساركوزي خطوة جبارة لمعالجة مسألة الإعترافات
في تصريح خص به وزير الداخلية يومية “النهار”، اعتبر يزيد زرهوني خطاب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مؤشرا إيجابيا ولبنة أولى لتشييد قاعدة صلبة للانطلاق بجدية في مجال التبادل بين البلدين، وخطوة جبارة لمصالحة مسألة الاعترافات الفرنسية. أما وزير الخارجية مراد مدلسي، فقد اعتبر الخطاب نية صريحة للتعبير عن موقف فرنسا الرسمي حول جرائمها وبداية إيجابية لقضية الاعترافات. وفي سؤال عما إذا كافية، تحفظ محدثنا وتفادى الوقوع في زلة وزارية أخرى قد تكلفه ما كلفت تصريحات وزير المجاهدين محمد الشريف عباس بخصوص موقف وزارته من زيارة ساركوزي إلى الجزائر.
هشام.ع
المؤرخ لاكوتير: ساركوزي استعمل كلاما قاس ضد النظام الاستعماري
باريس-النهار- حميد ساحلي:
وصف المؤرخ والكاتب الفرنسي جان لاكوتير كلام الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حول الاستعمار بالإيجابي، معتبرا بعض فحواه انتقادا لحقبة الاحتلال (1830-1962).
وأشار جان لاكوتير، المراسل السابق لجريدة “لو موند” في القاهرة أيام الرئيس جمال عبد الناصر وتواجد “الوفد الخارجي” لجبهة التحرير (أيت أحمد وبن بلة وخيضر في مصر، أن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي في اليوم الأول من زيارته إلى الجزائر يعد خطابا في محله. وكان ساركوزي قد انتقد الاستعمار بمجرد وصوله إلى الجزائر مساء الاثنين في أول زيارة دولة له إلى البلاد منذ اعتلائه كرسي قصر الإيلزيه، ووصف الرئيس الفرنسي الاستعمار بالظالم. واعتبر جان لاكوتير في لقاء نشرته أمس يومية “لو باريزيان” أن ساركوزي “قال ماذا كان يجب قوله” بشأن الاستعمار واستعمل “كلمات قوية” حيل هذه الصفحة. وأضاف صاحب كتاب “خمسة رجال وفرنسا” (بينهم فرحات عباس مؤسس الحركة الديمقراطية للبيان الجزائري والرئيس الأول للحكومة المؤقتة الجزائرية” ) أن الاستعمار الفرنسي خلف في الجزائر “عواقب جد سلبية”، وأشار في الوقت ذاته أن هذا النظام “الذي كافحت ضده بكل قواتي” لم يكن خال من الخدمات.
وذكر المؤرخ والصحفي أن فرنسا ارتكبت طيلة هذه الحقبة التاريخية انتهاكات وأعمال مؤسفة، غير أن هذا يبدو بعيدا على حد كلام جاء كذلك على لسان الرئيس الفرنسي، وأشار جان لاكوتير أنه يعتبر نفسه ممثلا في كلام ساركوزي أمام أرباب العمل الجزائريين والفرنسيين في الجزائر بالرغم أنه لا يصنف نفسه ضمن كتيبة “الساركوزيين”.
وذكر المؤرخ والكاتب في سياق حديثه أن العلاقات الثنائية بين البلدين قطعت مشوارا بالرغم من ثقل الصفحة التاريخية الدامية وتعكيرها للأجواء الفرنسية-الجزائرية، واستدل في سبيل ذلك باستمرار التواصل بين باريس والجزائر برغم الأزمات العديدة واندلاع الحمى من حين لأخر بين البلدين.
المؤرخ الفرنسي، جيل مانسورون، ينتقد اختزال العلاقات في الجانب الاقتصادي
“على باريس الاعتراف بجرائمها المرتكبةفي الحقبة الاستعمارية “
م.صالحي
طالب المؤرخ الفرنسي، جيل مانسورون،مختص في التاريخ الاستعماري الفرنسي، باعتراف باريس بالعنف المرتكب قي حق الجزائريين أثناء الحقبة الاستعمارية، كشرط للتأسيس لعلاقات واضحة ومفيدة للبلدين، واستبعد أن يتطور موقف ساركوزي إلى حد الاعتراف أو الاعتذار، موضحا أنه لا يمكن اختزال العلاقات في أمور اقتصادية.
وذهب المؤرخ، ونائب رئيس الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان، في تصريح نشرته أول أمس وكالة “آكي” الإيطالية للأنباء تزامنا مع زيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر،إلى
أن “ساركوزي لا يؤيد فكرة إعادة النظر في الحقبة الماضية وفق رؤية نقدية”، بل يواصل تمسكه بتاريخ التركة الاستعمارية، وهو ما تبناه في خطابه أثناء الحملة الانتخابية للرئاسيات الفرنسية الماضية، حيث جدد رفضه للندم على الماضي الاستعماري. واعتبر المتحدث تصريحات ساركوزي الجديدة التي جرم فيها النظام الاستعماري الفرنسي يصب في الاتجاه الصحيح، ويستجيب لنداء نخبة من المؤرخين والمثقفين الفرنسيين والجزائريين الذين “طالبه بالاعتراف بالعنف الذي مثله الاستعمار الفرنسي بالجزائر بين 1980 و1962”.
وأوضح ذات المؤرخ، الذي صدر له مؤلفان تحت عنوان “حرب الجزائر.. من الذاكرة إلى التاريخ” و “رجال وحيات..ظل الذاكرة الاستعمارية”، أنه إذا لم تعترف فرنسا سيكون ثمة تباعد بين الرأي العام في البلدين”، ورد المعضلة إلى الطرف الفرنسي المتردد في التعامل مع الأشكال بوضوح وصراحة، منطلقا من سؤال بسيط “هل تريد باريس الاعتراف بماضيها أم لا؟”، ليصل إلى قناعة واضحة يجب أن تدركها باريس وكل الرأي العام الفرنسي، وهي أنه “لايمكن تقليص العلاقات بين البلدين إلى علاقات اقتصادية، بل لابد من إغلاق ملف خلافات الماضي ، وهذا يتطلب الاعتراف بالماضي الاستعماري”، موضحا أن زيارة ساركوزي إلى الجزائر عمل عادي في العلاقات الدولية يعني حوض المتوسط، أكثر من غيره.