إعــــلانات

فتوى تلزم الإرهابيين بالإفطار قبل تنفيذ الاعتداءات وإلا فمصيرهم القتل!…فتوى إسقاط الصوم تحدث خلافات بين أفراد “القاعدة”

فتوى تلزم الإرهابيين بالإفطار قبل تنفيذ الاعتداءات وإلا فمصيرهم القتل!…فتوى إسقاط الصوم تحدث خلافات بين أفراد “القاعدة”

“تائبون” يتحدثون عن رمضان في الجبل..

عدد قليل منا يجهل ولا يعلم، بالأخص المواطنين العاديين أن العناصر الارهابية لاتصوم شهر رمضان، منتهكة حرمته جهرا، باعتبار أنها في حالة الجهاد، هناك فتوى تحرم الصوم، هذه الفتوى يطبقها جل المسؤولين الحاليين والذين سبق وأن مروا على قيادة الجماعة السلفية للدعوة والقتال، اضافة الى الأغلبية الساحقة من العناصر الأخرى. بالمقابل هناك فئة وبنسبة جد قليلة ترفض تطبيق هذه الفتوى الغريبة، في نظرهم ونجدهم يصومون خفية وجهرا، وهذا مايسبب خلافات ومناوشات روتينية، تحدث كل شهر رمضان، باعتبار العناصر الجديدة الملتحقين بصفوفهم. وقد حاولنا في هذا الموضوع تسليط ولو القليل من الضوء على يوميات الارهابيين بمعاقلهم خلال الشهر الفضيل.

خلافات، شجارات، محاكمات وعقوبات للصائمين

كما ذكرنا سلفا، فإن هناك فئة تفضل الصوم مايسبب خلافات ومناوشات بالأخص عند بداية شهر رمضان، حيث ينعزل هؤلاء عن المفطرين بطريقة أتوماتيكية وكل في جهة، أما المفطرين فهم الأكثر حركة وتنقلا، هذا لم يمنع من حدوث خلافات حادة، نذكر واقعة حدثت بمعاقل سيدي علي بوناب بتيزي وزو، خلال الأيام الأولى من شهر رمضان، بين الضابط الشرعي للمنطقة الثانية المكنى عبد الهادي كان يبلغ آنذاك حوالي 36 سنة (قضي عليه سنة 2001) وبين ستة جنود، حيث كان هؤلاء داخل الكازمة، بصدد إفطار “المغرب” وما إن وضعوا لقمة في فمهم، اقتحم المكان الضابط المذكور صارخا في وجوههم، واصفا اياهم بشتى الأوصاف، موبخا إياهم فقاموا بالرد عليه بكل شجاعة وبالصراخ عليه واصفين إياه بالجاهل لايحفظ الشريعة الاسلامية مؤكدين له أنهم مقتنعين بالصوم، وأن لا دخل له في الأمر، ما أدى الى حدوث مناوشات جد حادة دامت حوالي ربع ساعة تمحورت على السب والشتم، لم تفض إلا بتدخل زملائهم، وفي اليوم الموالي اتصل “الضحايا” بأمير سريتهم شاكين له الأمر، ليتنقل هذا الأخير حيث كان آنذاك بأدغال ميزرانة، ويدعى عبد العزيز المكنى “أبو الفضل” منحدر من العاصمة (قضي عليه سنة 2002) وعقد محاكمة في سبيل تهدئة الوضع واجتناب الاقتتال بين صفوفه، وهذا بعد فطور المغرب، دامت حوالي ساعة من الزمن، وبطبيعة الحال كان يميل الأمير الى الطرف الآخر (الضابط الشرعي) ووسط تشدد وتعصب الجنود الست أفضى لمعاقبة ثلاثة منهم بتجريدهم من السلاح لمدة أربعة أيام. تجدر الاشارة أن الجماعة الارهابية تعطي حرية الاختيار من الصوم الى عدمه في بعض الحالات.

كيفية عقد المحاكمة

تعقد المحاكمة التي يترأسها الأمير بحضور جل العناصر، وتعطى الكلمة للأطراف المتنازعة، كل منهم يستشهد بدليل علما أن رئيس المحاكمة ـ الأمير ـ ينحاز بطبيعة الحال الى الطرف المضاد للصوم، ويسعى جاهدا من أجل اقناع العناصر بالتخلي عن الصوم. علما أن هذه المحاكمات كغيرها يتم فيها تجريد أصحابها من الأسلحة وهذا لتفادي الاقتتال، كونها كثيرا ماتشهد خلافات، مناوشات حادة، وفي حالة تعصب وتشدد الصائم يعاقبونه بتجريده من الأسلحة في مدة أقلها أربعة أيام. وعن سؤال حول هل تصل هذه العقوبات الى درجات كبيرة، كالتصفية الجسدية والسجن، نفى محدثونا ذلك، علما أن الارهابيين الصائمين مشكوك في أمرهم، ويخضعون لمراقبة تامة، وتقصي آثارهم حيث صيامهم يشير الى عدم اقتناعهم بالجهاد، وتنزع منهم الصلاحيات.

وللمواطنين نصيبهم من العقوبات، الرمي بالرصاص، الذبح والجلد حتى الموت

من جهة أخرى نجدهم يطبقون فتوى عدم جواز الصيام في الجهاد، وبالمقابل نجدهم يعاقبون المواطنين الذين يضبطون متلبسين بانتهاك حرمة رمضان، أحيانا تصل إلى درجة القتل، رميا بالرصاص، ذبحا والجلد الى الموت. وحسب محدثينا من الارهابيين التائبين، فإن ولاية تيزي وزو، نادرا
ما تشهد هذا النوع من الاغتيالات، عكس الولايات الأخرى كجيجل، المدية، عين الدفلى، البليدة..
ويسمى العقاب والتوبيخ لدى الجماعات الارهابية بـ “الزجر” و”التعزير” هذا ماحدث سنة 2003، بمنطقة ميزرانة، منتصف شهر الصيام حيث كانت جماعة ارهابية مقدرة بخمسة عناصر، غير صائمة متوجهة الى محل المواد الغذائية للتمون قادمة من أدغال ميزرانة، في حدود الخامسة مساء، لتصادف في طريقها أربعة أشخاص، تتراوح أعمارهم بين 20 و35 سنة، ينتهكون حرمة رمضان بالأكل، أول ماقامت به الجماعة هو انتزاع منهم المأكولات المتمثلة في الساندويشات والمشروبات الغازية، ليتكفل كل واحد منهم بجلد الأشخاص الأربعة، في آن واحد، على مستوى الظهر، بواسطة عصا من حطب، وكل شخص أخذ نصبيه بخمسين جلدة، ولم تشفع توسلاتهم وصراخهم وفي آخر المطاف، لما انتهت من مهمة الجلد، وجه الارهابيون إنذارا مهددين بقتلهم لو ضبطوا بذات التصرف مرة أخرى.

التحضيرات للعمليات الإرهابية وإجبار الجنود على الإفطار تحت أعين الأمراء

قبل حلول رمضان بيوم واحد، تعقد حلقات، اجتماعات لتسطير برنامج العمليات الارهابية، بالأخص تعتبر حلقات تحريضية بالدرجة الأولى يترأسها الأمير وحاشيته، إذ يعطي أوامر شديدة للتكثيف من العمليات الإجرامية وتصعيدها، وبما أننا نتتحدث عن شهر رمضان فإن الأمير ومن معه يأمر الصائمين بوجوب الافطار للتقوية والحصول على طاقة كاملة وماعليهم إلا تطبيق الأمر، وإلا سيكون مصيرهم القتل، وعادة مايكون هذا الافطار بحوالي ساعتين من الزمن قبيل انطلاق العملية، وتحت أنظار الأمراء اللذين يجبرون الصائمين على تناول الغذاء تحت أعينهم للتأكد من أمرهم، وغالبا ما لا يزيد عن تناول الحليب ومشتقاته والخبز وكما هو معروف فإن الارهابيين يتلذذون بإسقاط أكبر عدد ممكن من الضحايا، في شهر الرحمة، وبالمقابل يتمنون الموت لأنفسهم أو “الاستشهاد” حسب تفكيرهم، إذ يقومون أثناء سجودهم وتأدية الصلاة بالدعاء السري لأنفسهم بالموت، ونجدهم يتسارعون ويتعمدون الموت، الذي يعد من أكبر المزايا في هذا الشهر، حيث ستكون وجهتهم مباشرة نحو الجنة، هذا الاعتقاد الغبي استلهموه ويتغذون، يتشبعون منه بالفتاوى التي ينقلها لأول مرة الضباط الشرعيون عن كتب العلماء منذ بداية النشاط المسلح، كما أنهم يشبهونه بالاعتقاد السائد في مجتمعنا أن المحظوظ هو من يغادر الحياة يوم الجمعة. في السياق ذاته نذكر حادثة سنة 2002، في منتصف رمضان، في كمين نصبته ثمانية عناصر إرهابية ترتدي الزي الأفغاني بمنطقة “مول الديوان” بذراع بن خدة، بعد توقيت الإفطار، وما إن لمح أحدهم عناصر الجيش، حتى بادرهم بإطلاق الرصاص ليسقط بعدها جثة هامدة بعد إصابته برصاصات على مستوى البطن. علما أنه وقبيل العملية هذه، قد تحدث لرفقائه من دون انقطاع متمنيا الموت، مؤكدا لهم ذلك، ويتعلق الأمر بالمدعو عبد الرحيم منحدر من العاصمة، كان يبلغ آنذاك حوالي 27 سنة والتحق بصفوف الارهابيين سنة 1995، وكان مجرد جندي.

تحضيرات رمضانية، فطور، سحور، من الحبوب إلى “الزلابية”

كما ذكرنا سلفا فإن نسبة جد قليلة من الارهابيين ممن يحتفظوا بالعادة الحميدة، عادة الصوم، وهذا لايمنعهم من التمتع بنكهة شهر رمضان، فالتحضيرات له تختلف من معقل لآخر، حيث نجد أولائك المتمركزين بعيدا عن المداشر، والمجمعات السكنية، حيث تنعدم من خلالها عناصر الدعم والمساندة، حيث يلجأ الارهابيون غالبا للتزود بمخزونهم والافطار على الحبوب، من أرز ناشف، الحمص، والكسرة التي يعدونها، أما اذا كان العكس أي قربهم من القرى، فهذا يجعلهم ينشطون بصفة بالغة، بتدعيم من العناصر المساندة، الذين يمنحون لهم مختلف المواد الغذائية وكل مايطلبونه ويشتهوه، حيث يقوم الإرهابيين بإعداد الافطار بساعة من الزمن قبل موعد الافطار، حيث يتكفل طباخ واحد ـ حسب عدد الصائمين ـ بطبخ الوجبات من شتى الأطباق الأولية، من شربة، سلاطة، والرئيسية منها من “جواز” فريت، كسكس .. اضافة الى التحلية. في السياق ذاته تحدثت “النهار” الى أحد الطباخين المناسباتيين المنحدر من بومرداس، ويدعي علي بودومية، يبلغ من العمر أربعين سنة، التحق بالنشاط المسلح سنة 1997، يقول إنهم يقومون يوميا بطبخ “الكسرة” والشيء ذاته لـ “الزلابية” التي يتقن صنعها بعد أن تعلمها على يد رفيقه المدعو يوسف من بغلية وكان ذلك سنة 1999، (قضي عليه سنة 2005) كما يقتنون الحلويات كقلب اللوز، والمأكولات التي لها صلة برمضان من قهوة وشاي علما أن الأغلبية يفطرون في صحن واحد مجتمعين من حوله.
وعن موعد الافطار كثيرا مايفطر الارهابيين عند رؤيتهم لمغيب الشمس، إذ نادرا مايتم الاستعانة بالساعة اليدوية والمذياع، وبعد الانتهاء من الإفطار يتبادلون عبارة “صح فطوركم” ومن ثم يخرجون للتنزه والترفيه عن أنفسهم
هذا إن كا نوا متمركزين قرب المجمعات السكنية ـ وهناك من يذهب لقضاء بعض السويعات في أحضان أسرته وبطبيعة الحال لايفوتون الفرصة للابتزاز والمداهمات للمحلات  التجارية، لضمان مائدة رمضان أكثر شهية لليوم الموالي، أما عن أداء صلاة التراويح قيل لنا أنها تنزل وتسقط في الجهاد، وتكون العودة في ساعات متأخرة من الليل، وفي موعد السحور يقوم المكلفين بالحراسة بإيقاظ رفقائهم بعبارة “نوضو تسحروا، وهذا مابين الآذان الأول والثاني، أما عن توقيته فقيل لنا إنه إذا كانوا في مكان يسمع منه أذان المسجد فيستعينون به، وإذا كان غير مسموع فإنهم يستعينون بالساعات اليدوية، وهكذا دواليك. علما أن السحور يقتصر على تناول الحليب، الخبز، وأحيانا الكسكس باللبن

ندمنا ندما شديدا لانتهاك حرمة رمضان وآخرون استمروا فيه محتفظين بعاداتهم السيئة

وقد عبر بعض التائبين لـ “النهار” عن ندمهم الشديد، بعد أن قضوا عشر سنوات الى إثنا عشر سنة في الجبال منتهكين حرمة الصيام وذلك إما عن جهل، وإما عن تعمد ووجدوا صعوبة في الاندماج والمشكل الذي يؤرق البعض منهم، حسبهم، هو السعي إلى إعادة صيام تلك الأيام للتكفير عن ذنبهم.
سألنا المدعو بوعلام حلوي البالغ من العمر 31 سنة والذي لم يسبق وأن صام خلال التسع السنوات التي قضاها بمعاقل الارهابيين. علما أنه سبق وأن صام سنة واحدة من قبل التحاقه بالنشاط المسلح، عن سبب فعلته تلك قال إنه يعود إلى عدم احتماله للجوع، معبرا عن ندمه وبرأيه فإن المشكل الحالي يكمن في وجوب تغريم مامضى. علما أنه يجد صعوبات كبيرة حاليا للصوم، بالأخص أنه أصبح تقريبا مدمنا على التدخين وتناول القهوة.
من جهته وفي حديثه معنا أخبرنا علي بودومية (40 سنة) المذكور سلفا، أنه متعود على الصوم في “المدني” باعتبار أنه التحق بصفوف الارهابيين في سن الثلاثين وكان ذلك سنة 1997، الى غاية سنة 2000 وفي اليوم الـ 15 من رمضان نزل عليهم ضيوف بمعاقل سيد علي بوناب، قادمين من أدغال جيجل ومكثوا عندهم أسبوعا كاملا، وفي صبيحة ذات اليوم الأول استيقظ علي وتفاجأ برفيقه الضيف المدعو شعيب منحدر من جيجل (قضي عليه سنة 2003) داخل الكازمة وهو يتناول فطور الصباح، وما إن سأله، حتى أخبره هذا الأخير أنه من السنة إفطار يومين، وبعد نقاش قارب الساعة من الزمن، من غسل للدماغ، اقتنع “علي” وتناول الحليب رفقة زميله. علما أن محدثنا استمر على ذلك الحال من الافطار، وأخذها عادة وأصبح لايصوم طيلة الشهر المعظم، يواصل محدثنا وهو يستعيد شريط الذكريات، الى غاية 2002 أي بعد مرور سنتين، حيث تحصل على شريط ديني للعالم الحجازي إبراهيم الدويش من طرف المدعو رمضان كونه عنصر مساندة يقطن بمنطقة “إمازري” ببني دوالة علما أنه التحق بصفوف الارهابيين رسميا سنة 2005، من بين أربعة أشرطة حيث تعود على احضارها لهم، وكان ذلك في حدود الثامنة ونصف ليلا، في لقاء بغابة المنطقة المذكورة، يقول علي إنه استمع للشريط الديني المذكور، في تلك الليلة، إذ كان في حراسة، وتمحور الشريط حول شهر رمضان ووجوب الصيام، هذا ما أثر في نفسية علي تأثيرا كبيرا، بالآيات القرآنية، والحديث ماجعله ينفجر بالبكاء ولمدة قاربت الساعة من الزمن وهذا حصل أيام قليلة من حلول الشهر الفضيل، الشيء ذاته للمدعو هشام شرنونحة منحدر من ولاية بومرداس، على حد قوله لنا فإنه ومنذ توبته وكفه عن النشاط المسلح أصبح يصوم أسبوعا كاملا من قبيل شهر رمضان، ندم هؤلاء لايعني أنه ينطبق على جل التائبين، بل هناك من لايعني لهم شهر رمضان، أي شيء، متعودين عن ذلك أيام قبوعهم بمعاقل الارهابيين، لكن بنسبة قليلة، وهذا مالمسناه لدى كل من (خ. ف) و(ب. ف)، في لقاء سابق مع “النهار” هذا ا لأخير أصبح مباشرة بعد تسليم نفسه الى التجارة في الخمر والمشروبات الكحولية، والأمر، والتصرف الذي أقل مايقال عنه إنه مخزي هو تحولهما أو بالأحري تمسكهما بالشذوذ الجنسي، الذي ورثوه من معاقل من يطلقون على أنفسهم تسمية “الاسلاميون” وهناك من تعود على ذلك قبل التحاقه بهذه الصفوف.

رابط دائم : https://nhar.tv/mQSzy