إعــــلانات

“فاطمة” تدخل المستشفى لإسقاط جنين مشوه، فيولد سليما وتصاب هي بالشلل وغيبوبة ونزيف في المخ

“فاطمة” تدخل المستشفى لإسقاط جنين مشوه، فيولد سليما وتصاب هي بالشلل وغيبوبة ونزيف في المخ

لم يكن الرسم الكاريكاتوري الذي رافق ظهور وزير الصحة بمنتدى التلفزيون، وهو يصور دخول أحد المرضى المستشفى سليما ليخرج منه مصابا في كل أنحاء جسمه، وقضية ختان الأطفال الست، وشروع لجنة قسنطيني في التحقيق في معاملة المرضى والأخطاء الطبية، سوى ترجمة لهاجس حقيقي يطارد كل مريض يدخل المراكز الاستشفائية للعلاج، وخاصة إذا تعلق الأمر بعمليات جراحية حساسة، وما يضاعف هذه المخاوف هو إهمال المتابعة الجيدة للمريض بعد إجراء العملية، من جهتها تؤشر الشكاوى المودعة لدى مجلس أخلاقيات مهنة الطب والتي وصلت إلى 500 شكوى، وانتهاء بعضها بمتابعات قضائية ضد بعض الحالات، على أن الأمر مطروح بحدة، وتجاوز المسموح به من حيث نسبة الأخطاء أو طبيعتها.
ونترك القارئ العام والخاص يتابع معنا الحالتين الصارختين الواردتين في هذا الملف، والتي ترفع إلى الجهات المعنية صرخة أصحابها، ومدى الريبة التي أثارتها في مصداقية المنظومة الصحية.

“النهار” زارت السيدة “فاطمة بوحوص” زوجة السيد لخضر بورابح بمقر سكناها بمدينة تخمارت، ولاية تيارت، حيث تمكّنت من الاطلاع عن قرب والوقوف على حالة الشلل الكلي الذي أصاب السيدة “فاطمة” جراء عملية جراحية قيصرية أجريت لها بغرفة العمليات التابعة لمستشفى “ابن سينا” الكائن بمدينة فرندة بولاية تيارت من طرف الدكتورة (أ) حسب تصريحات “لخضر” زوج الضحية.
تعود هذه القضية، وكما هو مبين في الملف الطبي، تسلمت “النهار” نسخة منه، إلى تاريخ 21 أكتوبر2007 حين زارت فاطمة، وكما جرت العادة، طبيبها المعالج الأخصائي في أمراض النساء والتوليد الدكتور (أ.م) الذي يراقب حملها منذ عدة أشهر، الذي أبلغ “زبونته” المريضة بأن الجنين يحمل تشوهات على مستوى الأعضاء العلوية وأنه يعاني من ضمور في ذراعه، وأضاف الزوج أن الطبيب أخبرهما أن الجنين في أسبوعه الـ 41، وبالمعنى الطبي فإنه ميت في بطن أمه، وأنه يجب اللجوء الفوري إلى مستشفى “ابن سينا” لإجراء عملية قيصرية لإخراج الجنين. ويقول متحسرا “أصبنا بصدمة كبيرة جراء سماعنا لهذا الخبر، ناهيك عن فاطمة التي دخلت في حالة ذعر وبدأت تشكو من آلام في ظهرها”.
“لخضر” وعلى جناح السرعة يحمل زوجته إلى مصلحة الاستعجالات بمستشفى ابن سينا وفق توصية الطبيب، وبعد تقديمه رسالة الأخصائي إلى الطبيبة المعنية طلبت منه ضرورة إحضار ملابس المريضة لأن إقامتها في المستشفى ستطول. عاد “لخضر” إلى تخمارت بدون “فاطمة” هذه المرة وأحضر معه كل ما يلزم زوجته ومولودها الذي ستضعه “قسرا”، رغم أن الزوجين كانا يعتقدان بأنهما لن ينعما باحتضان وليدهما البكر بعد ترقب وأمل في بعث الدفء في أجواء البيت، بما أن الطبيب أكد موت الصبي في بطن أمه، وعند وصوله إلى المستشفى وجد زوجته طريحة الفراش وقد أجريت لها العملية القيصرية.

الزوج يحمّل طبيبة المستشفى مسؤولية الخطأ الطبي

كانت “فاطمة” تشكو من آلام حادة في بطنها المنتفخ كثيرا، وكلما ازدادت حالتها خطورة ازدادت غضبا وتذمرا، يقول لخضر، وذهب إلى تحميل الطبيبة المعنية المسؤولية الكاملة في حال حدوث أي مكروه لزوجته. في هذه الأثناء التي اكتنفها الكثير من بالقلق والتشكيك، جاء أحد الأطباء وادعى أنه هو من أجرى العملية للزوجة وأفاد بأنه فور فحصها أمر بتحويلها إلى مستشفى “يوسف دمرجي” بتيارت.
ومع تضاعف خطورة حالتها، بدأت “فاطمة” لا تستجيب إلى العوامل الخارجية ودخلت في غيبوبة تامة. حولت فاطمة في تلك الليلة إلى تيارت دون أن تستفيق من غيبوبتها. بقيت، حسب الزوج، في مستشفى دمرجي مدة زادت عن شهر ونصف، حيث بدت مظاهر الشلل ترتسم على أطرافها وجسمها الآخذ في النحافة والهزال، بعدها حولت فاطمة إلى مركز الأشعة بالجزائر العاصمة لإجراء فحوصات دقيقة لمعرفة الأسباب التي أدت إلى شللها، ثم إلى مستشفى وهران الجامعي تحت إلحاح وإصرار الزوج.
وأمام بقاء الحالة المرضية على حالها، قام لخضر بإخراج زوجته ونقلها الى المنزل، رغم تقديم إدارة مستشفى ابن سينا بفرندة شكوى ضده موضوعها حجز مريض بالبيت، حيث تم سماعه من طرف المصلحة القضائية التابعة لفرقة الدرك الوطني لمدينة تخمارت ولاية تيارت. ولما استدعي لخضر زوج فاطمة من طرف المدير الولائي للصحة الجوارية لإرغامه على إعادة فاطمة إلى المصالح الاستشفائية، اشترط لخضر أن يعطيه المدير الولائي الضمانات المكتوبة بتأمين الاعتناء الفعلي والمركز بزوجته وعدم تركها عرضة للإهمال، كما سبق وأن حدث لها منذ أشهر، والملاحظ في هذه التطورات هو أن فاطمة في بيت والديها وليس في المستشفى، كما صرح به ثلاثة أطباء في تقريرهم العام حول صحة فاطمة والذي لا يحمل أي تاريخ تحرير.

الطفل كان طبيعيا  الطبيب أكد أنه كان مشوه الأطراف

وفي رسالته المؤرخة في 24 نوفمبر2007 الموجهة إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة فرندة، أوضح الزوج لخضر بورابح أنه تقدم إلى عيادة الأخصائي “أ.م” من أجل فحص زوجته “فاطمة” يوم 21 أكتوبر2007، وأن هذا الأخير، أي الطبيب، قد صرح لفاطمة بأن الجنين ميت في أحشائها، رغم أنها كانت إحدى زبائنه وكان يراقبها منذ تاريخ 19 أوت 2007 وأن الجنين مشوه الأطراف أي ناقص ذراع وأن الضحية “فاطمة” قد أدخلت غرفة العمليات من دون إذن زوجها وأنه بعد العملية القيصرية اتضح للجميع أن المولود كان سليم الأطراف وخاليا من كل العيوب التي شخصها الأخصائي “أ.م” بل وكان حيا يرزق.
وحسب رسالة لخضر بورابح، زوج فاطمة، الموجهة إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة فرندة، فإن الدكتورة “أ..ش” لم تراع الظروف الصحية للمريضة، ويؤكد الزوج أن فاطمة لم تكن تعاني من أي مرض سابق وأنها لم تستفق من التخدير إلا بعد شهر وأسبوع من تاريخ العملية القيصرية، وأنها حولت إلى مستشفى تيارت بعد 8 ساعات من توقيت العملية، مضيفا أنه هو من أخذ زوجته إلى الجزائر العاصمة لإجراء فحوصات طبية وأشعة متطورة لتحديد وتشخيص الأسباب التي أظهرت أنها ناجمة عن صدمة تلقتها المريضة وعن إهمال طبي. ويواصل الزوج “لما تقربت من الأخصائي لاستفساره ذكر لي بأن المشكل نجم عن إهمال من طرف الجراحة التي استعملت جرعة كبيرة من المخدر”.

لخضر يطالب بتحقيق قضائي ومدير المستشفى يتهمه بحجز زوجته ومنعها من العلاج

وطالب لخضر بورابح في شكواه إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة فرندة بفتح تحقيق قضائي في الموضوع ومتابعة المسؤول عن حالة زوجته، مذكرا بأنه رغم سماعه مع الأطراف الأخرى في القضية من طرف وكيل الجمهورية لدى محكمة فرندة وتحرير محضر، إلا أن الطبيب الأخصائي ظل بعيدا عن أية شبهة ولم تحمّله الجهة القضائية مسؤولية ما حصل لزوجته.
وفي تصريح له، أكد مدير مستشفى ابن سينا بأن الإدارة المحلية قامت بواجبها نحو المريضة وحولتها إلى المصلحة الاستشفائية بمقر الولاية لتوفرها على الوسائل اللازمة للتكفل بمثل هذه الحالات. ولأن مستشفى “يوسف دمرجي” يتوفر على وسائل العلاج ويعمل به أخصائيون في كل الأمراض، وعن الشكوى التي تقدمت بها الإدارة إلى مصالح الدرك الوطني بتخمارت، أوضح المدير بأن “المدعو لخضر بورابح قد حجز زوجته في بيته ومنعها من تلقي العلاج الضروري، وبالتالي فالقانون يخول لمؤسستنا رفع الشكوى ضده”، ويضيف “وعلى هذا الأساس، تقدمنا بالشكوى المذكورة وسيحال المدعو “لخضر بورابح” بموجبها على القضاء”.
وحسب ذات المصدر، فإن فاطمة كانت تعاني من نوبات الصرع، ولم تصرح بها إلى الطبيبة التي قامت بالإجراءات الطبية القانونية قبل إجراء العملية القيصرية، وهذا رغم الحالة الاستعجالية التي كان عليها حال فاطمة في ذلك اليوم.
ويشير أحد الأخصائيين في الأشعة بولاية تيارت، وفق الصور الملتقطة والتقريرين المرفقين لحالة المريضة والمؤرخين على التوالي في 23 أكتوبر2007 و06 نوفمبر2007 الى أن مركز الصور الطبية بالجزائر العاصمة وعلى عكس الصور والتقرير الذي أجري للمريضة بتيارت، يوضح انسدادا بالجهة السفلية للبصلة السيسائية إضافة إلى نوع من نزيف في المخ.
وبناء على القراءة التي أجراها الدكتور بوخرس رشيد يوم 21 نوفمبر 2007 بمركز الصور الطبية “يوغرطة” بالجزائر العاصمة يمكن ملاحظة أن تاريخ دخول المستشفى المدون من طرف الدكتور بوخرس يخالف تاريخ دخول المريضة إلى مستشفى ابن سينا، وأن السبب الحقيقي لدخول المستشفى المذكور، كما تبيّنه الوثائق الطبية هو الولادة القيصرية، حيث إن الدكتورة “أ.ب” التي حولت فاطمة إلى مستشفى دمرجي بتيارت في رسالة مرفقة بالمريضة تحت رقم 073870 بتاريخ 21 أكتوبر 2007 تصرح أن المريضة في حالة شبه غيبوبة مع اتساع في بؤرة العين.

الأطباء يجمعون على تعيين لجنة للوقوف على أسباب
دخول فاطمة في غيبوبة

وأمام هذه الحالة الطبية والصحية الخطيرة لفاطمة، فإن الأطباء أجمعوا على أن القضية لا يمكن الفصل فيها من طرف الجهات القضائية إلا بعد تعيين لجنة طبية متخصصة، متساوية الأعضاء لدراسة الملف، وهي وحدها القادرة على تحديد الأسباب التي جعلت فاطمة تدخل في غيبوبتها وتصاب بالتهاب في الشرايين، ومن ثمة النزيف الذي حصل على مستوى الدماغ، لأن الأمر ليس بالبسيط الذي يمكن من خلال العاطفة لعامة الناس أن يبتوا فيه. فهنالك عدة أمور يجب عملها قبل الإدلاء بأي حكم مسبق لا يقوم على دراسة معمقة. ويكفي -يقول الأطباء- أن هنالك عمليات قيصرية كثيرة أجريت لنساء أخريات من دون أي حادث يذكر، وهذا أيضا يجب أخذه بعين الاعتبار.

رابط دائم : https://nhar.tv/3C6uB