إعــــلانات

غرداية تستفيد من 50 مليار د.ج لمحو آثار الكارثة

غرداية تستفيد من 50 مليار د.ج لمحو آثار الكارثة

يحل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، هذا الثلاثاء، بغرداية في زيارة عمل وتفقد، سيشرف خلالها على إعادة إسكان المنكوبين ومتابعة إجراءات تكفل الدولة بالمتضررين، بعد مرور قرابة ثلاثة أشهر من فيضانات فاتح أكتوبر الماضي. ومن المنتظر أن يتفقد رئيس الجمهورية

  •  بعض المشاريع التنموية الجارية بولاية غرداية. “النهار” تواكب هذا الحدث وتستوقف الذاكرة لاسترجاع أهم المحطات التي شهدتهامنطقة وادي ميزاب منذ الساعات الأولى لوقوع الكارثة، وتسجل التدابير التي اتخذتها مختلف مصالح الدولة لرعاية شؤونالمنكوبين، كما ترصد أهم المشاريع التنموية المبرمجة لمحو آثار الكارثة.
  • هذه الكارثة التي ألمت بغرداية أول أيام العيد، أوقعت نحو 43 قتيلا و86 مصابا حسب حصيلة رسمية، وشرّدت الآلاف من العائلاتبعد انهيار منازلها بجانب الأضرار المادية الجسيمة التي لحقت بمنشآت عمومية منها المدارس والطرقات وشبكات الكهرباء والغازوالماء والاتصالات. وبلغ حينها مستوى منسوب المياه الناجمة عن غزارة الأمطار ارتفاع 8 أمتار إلى 12 مترا في بعض المواقع،ما أدى إلى فيضان وادي مزاب والأودية المحيطة به في بلديات بريان والقرارة ومتليلي والضاية بن ضحوة وبنورة والعطف،وجرف معه العديد من البساتين والحقول وقطعان المواشي. ولم تسلم بعض المعالم الأثرية على غرار بعض السدود التقليدية من تلكالفيضانات التي لم يعايش سكان المنطقة مثلها منذ سنة 1901. وذكر أمناء السيل بغرداية لـ “النهار” أن تدخلاتهم في الرابعة صباحا،بعد أن أطلقوا طلقات بارود للتحذير من الخطر المحدق بغرداية وضواحيها، ساعدت في خروج مواطنين كثيرين من منازلهم، وكانلتلك التحذيرات الفضل في تقليل حجم الكارثة صبيحة عيد الفطر. وفي أول رد فعل تلقائي لمواجهة الكارثة، وقف السكان من مختلففئاتهم وقفة رجل واحد مشكلين صورا نادرة من التضامن والتآزر والتعاون فيما بينهم، جسدتها عمليات الإنقاذ والإيواء والإطعامالتي تمت على نطاق واسع قبل وصول الإعانات التي تأخرت بعدة أيام لسوء التنظيم الذي طبع عملية توزيع المساعدات الإنسانيةفي مراحلها الأولى.
  • بوتفليقة أوصى بالمنكوبين خيرا
  • اشتكى منكوبو فيضانات غرداية، خصوصا ببلدية غرداية، من سوء تنظيم عمليات توزيع المساعدات الإنسانية التي تدفقت علىالولاية، كما أبدى بعضهم امتعاضا من سوء تقييم المصالح التقنية المتخصصة لحجم الخسائر الحقيقية التي لحقت بممتلكاتهم قبلاستدراك الأمر، كما نددوا بعدم زيارة المسئولين لهم إلى مراكز الإيواء والخيم حيث يقيمون، واستشاطوا غضبا لعدم الاهتمام بهم أيامعيد الأضحى المبارك. لكن عددا من المنكوبين الذين تحدثوا لـ “النهار” أبدوا في مجملهم تفهما للأوضاع واعترفوا بالمجهوداتالمبذولة من قبل السلطات وتقدموا بشكر خاص لرئيس الجمهورية، وخصوصا مع بداية تسلمهم هذا الأسبوع للإعانات الماليةللمصنفة منازلهم في الدرجة الأخضر2، والبرتقالي 3. في هذا الصدد أوضح لنا مكلفون بملف إعادة إسكان المنكوبين بأن 7936 مالك للسكنات من صنف أخضر 2 وبرتقالي 3، بدأوا يستفيدون من إعانة موجهة لإعادة تأهيل سكناتهم الواقعة بالمناطق غيرالمعرضة للفيضانات، وهذا ما لمسته “النهار” من خلال معاينتنا لعمليات تسلم هذه الإعانات بمركز إعلام وتنشيط الشباب بوسطمدينة غرداية ، حيث يتم استقبال المواطنين المنكوبين. كما أشار المسؤولون إلى أن 1504 إعانة إيجار قد تمت الموافقة عليها لفائدةالمنكوبين الذين رغبوا في هذه الصيغة من التكفل والتي تسمح لهم بتغطية تكاليف إيجار سكنات لدى الخواص في انتظار الشاليات أوأنماط أخرى من السكنات. لكن المنكوبين أصحاب البرتقالي 4 لا زالوا من جهتهم، ينتظرون تسلم مبالغهم المالية لبداية عملياتالترميم، فيما يترقب باقي المنكوبين زيارة الرئيس بوتفليقة إلى غرداية لإيوائهم في السكنات الجاهزة التي طالما انتظروها. ويرىكثير من المتتبعين للشأن المحلي أن تعليمات رئيس الجمهورية كانت بادية في الميدان من خلال اهتمام وحرص مختلف مصالح الدولةبظروف المنكوبين، بداية بانتقال وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني إلى غرداية يوم الكارثة لمتابعة عمليات الإنقاذ، وتم إنشاءخلية أزمة على مستوى وزارة الداخلية تضم ممثلين عن مختلف القطاعات. وتوالت زيارات الوزراء إلى غرداية على رأسهم أحمدأويحيى الذي ترأس جلسة عمل مع السلطات المحلية للوقوف على أسباب الكارثة ودراسة الحلول الممكنة، ثم ترأس مجلس الحكومةبعد أسبوعين من ذلك بالعاصمة، وكان من بين أهم ملفاتها تسيير مخلفات الفيضانات التي اجتاحت ولاية غرداية وإعلان المنطقةمنكوبة. وطبقا لتعليمات رئيس الجمهورية فقد عكفت مجمل القطاعات على إعادة الوضع إلى ما كان عليه بمساهمة أفراد الجيشالوطني الشعبي. كما قرر الرئيس منح إعانة الإيجار المقدرة بمبلغ 12000 دينار شهريا، إلى شاغلي السكنات التي عاينت مصالحالخبرة المختصة انهيارها أو تضررها بدرجة كبيرة قصد إعادة إسكان المنكوبين مؤقتا.
  • 50 مليار دينار ومناصب شغل لولاية غرداية
  • خصصت الدولة لولاية غرداية مبلغ 50 مليار دينار، لإزالة آثار الكارثة الطبيعية التي ضربت المنطقة وبغية تفعيل عمليات التهيئةوإصلاح مختلف الشبكات التالفة وإعادة الحياة بالمناطق المنكوبة إلى مجراها الطبيعي. ورصدت وزارة التضامن الوطني والأسرةوالجالية الوطنية المقيمة بالخارج غلافا ماليا قدر بـ 752 مليون دينار، من أجل إنشاء وضمان مختلف صيغ التشغيل وورشاتومناصب شغل لفائدة شباب ولاية غرداية، ووفق ما أعلن عنه وزير التضامن الوطني خلال زيارته إلى غرداية فإن مصالحه وفرتلهذه الولاية أكثر من 4800 منصب شغل مؤقت لبلوغ 10 آلاف منصب مقررة، بالإضافة إلى تخصيص 5 آلاف منحة جزافيةللتضامن لفائدة المسنين، كما أشرف على توزيع 11 حافلة للنقل المدرسي وكميات من الأدوات المدرسية والأحذية والألبسة لفائدةتلاميذ المناطق المنكوبة. وأعلنت وزارة التربية الوطنية من جانبها عن بناء 200 قسم أي ما يمثل 14 مدرسة وخمس متوسطاتوثانوية بالمواقع التي من المقرر أن تستقبل العائلات المنكوبة، مع بناء مؤسسات تربوية جديدة ببلدية العطف لتعويض المؤسساتالتي غمرتها مياه الفيضانات.
  • أما وزارة السكن والعمران فقد جندت جميع مصالحها لإتمام إنجاز 2725 سكن جاهز في ثماني بلديات، وذلك قبل نهاية السنةالجارية، واستقدمت لهذا الغرض شركات ومؤسسات وطنية عكفت على الأشغال ليلا ونهارا. وتشرف عمليات الإنجاز علىنهايتها، حسب معاينة “النهار” لمواقع تركيب الشاليات، وهي مجهزة بالمكيفات الهوائية وموصلة بمختلف شبكات الكهرباء والتطهيروالمياه الصالحة للشرب. وتتوزع هذه السكنات الجاهزة على خمسة مواقع بوادي نشو لفائدة 1550 عائلة منكوبة، وموقعينببوهراوة  لـ 450 عائلة، وثلاثة مواقع يضم كل واحد 150 سكن جاهز في كل من بريان والعطف والضاية بن ضحوة، إلى جانبموقعين من 100 سكن في كل من القرارة ومتليلي، وموقع أخير يتكون من 75 سكنا ببلدية بنورة. وخلال زيارته إلى ولاية غرداية،قرر وزير السكن والعمران منح 5 آلاف سكن جديد للولاية لإسكان المنكوبين بصفة نهائية، ألفان منها بصيغة السكن الاجتماعي وثلاثة آلاف سكن آخر بصيغة السكن الريفي، تضاف إلى 5130 سكن استفادت منها الولاية ضمن برامج تنموية سابقة، لكن لميشرع بعد في إنجازها.
  • قطاع الري .. محور التنمية بالمنطقة
  • فيما يتعلق بقطاع الري، فقد صب بعض المواطنين المتضررين من الفيضانات، جام غضبهم على المسؤولين المحليين من منتخبينوتنفيذيين، متهمين إياهم بعدم الحزم في استكمال إنجاز بعض المشاريع الكبرى التي كان يمكن أن تقلل من حجم الخسائر لو تحققتفي آجالها المحددة. ومن بين هذه المشاريع توسعة مجرى وادي مزاب من خلال إزالة السكنات المحاذية لها وتعويض أصحابها. هذاالمشروع الهام والاستراتيجي لا زال يعلق عليه السكان آمالا عريضة لإنهاء كابوس فيضان وادي مزاب، الذي سبق أن وجه إنذاراللسكان وللسلطات معا في سنة 1991، بعد سيلانه بقوة، غير أنه لم تستخلص الدروس ولم تتخذ أي إجراءات عملية للتوسعة بعدذلك، بل منحت السلطات المحلية مزيدا من رخص البناء على ضفاف الوديان، فانتشرت البنايات على مقربة من مجاري تلكالوديان. ويعتبر المشروع الخاص بحماية سهل وادي ميزاب من الفيضانات أكبر مشروع تشهده الولاية منذ الاستقلال، وتقدر تكلفتهالمالية بـ 7000 مليون دينار مدرج ضمن برنامج الإنعاش الاقتصادي. شرع في بداية تنفيذه في أفريل 2004، وعرف عدةتعطلات لأسباب بعضها تقنية والبعض الآخر لأسباب إدارية بيروقراطية لا غير. ويهدف هذا المشروع الضخم إلى الحد من قوةتدفق مياه الفيضانات، وقد سمح سد واد لبيض المنجز في إطار هذا المشروع من منع تدفق حجم هائل من الأمتار المكعبة من المياهكان بإمكانها أن تغرق آلاف السكنات في الفيضانات الأخيرة. وإدراكا منها بأهمية هذا المشروع، سارعت -مؤخرا- المصالح التقنيةبالولاية إلى الشروع في بناء سدين كبيرين على وادي العديرة وغرازي اللذين يصبان في وادي مزاب لاحتواء 80 بالمائة منمياههما وتفادي فيضانات أخرى في المستقبل، وقد بلغت الإنجاز فيهما حاليا 15 بالمائة. وأوضح مصدر من مديرية الري أن هذاالمشروع ينص أيضا على بناء مجاري مركزية لمياه الصرف الصحي في سهل مزاب على طول 24 كيلومترا، وبناء حاشياتمعززة للوادي الرئيسي وجسور، كما يشمل أيضا بناء أحواض لمياه الصرف ومعالجتها. علما أن أشغال إنجاز محطة تصفية المياهالمستعملة بأربع بلديات تقع بسهل وادي ميزاب بغرداية انطلقت خلال الصائفة الماضية، وعرفت تعطلا بسبب الفيضانات الأخيرة. وتقدر تكلفة هذه العملية بملياري دينار. وتصل طاقة هذه المحطة إلى 46 ألف متر مكعب في اليوم تقع بمنطقة ”كاف الدخان” علىبعد 20 كلم من غرداية. وجاء اختيار إقامة المشروع بالمنطقة بالنظر إلى بعده عن المناطق السكنية وتواجده قرب المحيطاتالفلاحية. ويندرج مشروع إنجاز هذه المحطة التي ينتظر تسليمها في 2010 في إطار مشروع شبكة التطهير لسهل وادي ميزابلتطهير وإزالة المواد الملوثة من المياه القذرة والحصول على مياه مصفاة توجه لأغراض السقي الفلاحي في إطار تحسين إطار حياةسكان المنطقة ووضع حد لتدهور المحيط البيئي الذي يواجهه سكان سهل وادي ميزاب المصنف كمنطقة سياحية. وضمن البرامجالتنموية للولاية، توجد محطتان أخريان لتصفية المياه المستعملة بتكلفة مالية قدرها 800 مليون دج مسجلتان لفائدة مدينتي بريانوالقرارة، إلى جانب محطة أخرى بطاقة 16 ألف متر مكعب في اليوم سيشرع في إنجازها قريبا بالمنيعة وتقدر تكلفتها بواحد ملياردينار.
  • الفلاحة.. آفاق واعدة
  • شهد قطاع الفلاحة بالولاية بدوره خسائر كبيرة وأتلفت حقول وبساتين وهلكت مواشي وأبقار جرفتها الفيضانات. وقصد تعويضخسائر الفلاحين والموالين، خصص مبلغ مالي معتبر لإعانة 1186 فلاح لإعادة إنعاش نشاطهم الفلاحي الذي تضرر جراءالفيضانات. وأوضحت مديرية المصالح الفلاحية لولاية غرداية أن غلافا ماليا يقدر بنحو 158 مليون دينار، خصصته وزارةالفلاحة والتنمية الريفية لهذه العملية التي يتكفل الصندوق الجهوي للتعاون الفلاحي بالولاية بتوزيعها بعد دراسة الملفات من طرفلجنة تقنية بالتعاون مع ممثلي الفلاحين، وتسلم هذه الإعانات المالية وفق معايير محددة للحيلولة دون استغلالها لأغراض أخرى. وتتمثل المرحلة الأولى في صرف 50 في المائة من المبلغ المخصص لكل مستفيد عقب دراسة الملف بغية تمكينه من الانطلاق فيأشغال تهيئة المحيط الفلاحي واقتناء وسائل الإنتاج في حين أن الشطر الثاني من الإعانة المالية يصرف للمستفيد عقب معاينةالإنجاز الفعلي للأشغال. وللتذكير، فقد خصصت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية غلافا ماليا آخر يقدر بـ500 مليون دينار لإعادةالاعتبار وتنشيط القطاع الزراعي وتربية المواشي على مستوى البلديات التسع التي أعلنت مناطق منكوبة، جراء الكارثة الطبيعيةالتي شهدتها ولاية غرداية. وقد قامت فرق الإحصاء والبحث التابعة لمديرية المصالح الفلاحية لولاية غرداية المشكلة عقبالفيضانات الأخيرة بإحصاء 3093 فلاح ومرب منكوب جراء هذه الكارثة الطبيعية. ومعروف عن ولاية غرداية، اهتمام سكانهابقطاع الزراعة منذ إقامتهم في هذه الربوع الصحراوية القاحلة منذ قرون، وتمكنوا بفضل إرادتهم وعزيمتهم على العيش والاستقرارمن حفر الآبار وزرع أشجار النخيل. وتوسع النشاط الفلاحي خلال السنوات الأخيرة إلى عدة مناطق من الولاية من خلال دعمالدولة، وتم إنشاء مستثمرات فلاحية ناجحة في عدة بلديات من بينها حاسي لفحل، حيث بات فلاحوها يصدرون خضر وفواكه ذاتجودة عالية نحو الأسواق الوطنية على غرار التفاح والعنب. وتأسست تعاونيات لتربية الأبقار وإنتاج الحليب بمنطقة القرارةخصوصا، ووفر أصحابها منتوجا وفيرا من الحليب للسوق المحلية والولايات المجاورة رغم الصعوبات التي يعانونها بسبب غلاءالأعلاف. كما حققت زراعة الحبوب بغرداية هذا العام رقما قياسيا بتوفير حوالي 36 ألف قنطار من الحبوب، حيث حصد فلاحوالولاية 35850 قنطار من الحبوب في موسم حصاد هذا العام. وسمحت حملة الحصاد والدرس بتحقيق إنتاج 43 قنطارا من القمحالصلب في الهكتار و32 قنطارا من الشعير في الهكتار الواحد بفضل استعمال طريقة الرش المحوري.
  • تعويض الحرفيين والتجار يشتكون
  • لم ينج قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التقليدية من جانبه من زحف الفيضانات، وتم تسجيل عدة خسائر أحالتأصحاب ورشات حرفية إلى بطالة مؤقتة. وقصد تمكين هؤلاء من شراء بعض التجهيزات وإعادة تشغيل ورشاتهم والمحافظة علىمناصب الشغل، شرع -مؤخرا- الصندوق الوطني لترقية نشاطات الصناعات التقليدية والحرف بولاية غرداية في منح مساعداتمالية للحرفيين المتضررين من الفيضانات الأخيرة. وحسب مدير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التقليدية بولايةغرداية، فإن عدد الملفات التي أودعها الحرفيون بلغ 229 ملف و149 ملف آخر تقدم بها أصحاب مؤسسات صغيرة ومتوسطة. وتبلغ الإعانات المالية المسلمة للحرفيين في حدها الأقصى 50 مليون سنتيم وفق درجة التضرر. وأضاف محدثنا، أن هناك تكفلا منطرف الصندوق الوطني للبطالة وتخفيضات جبائية من مديرية الضرائب وإمكانية الاستفادة من قروض من طرف البنوك معتعويضات مالية للخسائر الناجمة من الفيضانات تسلمها شركات التأمين للمؤسسات المؤمنة لديها. وتعد غرداية بحكم طابعهاالسياحي وتاريخها العريق، ولاية تزخر بالصناعات التقليدية من أهمها النسيج وصناعة الزرابي. كما تتواجد فيها منطقتانصناعيتان كبيرتان في كل من بلديتي بنورة والڤرارة، ساهمتا في امتصاص جزء من البطالة بالمنطقة، إذ تشغلان أزيد من ثلاثةآلاف عامل، وتشكلان معا قطبا صناعيا وطنيا هاما. وتضم المنطقتان ما يربو عن 100 وحدة خاصة في مختلف الصناعات، إلىجانب وحدة عمومية لمواد الجبس ومؤسسة عمومية أخرى لصنع أنابيب الغاز التي تحصلت على شهادة المطابقة إيزو9001 وشهادة الجودة رقم 1 من المعهد الأمريكي للبترول. ويشكو أرباب المصانع من جملة من المتاعب أرهقت كاهل مؤسساتهم تتمثلأساسا في بعد وحداتهم عن مناطق النشاط الرئيسة بالشمال، ويطالبون باستكمال أشغال تهيئة مرافق المنطقتين الصناعيتين وإنجازخط السكة الحديدية التي وعدتهم بها الدولة منذ عدة سنوات للتخفيف من مصاريف وأعباء النقل، لكن لم يتجسد هذا المشروع إلى الآنعلى أرض الواقع. ويشكو التجار بغرداية أيضا من بعد المسافات عن أسواق الشمال مما ينعكس سلبا على نشاطهم. كما يشكونازدهار التجارة الموازية غير المنظمة بالمنطقة، ويطالب التجار المنكوبون من المديرية العامة للضرائب بولاية غرداية بتخفيضاتجبائية. ويقول تجار متضررون من الفياضانات لـ “النهار” أن المديرية رغم إعلانها عن تعليق أزيد من 6 آلاف متابعة للتحصيلالضريبي وإلغاء نحو 5670 عقد جزافي، إلا أنهم، يضيف محدثونا، لم نلمس أي إجراء ميداني ملموس ولم يصدر إلى حد الآن أيقرار أو نص في هذا الشأن، ما جعلهم يشككون في المبادرة التي أعلنت عنها المديرية. ويتساءل هؤلاء التجار عن سبب نسيانهموعدم تعويضهم كباقي القطاعات الأخرى كالحرفيين والصناعيين والفلاحين، مؤكدين أنهم مثل غيرهم من المواطنين المنكوبينتكبدوا هم أيضا خسائر جسيمة في محلاتهم وسلعهم التي أتلفتها مياه الفيضانات.  
  •  
  • ماذا بعد كارثة الفيضانات وفتنة بريان؟
  • لقد صبت مصالح ولاية غرداية جميع جهودها لتسوية ملف أزمة بريان التي استنفذت كل الطاقات وأهدرت أموالا وأوقاتا ثمينة علىحساب التنمية المحلية، هذا ما صرح به والي ولاية غرداية في ندوة صحفية عقدها في وقت سابق قبل الفيضانات وحضرتهاالنهار”. هكذا إذا، وبينما كانت الولاية تستعيد أنفاسها بعد تلك الفتنة الدامية التي دمرت الأخضر واليابس، حلت بها من جديد كارثةالفيضانات. وإذا كانت الجراح بدأت تلتئم تدريجيا وتسترجع غرداية المنكوبة عافيتها، فإن المواطنين بغرداية يتطلعون الآن إلى غدمشرق ينسيهم على الأقل النكبات التي ألمت بولايتهم خلال العام الجاري الذي سجلت حروفه بالدم والدموع. ويتمنون أن تكون زيارةرئيس الجمهورية إلى ولايتهم فأل خير ومنطلقا جديدا ودافعا قويا للتنمية التي شهدت بسبب هاتين الكارثتين شللا شبه كلي، رغم أنالدولة لم تبخل من ميزانيتها بأموال طائلة للولاية بلغت، حسب مصدر مسئول موثوق جدا، أزيد من 6822 مليار سنتيم في مختلفبرامج التنمية. وتم في هذا الصدد تسجيل 264 عملية في إطار البرنامج العادي تشمل قطاعات الري والبيئة والأشغال العموميةوالسكن والعمران والتكوين والغابات، وبلغت نسبة الإنجاز فيها 71 بالمائة. وفي إطار برنامج الإنعاش الاقتصادي تم تسجيل سبععمليات كبرى تدوم أشغالها بين سنتين إلى ثلاث سنوات، وتشمل إنجاز طرقات مزدوجة في مداخل ومخارج المدن وبناء القطبالثاني من المركز الجامعي بغرداية ومنشآت قاعدية هامة أخرى. وضمن برنامج تنمية مناطق الجنوب سجلت 133 عملية بلغت فيهانسبة الإنجاز أزيد من 85 بالمائة و31 عملية في إطار البرنامج التكميلي تشرف على نهايتها، فيما أدرجت 382 عملية في إطاربرامج تنمية البلديات ورصد لها مبلغ ملياران و91 مليون دينار. إلى ذلك، تبقى ولاية غرداية تعاني من نقص فادح في عددمؤسسات الإنجاز المتخصصة في الأشغال الكبرى مثل الطرقات والسكنات مما عطل وتيرة التنمية بالولاية، لكن وزير السكنوالعمران في إحدى زياراته الأخيرة إلى غرداية، طمأن السلطات المحلية بالتأكيد على سعيه إلى جلب مقاولين ومؤسسات إنجازكبرى إلى المنطقة لتسريع وتيرة التنمية واستدراك التأخر الذي تشهده هذه الولاية، خاصة وأنها تحتاج حاليا إلى نهضة تنمويةكبرى لمحو جميع مخلفات الفيضانات وبلوغ مرتبة متقدمة من الرقي تعيد إلى غرداية رونقها السياحي العالمي المعهود، وتبعث فينفوس السكان الطمأنينة والسكينة. ”

رابط دائم : https://nhar.tv/V4zDA