عمي يونس والد توفيق لـ”النهار”: “جدّه تنبأ له بشأن عظيم منذ أن كان رضيعا”
اعتبر مواطنو مدينة سوق أهراس فوز العداء توفيق مخلوفي بالميدالية الذهبية في سباق 1500 متر في الألعاب الأولمبية بعاصمة الضباب لندن، يعد أحسن رد على جريدة “الدايلي تلغراف” البريطانية التي صنّفت النشيد الوطني الجزائري ضمن أسوأ عشرة أناشيد في الدورة، ليأتي رد ابن مدينة سوق اهراس الشرقية بطريقته الخاصة، عندما رفع العلم الجزائري في سماء لندن على أنغام نشيد قسما رغم أنفها. وإثر هذا الإنجاز عاشت مدينة سوق اهراس ليلة الثلاثاء أجواء من الفرحة العارمة، حيث قامت مجموعة من الشباب بتنظيم موكب للسيارات جاب شوارع المدينة للتعبير عن فرحتهم بابن تاغاست الذي أهدى الجزائر والعرب أول ميدالية ذهبية في هذه الدورة… “النهار” أرادت أن تزيح الستار عن هذا البطل الذي مازال خفيا عن أبناء مدينته، حيث تنقلت صباح أمس إلى مقر سكنه الكائن بحي “دالاس 2” بعاصمة ولاية سوق اهراس، أين تفاجأنا بمسكنه المتواضع الذي علقت عليه راية كبيرة، حيث استقبلنا والده عمي يونس وهو متقاعد من الجيش الوطني الشعبي، البالغ من العمر 62 سنة، بترحاب كبير، وكانت الفرحة تملأ عينيه، فهنأنا جميع أفراد الأسرة ثم سألناه عن إحساسه والعائلة بعد أن أصبح ابنه حديث وسائل الإعلام العالمية، فأجابنا بكل عفوية أنه لم يصدق في تلك اللحظة ما جرى أمامه على شاشة التلفاز، قائلا إن ابنه توفيق يشهد له الكلّ في العائلة بالتواضع ويتميز بالهادئ، وهو الابن الثالث من بين ستة إخوة، خمس بنات وذكر، كما سرد لنا محدثنا حقيقة شدت انتباهنا، حين ذكر لنا أن جده تنبأ له وهو رضيع بمستقب زاهر، حيث دخل عليه ولمحه رافعا يده إلى السماء، فقال الجد للعائلة حينها إن هذا الطفل سيكون له شأن عظيم في المستقبل، كما صرح لنا أن البطل توفيق ولد في شهر أفريل 1985 وتوقف عن الدراسة في السنة الثالثة ثانوي شعبة علوم بثانوية رافع المجيد المتواجدة مام مقر سكنه، كما أعلمنا عمي يونس أنه كان شديد الطباع مع ابنه رافضا ممارسته الرياضة على حساب دراسته، لكن طموح توفيق وإصراره على مواصلة المشوار جعل الوالد يقتنع بالفكرة رغما عنه، ليشق توفيق طريقه بنفسه ويتأكد في الأخير أنه أحسن الاختيار. وعن اللحظات الحرجة التي عاشتها العائلة في حدود التاسعة والنصف، أثناء بداية السباق، قال عمي يونس إن الكل كان يذرف الدموع، خاصة والدته “كنا نسير معه لحظة بلحظة وعمّت الفرحة وهو يصل إلى خط النهاية، لقد بكينا من شدّة الفرحة، إنها لحظات تاريخية لن تنسى، لم نصدق أن توفيق توج بطلا ورفع صوت الجزائر عاليا”، وقد ذكر لنا عمي يونس أنه لم ير توفيق منذ أكثر من سبعة أشهر لأنه كان يشارك في مختلف البطولات العالمية، وكان يكتفي بسماع صوته عبر الهاتف، فكان طلبه الوحيد من العائلة أن يدعوا له بالتوفيق، وكانت العائلة لا تعلم ماذا يفعل توفيق المهم عندهم أنه بخير وفي صحة جيدة… ونحن ببيت توفيق كان المهنئون من الأصدقاء والأحباب ورجال الاعلام يتوافدون تباعا، فاندهش عمي يونس وقال بعفوية “لقد رفعنا توفيق”. غادرنا مسكن العائلة المتواضع وكلّنا رغبة في معرفة المزيد عن هذا البطل الغامض ومشواره الرياضي، فقصدنا أصدقاء البطل للحديث عن مشواره الرياضي وحياته، فأجمع كل من حدثناهم على أنه مولع بالرياضة التي كان يمارسها في كل الأوقات، وكلّهم أجمعوا على خصاله الحميدة.
رجيمي علي (مدرب توفيق): “أنا من اكتشقته في 2003 وهنيئا لنا وللجزائر بالانجاز
ولدى التقائنا بالسيد رجيمي علي، مدرب توفيق في سوق اهراس قبل انضمامه إلى الفريق الوطني، حيث يعتبر من بين الذين لهم فضل كبير على “مرسلي الجديد”، صرح لنا أنه هو من اكتشف توفيق، مؤكدا أنه بدأ ممارسة رياضة ألعاب القوى سنة 2003 ضمن صنف الأصاغر، حيث أظهر تفوقا ملحوظا مما جعله يوليه اهتماما خاصا، وبفضل انضباطه ومثابرته تمكن من تحسين مستواه تدريجيا، وحقق نتائج وطنية ودولية بألوان الحماية المدنية لولاية سوق اهراس، إلى أن بلغ صنف الأكابر سنة 2008، وبسبب قلّة الامكانات الملائمة لمستواه محليا تم تحويله إلى الجزائر العاصمة، لصقل مواهبه أكثر، مما سمح له بتحقيق نتائج ممتازة على الميدالية الذهبية في مسافة 800 م والميدالية البرونزية في مسافة 1500 م في الألعاب الإفريقية بعاصمة الموزنبيق مبوتو، حيث أبهر المختصين في ألعاب القوى بتفوقه على عدائين كبار من كينيا وإثيوبيا ودول إفريقية أخرى، قبل أن يؤكد حقيقة مستواه بإدهائه أول ميدالية من المعدن النفيس للعرب في أكبر تجمّع رياضي في العالم… فهنيئا للجزائر والعرب ميلاد بطل جديد، ومزيدا له من التأقل والنجاحات في المستقبل.