على الرغم من أنه طلب مني السماح إلا أن نفسيتي تأبى أن تنسى وترتاح
سيدتي.. من المؤلم أن تستفيق الزوجة على كابوس الخيانة من زوجها، خاصة إن هي لم تقصّر يوما في خدمته والسهر على راحته وطاعته، لكن ما حدث لي لا يخطر على بال؛ لدرجة أني راسلتك حتى أبحث فيما أعانيه من همّ ينكّد عليّ سعادة طالما خيّمت على بيتي قبل أن أجد زوجي العزيز ينصرف عني نحو أخرى ليس فيها ما يثير أو يجذب.لم يكن من الصعب أن أكتشف سرّ التغيّر الذي طرأ على تصرّف زوجي، الذي أصبح يلفّني بكثير من الاهتمام الزائد عن اللزوم، كما أني طالما ضبطته يتحدّث خلسة عبر الهاتف فسألته عن المتّصل الذي طالما يجعله ينسحب وينصرف وينزوي ليتبادل أطراف الحديث، لأجده يجيبني بأنه زميله الجديد في العمل والذي يستفسره عن عديد الأمور التي لا يعرفها. أوهمته بتصديقي لما كان يخبرني به، وبدأت في التحرّي عن كل سكنات وتحركات زوجي لأجده على علاقة بفتاة تسكن نفس الحي الذي نسكنه.وعلى عكس زوجي سيدتي، لم أنتهج سياسة اللّف والدوران ولا حتى لعبة القط والفأر؛ وصارحته بحقيقة ما عرفته وأخبرته بأني لا أبحث عما أعجبه بغريمتي، لكني أبحث في المقابل عن السبب الكامن وراء خيانته لي على الرغم من أني لم أتوانى في خدمته وطاعته والسهر على راحته، والدليل أني صبرت على أموره المادية وساعدته بمالي ومجوهراتي حتى يكوّن نفسه ويقتني الكثير من الأمور والرفاهيات التي لم يكن يحلم بها من سيارة ومسكن الأجدر أن يوفّره هو لي؛ كونه زوجي والمسؤول عني وعن أبنائنا الأربعة دون علم أهلي، ولعلّ هذا ما زاد من ألمي وشجني.ولعلّ الأغرب في الأمر أن زوجي انهار أمامي وبكى من فرط الخجل والأسف، معربا عن ندمه لما اقترفه في حقي؛ طالبا مني الصفح والغفران، وهذا ما لم أستطع تحمّله ولا تصديقه، فمن خان مرة يمكنه أن يخون مرة واثنتين، كما أنه لا يمكن لأية أنثى أن تتسامح مع جرم الخيانة العميق الأثر في القلب والوجدان، وعلى الرغم من أنه أقسم لي بأنه تخلّص من هذه النزوة العابرة، وبأنه لن يكرّر ما فعله بي.المشكلة في كل هذا وذاك؛ أني لا ألبث أن أنسى حتى تعود نيران الغضب والشجن لتتأجّج في قلبي الذي لا يريد أن يغفر هذه الأسية التي قلبت حياتي رأسا على عقب، فماذا أفعل سيدتي؟.
المخدوعة من الشرق
الرّد:
من أروع النعم التي منّ الله بها علينا نعمة النسيان، والتي تسمح بتآلف القلوب وتوادها، كما أنه لا يختلف اثنان من أن التسامح من شيم الإنسان المؤمن الذي يفتح بفعله بابا للمخطئ في حقه، مغلقا كل المنافذ على الشيطان الذي يحاول وفي كل مرة خلق هوّة بين المتحابّين وخاصة الأزواج. أفهم مدى الألم الذي تحسّينه أختاه، وأعلم مدى عمق الجرح الذي في قلبك والذي ليس من السهل أن يندمل، فزوجك أختاه وفي لحظة طيش منه فتح للشيطان ثغرة تسلّل منها، حيث سوّل له بأن يقيم علاقة مع فتاة اللّه وحده أعلم بالأكاذيب والحيل التي وبفعلها سقطت المسكينة في شركه.كثيرات هن الزوجات اللواتي تلدغن من سم الخيانة التي يرميهن بها الأزواج الذين يظنون بأنهم باستمالتهم قلبين أو أكثر، أو بعد تمكّنهم من الكذب والنفاق على النساء يعدّون رجالا يضرب بهم المثل في الرجولة والسيطرة على حواء باعتبارها كائنا ضعيفا، على الرغم من أن العكس هو الصحيح، والدليل أن زوجك ولولا تفطّنك لما اقترفه في حقك لواصل السير في النفق المظلم الذي بدأ فيه، متناسيا كل جميل وحسن صنيع قدّمته له، ليس ضعفا منك وإنما رغبة منك للحفاظ على تماسك أسرتك وترابطها، وخوفا على أبنائك من الضياع، حيث أغتنم الفرصة لأحييك وأحيي كل النساء القانتات الصابرات على ما تقاسينه من جبروت الرجل وغطرسته، زوجا كان أو أخا أو أبا.من جهة أخرى، ليس من السهل على الرجل مهما كانت ظروفه أو مكانته الاعتراف بجرم الخيانة أمام زوجته، خاصة إن كانت بمثل ثقتك في نفسها أو في قمة عنفوانها، حيث إنك لم تقابلي هذا الخبر بالعويل أو البكاء مثلما تفعله الكثير من النساء، والدليل أنك حاولت الغوص في قلبه لمعرفة ما يميّز الأنثى التي خطفت فؤاد زوجك والتي أظنها هي الأخرى ضحية مثلك، والأجمل من كل هذا وذاك أنه أخبرك بأنها كانت مجرد لحظة طيش ليس إلا.ومن هذا المنطلق أختاه أدعوك إلى أن تفتحي باب العفو في وجه زوجك الذي لم يقابل ضعف موقفه أمامك بضعف أكبر، حيث إنه اعترف بالخطإ وطلب منك السماح، ومن هنا عليك أختاه طي الصفحة السوداء التي كست علاقتكما الزوجية والتي تمرّ بها العديد من الزوجات اللواتي أدعوهن من هذا المنبر إلى الصبر والتماسك، حتى لا تتسبّبن في لحظة طيش أو غضب منهن إلى هدم عش طالما سهرن في سبيل بنائه وتماسك عماده، كما لا يفوتني أن أدعو الرجال إلى عدم الاستهانة بمشاعر المرأة أو العبث بها، فمهما كانت عيوب الزوجة أو نقائصها فالنقاش والحوار هو الذي يغيّر الأمور نحو الأحسن وليست الخيانة هي الحل، لأنها بمثابة الفيروس الفتّاك في مجتمع يعير كبير الأهمية لتماسك الأسرة وقوّتها.اغفري لزوجك زلاّته، وادعي الله جلّ وعلا أن يمدّك بكثير من الصبر والإيمان للمضيّ قدما نحو حماية أسرتك من الشتات، كما لا يفوتني بأن أذكرك بأن تحمديه عزّ وجل لأنه جعلك تكتشفين الأمر قبل أن تتطوّر الأمور إلى ما لا يحمد عقباه. آخر ما في قلبي من كلام؛ أن تتسلّح الزوجات بالعزيمة والتفاني لخدمة أزواجهن، كما أنه على الأزواج تقدير الإحسان الذي يلقونه من زوجاتهم والذي لا يعدّ ضعفا بقدر ما هو قوة لا تضاهيها قوة، في زمن أصبح الخداع فيه والغدر جزاء الإحسان.
ردّت نور