إعــــلانات

عقلية‮ ‬البايلك‮ ‬تهدّد مؤسسات الدّولة بالإفلاس

عقلية‮ ‬البايلك‮ ‬تهدّد مؤسسات الدّولة بالإفلاس

يتداول الجزائريون مصطلحات كثيرة تعبر عن قناعاتهم تجاه المصالح العمومية ومؤسسات الدولة، كعبارة ”تاع البايلك” .. ”حمار الدولة” .. وغيرها التي تبين السبب الرئيسي وراء الخسائر التي تلحق بالقطاعات العمومية، سواء تعلق الأمر بمؤسسة النقل، الضرائب، المياه والكهرباء وكل ما يمكن استنزافه من قبل المواطنين، متمسكين بفكرة أن حقوقهم ضائعة، وإنما هم بهذه الأعمال يسترِدُونَ جزءا من حقوقهم.

ويقول ”ز.م” موظف في شركة خاصة ببن عكنون، أنه اعتاد منذ أن توظف بالمؤسسة التي رفض ذكر اسمها، بعدم دفع تكاليف الركوب في القطارات والحافلات الخاصة بالشركة الوطنية للنقل الحضري، خاصة وأن مقر سكنه يفرض عليه استقالة القطار كل يوم، هروبا من شبح الزحام في حركة المرور التي تشهدها طرقات العاصمة، إذ أنه يقيم بمنطقة الرغاية، حيث يستعمل هذا الأخير القطار وحافلات النقل التابعة للمؤسسة الوطنية للنقل الحضري.

وأضاف الموظف أنّه رسخت في ذهنه فكرة عدم دفع مستحقات النقل العمومي التابع لمؤسسات الدولة، وذلك منذ أن التحق بالجامعة، حيث أكد أن استهلاكه لكل شيء مجانا عوده وأدخل في نفسه، أن هذه الإمتيازات إنما هي حق من حقوقه، وليست تمنح له على أساس أنه طالب فقط، زيادة على البطالة التي عانى منها وضياع حقه في البترول على حد تعبيره، إذ أشار إلى أنّه عندما تخرج من الجامعة اكتشف أنّ هناك عالم آخر كل شيء فيه بمقابل.

وأشار ”ز.م” إلى أنّه وجد نفسه أمام خيارين فور خروجه من الجامعة، إما وسائل النقل العمومية أو الخاصة، إلا أنهما يشتركان في شيء واحد هو دفع الثمن الذي لم يستوعبه، ما جعله يفكر في استغلال القطارات والحافلات العمومية، مع الإستمرار في العملية بعقلية ”حمار الدولة” على حد تعبيره، مؤكدا بالمقابل أنّه سعى إلى تطليق هذه الأفكار، إلا أن الأجرة التي يتقاضاها لم تسمح له بذلك، وهي لن تمكنه من دفع تكاليف النقل المقدرة يوميا بـ120 دينار.

مؤسستا المياه والغاز أكبر ضحايا أفكارالبايلك

ويفضل آلاف العائلات خاصة على مستوى الأرياف والمدن أو البلديات النائية، التهرب من دفع تكاليف المياه والكهرباء، من خلال اتباع تقنية الإبرة بالنسبة لعداد الكهرباء، واستحداث أنابيب توضع في مقدمة عداد المياه حتى لا يسجل هذا الأخير شيئا مما تستهلكه الأسرة، فتدفع بذلك مستحقات الإشتراك فقط، حيث يقول في هذا الصدد ”ع.ن”، أنه لا يدفع إلا ثمن الإشتراك بالنسبة للمياه، ذلك أن كل السكان ينتهجون هذا الخط فلن أحيد عنه وأدفع أكثر منه، رغم أنهم يستهلكون أكثر مني بكثير.

وأشار ”م.ص” إلى أنه لا يدفع دينارا واحدا كمستحقات المياه، رغم أنه يستهلك آلاف اللترات يوميا، يستغلها في سقي أشجاره المحيطة بالبيت، بحيث قال أنه يستخرج الماء مباشرة من الخزان دون الحاجة إلى الإشتراك، نظرا لقرب منزله من هذا الأخير، واعتبر أن هذه المياه التي يأخذها بالمجان هي جزء من حقوقه التي ينبغي على الدولة أن توفرها له، مضيفا أنّ كل سكان منطقته لا يدفعون ثمن المياه التي يستهلكونها وأفضلهم الذي يدفع مستحقات الإشتراك.

التجار يتهربون من الضرائب ويتحججون بالزكاة

ويفضل آخرون تطبيق هذه النظرة في التهرب من الضرائب وعدم التصريح برقم الأعمال الحقيقي، خاصة التجار المستوردون أو أصحاب المحلات وغيرها من الأعمال الحرة الأخرى، بحيث يسعى كثيرون إلى التملص من هذه الأمور، حتى إن اضطره ذلك إلى التصريح الكاذب، على غرار ما يتم تسجيله يوميا على مستوى المحاكم، فضلا عن الخسائر التي تلحق الخزينة العمومية سنويا، جراء هذه الأفكار السائدة.

ويقول في هذا الصدد ”ر.ح” صاحب محل، أني لن أبلغ رسميا عن نشاطي، حتى لا أضطر لدفع غرامة سنوية، ولكنّي سأكتفي بغلق المحل كلما رأيت دوريات رجال الأمن أو عناصر المراقبة، الذي لا يقصدون حيِّنا، كونه يقع في مكان منعزل نوعا ما، وأنا بذلك أعمل مع أبناء المنطقة ولست بحاجة إلى التصريح بفتح هذا المحل وممارسة التجارة، وقال ما الذي أستفيده حتى أدفع الضرائب للدولة هل هي في حاجة إلى أموالي.

ويرى آخر أنّ دفعه للضريبة سيؤثر على أرباحه، كونه يخرج الزكاة سنويا، فكيف يعقل أن يخرج الزكاة عن أمواله، ويجبر أيضا على إخراج الضريبة على الأرباح التي يحققها أو رقم الأعمال التي حققها، لهذا قال أنّه فكر في إخراج الزكاة على دفع الضريبة، ولو اضطره ذلك إلى عدم التصريح برقم أعماله، أو حتى العمل بدون رخصة مع التخفي عن رجال الأمن ومصالح المراقبة.

..والمسؤولون كليغرفحسب درجته ومنصبه

ويستغل كثير من المسؤولين في هذا السياق من إطارات المؤسسات العمومية وموظفيها مناصبهم، للنهب والإستفادة من تجهيزات هذه المؤسسات وكذا الأغذية وغيرها من الأمور التي يمكن أخذها، وبذلك وفقا لشهادات الموظفين أنفسهم، حيث يأخذ الموظفين والمسؤولين على مستوى الجامعات كل أنواع المواد الغذائية المتبقية، خاصة خلال شهر رمضان، بحجة أنّها ستتعرض للتلف أو اقتراب انتهاء مدة صلاحيتها وكل ذلك من الحجج.

ومن جهتهم عمال شركات الخشب؛ يستخرجون ألواحا من المؤسسة خفية، من أجل استغلالها لصناعة أسرة أو مقاعد، في الوقت الذي يستغلها آخرون لتأمين دخل إضافي، على اعتبار أنّ دخلهم غير كاف لسد حاجياتهم اليومية، وبما أنّ الإدارة رفضت الزيادة في مرتباتهم، فإنهم يعتبرون في ذلك فرصة لتغطية عمليات السرقة اليومية التي يقوم بها الموظفين والمسؤولين كل حسب درجته ومنصبه، سواء ما تعلّق بفوائد الصفقات للمسؤولين أو بمخلفاتها للموظفين.

استند إلى حديث ”..أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم

التهرّب من تسديد مستحقات الخدمات العمومية حرام

قال الشيخ فركوس في فتوى أصدرها في جوابه على سؤال أحد المواطنين، بخصوص عدم دفع مستحقات الخدمات العمومية، التي توفرها الدولة لمواطينها، بحجة أن هؤلاء لهم حقوق عليها لم يستفيدوا منها، أنه لا يجوز التهرب من دفع مستحقات أي خدمة من الخدمات التي استفاد منها الشخص، مهما كانت الجهة التي قدمت الخدمة، وخاصة إذا كانت هذه المؤسسة تابعة للدولة.

وحرّم الشيخ فركوس أي تلاعب بهذه الأموال وحكمها في حكم أخذ أي مال آخر بغير حق، لهذا يجب على من يستفيد من هذه الخدمات، أن يؤدي ما عليه بغض النظر عن الأمور الأخرى كإحساسه بضياع حقوقه، أو عدم استفادته من خدمة كالعمل أو السكن وغيرها، وأشار إلى أنه إن انتزعت من هذا الشخص حقوقه الخاصة من قبل هذه الجهة المعنوية، فلا ينبغي أن يتعمّد عدم دفع حق النقل أو الكهرباء وأي خدمة أخرى لأن ذلك يعد سرقة.

واستند الشيخ في تحريم أكل مال الحاكم أو الدولة حاليا بحجة ضياع حقوقهم، إلى قوله صلى الله عليه وسلم، ”إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها، قالوا فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم” رواه البخاري، وقال أيضا بالنسبة لأخذ الأموال الخاصة بغير حق ”لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس”.


رابط دائم : https://nhar.tv/LtQsY