طفلي يعاني من إضطراب جعلني في حيرة
سيدتي بعد التحية والسلام، إسمحيلي أن أشكرك على هذا الفضاء الجميل الذي منحته لنا والذي أتشرف أن ابث بين يديك ما يقلقني كونك إنسانة ذات خبرة وحنكة في مثل ذي أمور.
أنا أم لطفل في الثالثة من عمره، أعاني معه الأمرّين بسبب فرط حركته. فلا يمرّ يوم علينا أنا وهو من دون أن يكون مشحونا وحافلا بالصراخ والتأنيب.
أحرص أن أمتص كل زلات إبني وهفواته، كون زوجي لا يفقه سوى لغة الضرب والزجر.
أحسّ من أنّني أمّ لطفل فاشل مستقبلا، فرياض الأطفال ترفض إستقبال إبني الذي يعتبرونه خطرا على زملائه.
كما أن أمّي لا تريد رعايته ما جعلني أتوقّف عن العمل الذي كنت أعشقه إلى الثمالة.
لا أخفيك سيدتي أنني من النوع الودود، كذلك الامر بالنسبة لزوجي الذي يثور عندما تنفلت الأمور من يديه.
أخاف أن تكون سياستي المنتهجة في تربية إبني والمتمثلة في الضرب والترويع سياسة خاطئة وغير مجدية.
كما أخبرك أنني أخاف الإنجاب حتى لا يكون لي طفل أخر ينضم إلى إبني الذي لم أتمكن من تشخيص حالته حتى تسهل حياتي.
ما هو رأيك سيدتي؟ وكيف لي أن أنقذ طفلي غير المرغوب فيه من نظرات مجتمع لا ترحم؟.
أختكم أم ياسر من الشرق الجزائري.
الرد:
هوّني عليك أختاه، وهدّئي من روعك وإحمدي الله أنه منحك الولد الذي تتمنّاه من كتب عليها العقم وحتى من تأخّر زواجها.
فلا يوجد هناك أجمل وأروع من حسّ الأمومة، ولا يوجد أجمل من تلاحم روحي بين أي آم وإبنها.
أراك من خلال رسالتك قد ضخمت المشكلة وجعلت منها معضلة، لقد أوقفت عقارب ساعة حياتك بسبب طفل حباك الله به.
قطعة منك تهوى الحركة والإكتشاف، وللأسف لم تجد من يفهم حالتها أو يتأقلم معها.
عديد العائلات تحتضن أطفال معاقين أو أطفالا يعانون من تخلّف ذهني أو تأخر في النمو.
ولم ينتفض منهم مثلك أحد، تقبلو الأمر وتعايشوا معه وألبوا حياتهم بتفاصيلها بما يتماشى مع الموجود.
ومن باب النصح أختاه، أنصحك أن تتقبلي طفلك المسكين الذي لا يعي ما يدور حوله.
وكونك من النوع الهادئ وكون أبيه من النوع العصبي فذلك لا يعنيه في شيء، رفضك لإبنك هو ما دفع الأخرون لرفض تقبّله وإحتضانهم له.
أن تربطي فشل طفلك لأنه كثير الحركة أمر لا يجب أن يكون ، فلهذا الكائن من الخلال والخصال ما يجعله مميزا ومختلفا.
فهو كثير القفز والحركة بسبب مشاعر داخلية لا يجيد الإفصاح عنها.
هو من الأطفال الذين يمتلكون قدراً كبيراً من الحنان، هو أيضا من الأطفال الذين يركزون في المذاكرة. وليس عن طريق الجلوس إلى المكتب.
ولتتأكّدي سيدتي أنّ طفلك الحركي يحتاج إلى حضنك؛ لكي يتحول إلى طفل مطيع.
إبنك سيدتي لديه فيض كبير من المشاعر ولذلك يمكنك أن تشرحي له سورة من سور القرآن. على شكل قصّة مؤثرة وسوف تتفاجئين بأنّه قد فهم كل شيء.
فلذة كبدك المضطرب السلوك سوف يتخلص من فرط الحركة إن أنت أحسنت التعامل معه بعد سن أربع سنوات.
ذهو ليس مريضاً ولا شاذا، بل يمتلك ذكاءً كبيراً ويتظاهر بعدم التركيز حتى يجذب إنتباهك، حتى تأسريه بالإهتمام والحب.
الأمر يتطلب صبرا كبيرا، وترويا وعدم إستعجال النتائج.
ردت: س.بوزيدي.