إعــــلانات

طرابلس تستفيق لتنفض عنها غبار الحرب

بقلم وكالات
طرابلس تستفيق لتنفض عنها غبار الحرب

بعد ثلاثة أيام من الإغلاق التام خلال عطلة عيد الفطر، وأسابيع من المعارك بين الثوار وكتائب معمر القذافي، إستفاقت طرابلس اليوم السبت لتنفض عنها غبار الحرب وتستعيد الحياة فيها وتيرتها الطبيعية بشكل تدريجي.

وعادت سيارات الأجرة منذ الصباح تجوب شوارع المدينة التي سيطر عليها الثوار الأسبوع الماضي، واكتظت بعض الحارات بالمارة الذين خرج معظمهم للتبضع بعد أايام من الانعزال في منازلهم.

ومساء تجمع العشرات في ساحة ملاصقة لساحة الشهداء التي كانت تعرف سابقا بالساحة الخصراء ليتابعوا مباراة في كرة القدم بين منتخبي ليبيا وموزامبيق بثت على شاشة عملاقة.

واكتظت الأماكن القريبة من الساحة بالنساء والأطفال الذين كانوا يراقبون شبابا يلهون بالدراجات الهوائية والنارية، وعربات الأحصنة. وارتفعت صيحات وهتافات الحاضرين تترافق مع اصوات الرصاص التي اطلقها الثوار من بنادقهم لحظة تسجيل المنتخب الليبي لهدف.

وهتف المشجعون الذين كانوا يلوحون بعلم الثوار “شوف الكرة شوف، الساعدي يا خروف” في إشارة إلى نجل معمر القذافي الذي كان لاعب كرة قدم، و”شفشوفة، معليشي”، في إشارة إلى القذافي.

وفي منطقة باب البحر الراقية وسط العاصمة، قال الشرطي عبد القادر عمار (22 عاما) لوكالة فرانس برس “توقفت عن العمل في 20 أوت لكن الشرطة عادت اليوم الى الطرقات، ونحن جاهزون لخدمة بلدنا من جديد”.

واضاف وقد بدا خلفه حاجز يقيمه الثوار “الناس لا تزال متاثرة بالعيد وبالاحداث الاخيرة، لكن الامور حتما ستسير نحو الافضل من الآن فصاعدا”. وتابع “سيارات الاجرة تعمل اليوم، والمارة يجوبون الشوارع، والامور اصبحت ممتازة”.

وفي البلدة القديمة وسط العاصمة، كانت اعداد قليلة من الناس تجوب الحارات و”الزنقات” رغم ان معظم المحلات لم تفتح ابوابها المصبوغة كلها باللون الاخضر امام الزبائن، ووقفت امراة وثلاث رجال امام مضخة قرب حارة باي بنغازي يعبئون الماء في براميل شفافة.

وقال رمضان الغدامسي (64 عاما) الذي لم يحدد طبيعة عمله “نحصل على الماء من الابار المنزلية كون المياه التي توفرها لنا السلطات الحكومية مقطوعة منذ ايام”.

واضاف “نقتصد في الماء، وفي الغذاء ايضا، وبالنسبة لي فلن اعود الى عملي السابق حتى تستتب الاوضاع في طرابلس وتتضح الصورة التي لا يمكن ان نحكم على مستقبلها بشكل فعلي”.

وتوزع عمال التنظيف بلباسهم الاحمر في ارجاء “ساحة الشهداء” لازالة نفايات تملأ شوارع المدينة كلها منذ اسابيع.

وقال عامل التنظيف بابا سليمان (22 عاما) وهو من بنين “نعمل منذ يومين على تنظيف الشوارع لان الاوضاع تبدو افضل مما كانت عليه قبل ايام”. وتابع “الارجح ان وتيرة عملنا ستزداد بدءا من اليوم”.

وعلى بعد امتار من طرف الساحة الجنوبي، تحلق الناس حول باب المصرف التجاري الوطني يساجلون مسؤولين في المصرف الحكومي للحصول على المال. ورد عليهم هؤلاء بالقول “عودوا غدا وستحصلون على كل ما تريدون”.

واكد المسؤول عن خزنة المصرف طلال الضغيس (52 عاما) لفرانس برس ان “المصرف سيفتح ابوابه رسميا غدا (الاحد)، علما اننا بقينا نعطي الاموال للناس انما من خارج المنظومة الرئيسية للمصرف وعبر وصولات ورقية”.

وذكر وهو يفتح باب الخزنة المحصنة فيما تحلق حوله عدد من الموظفين يحاولون استراق النظر لرؤية ما في داخلها “65 عاملا لم يتوقفوا عن العمل في المصرف رغم كل الاحداث، واليوم سننام هنا حتى ننهي تسجيل الاموال المسحوبة في الايام الاخيرة في المنظومة ونكون جاهزين لمتابعة عملنا الطبيعي الاحد”.

وقال الضغيس وهو يشير الى كميات كبيرة من الاوراق النقدية داخل الخزنة “نملك السيولة الكافية من العملة المحلية والعملة الصعبة، ليبيا اصبحت حرة والناس باتوا احرار في التصرف باموالهم”.

وفي موازاة المصرف تنشغل كراسي مقهى صغير بالزبائن الذين يشربون الشاي ويتشاركون الاحاديث بهدوء، فيما يجوب ثوار المكان باسلحتهم وعتادهم العسكري. وقال عز الدين السعدي (45 عاما) وهو مهندس زراعي “هذه اول مرة ازور فيها العاصمة منذ اسابيع”.

واضاف مبتمسا “توقفت عن العمل منذ حوالى شهر لكنني ساعود اليه غدا، نشعر بالحرية، والراحة، والمدينة التي كانت يحاصرها القهر اصبحت محررة”.

وتغطي ابواب المحلات والجدران على الطريق الممتدة من الساحة الى البلدة القديمة شعارات تسخر من القذافي وتمجد الثورة، وبينها “ليبيا اجمل من دون القذافي” و”عادت بلادنا لنا”.

ويجلس اربعة رجال قرب باب متحف السراي الحمراء المقابل للحارات القديمة، فيما يتجمع عدد آخر امام الباب استعدادا لاجتماع يعقد داخل الموقع للتحضير لاعادة فتح الابواب بعد ساعات.

ويقول الحارس ابراهيم محمد صالح الزنتاني (46 عاما) “سنفتح ابوابنا بعد ساعات، اغلقناها قبل ايام وسنعيد فتحها اليوم”.

ويشير الى ان “محاولات جرت لاقتحام المتحف، لكننا تصدينا لها”، مؤكدا وهو يكشف عن مسدس وضعه على خصره ان “شيئا لم يسرق من هذا المتحف بفضل جهودنا وجهود اهالي البلدة القديمة”. ويعمل اشخاص داخل المتحف على تنظيف الارض وازالة بقايا الرصاص والذخائر التي سقطت داخل المبنى.

ويقول الزنتاني وهو اب لستة ابناء مشيرا الى عوائق وضعت امام ابواب المتحف لمنع اقتحامه “الوضع وردي، وجميل، بقينا هنا لحوالى اسبوعين وانجزنا المهمة وهذا ما يفرحنا”.

وفي آخر الشارع الذي يضم المتحف يتوافد الزبائن على محل محمد عبد الله (30 عاما) الذي يبيع القهوة والشاي والمرطبات والاكلات الشعبية البسيطة.

ويقول “هذا اول يوم لي في العمل بعد ان اغلقت محلي لحوالى شهر، واعتقد ان من لم يفتح محله يواجه صعوبات في التنقل والحصول على الوقود وليس اكثر”.

وتابع “خسرت اموالا، واستخدمنا احتياطاتنا من المال، لكن المسالة ليست مسالة عمل بالنسبة لنا، بل مسالة حرية في النقاش والكلام واراحة الناس، ونحن متاكدون من ان الماديات ستاتي في المستقبل”.

ويتدخل زبون ليقول “هناك من قال في تونس لقد هرمنا، ونحن نقول لقد مللنا، واليوم يبدأ الفرج”.


رابط دائم : https://nhar.tv/5q3xJ
إعــــلانات
إعــــلانات