سرية نخلة
هما نخلتان: الشامية واليمانية، والمقصود في هذه الرواية نخلة اليمانية، لأنها على الطريق القديم بين مكة والطائف، وما كانت القوافل تسير بينهما إلا فيها، والنخلتان متجاورتان في المنبع والمصب، فكلاهما تأخذ أعلى مساقط مياهها من السراة الواقعة غرب الطائف، ثم تنحدران شمالا ثم غربا حتى تجتمعان في ملقى كان يسمى “بستان ابن معمر” ثم يكونان وادي مر الظهران. وفي رجب سنة 2 هـ، الموافق لشهر جانفي سنة 624م، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله إلى منطقة نخلة بين مكة والطائف، ليترصد بها عير قريش ونادى هو في الصحابة أنه من أحب الشهادة فلينهض، ومن كره الموت فليرجع، وقال: “أما أنا فأنهض” فنهضوا كلهم.
وكانت عير قريش تحمل زبيبا وأدما وتجارة، وفيها عمرو بن الخضرمي، وعثمان ونوفل ابنا عبد الله بن المغيرة، والحكم ابن كيسان مولى بني المغيرة، وكان ذلك اليوم هو آخر يوم من رجب الشهر الحرام، فتشاوروا حول مسألة القتال، فأجتمعوا على قتالهم ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم معهم، فرمى أحدهم عمرو بن الحضرمي فقتله، وأسروا عثمان والحكم وأفلت نوفل.
وقدم المسلمون بالعير والأسيرين إلى المدينة، وعزلوا من ذلك الخمس فكان أول خمس في الإسلام، وأول قتيل في الإسلام، وأول أسيرين في الإسلام ، فأنكر عليهم النبي فعلتهم وقال : “ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام “، وتوقف عن التصرف في العير والأسيرين، وأما المشركون فاتهموا المسلمين بأنهم أحلوا ما حرم الله وحدثت ضجة كبيرة، حتى نزل الوحي حاسما لهذه الأقاويل فقال تعالى: “يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْل” البقرة217