رايات الكراهية تعود وتشعل فتيل العنف في ملاعبنا
البداية براية الدعارة ثم الحافلة والآن الاستحمام والقردة… إلى أين؟
يبدو أن ظاهرة “التيفو” أو الرايات العملاقة التي عرفت انتشارا واسعا في الملاعب الجزائرية خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت تقيلدا يقوم به أنصار الفرق و“الإلتراس” قبيل انطلاق كل مباريات البطولة الوطنية، أصبحت نقمة على كرة القدم في الملاعب الجزائرية، بعدما كانت مصدرا للاستمتاع والترفيه، حيث باتت هذه الرايات تشجع على العنف وتخلق الحقد بين أنصار الفرق المتنافسة وتغذي الكراهية بين أبناء البلد الواحد وحتى المدينة أو الحي الواحد، وتقضي على مبدأ الروح الرياضية الذي اشتهرت به اللعبة الأكثر شعبية في العالم، حيث عادت ريات الكراهية لتغزو ملاعب الوطن بقوة هذا الأسبوع، وتجلت في مباراة الداربي العاصمي بين فريقي مولودية الجزائر واتحاد الحراش أين رفع بعض ممن يدّعون حب فريقهم رايات عملاقة عليها عبارات مهينة للفريق المنافس كتب فيها “اغتسلوا“، فيما رد أنصار المنافس براية عملاقة أخرى فيها رسوم تظهر أنصار هذا الفريق في هيئة قردة، كما كانت مباراة الداربي أمس مثالا حيا لما يحدث في كل ملاعب الوطن بين كل الفرق من شتائم وإهانات وعنف لفظي أو فعلي أمام انظار مسؤولي الرابطة والرياضة والأمن الذين لم يحركوا ساكنا حتى الآن للقضاء على مثل هذه التصرفات التي تعمق الجراح وتزيد الحقد والكراهية بين الأنصار، في رياضة يفترض أن تجمع القلوب وتزيد من حلاوة المباريات مثلما يحدث في ملاعب أوروبا. هذا ولا يمكن حصر هذه الظاهرة في ملعب محدد فقط بل أصبحت “موضة” في كل ملاعب الوطن، وأعادت إلى الأذهان ما حدث الموسم الماضي بين أنصار فريقين معروفين عندما قام بعض الشباب الطائش برفع لافتات عملاقة لشتم المنافس على مرأى ومسمع الجميع، وقامت بربط أسماء معاقل الأنصار بالدعارة، فيما رد المنافس بعد أسبوع فقط براية يشتمون فيها المنافس وعليها حافلة وشعارات تكرّس الجهوية والتفرقة بين بين أبناء البلد الواحد. كما لا تخلو أية مباراة من القسم الأول المحترف إلى القسم الأدنى من الشتائم والعبارات التي تكرس الكراهية وتزيد العنف في غياب الرادع القانوني من الجهات المسؤولة.
الرابطة “شاهد ماشافش حاجة” والحكام مطالبون بإيقاف المباريات
حاولنا أمس الاتصال برئيس الرابطة الوطنية لكرة القدم محفوظ قرباج من أجل الحديث عن هذه الظاهرة التي تنخر جسد الرياضة في البلاد، غير أنه لم يرد على اتصالاتنا، فيما أكد مصدر مسؤول في كرة القدم الجزائرية لـ“النهار” أن الرابطة لا يمكنها أن تعاقب أي فريق إلا بالعودة إلى تقرير حكم ومراقب اللقاء اللذين يخول لهما القانون إيقاف اللقاء وتوجيه المصالح المختصة لنزع مثل هذه الرايات، وأيضا معاقبة الفرق التي يقوم أنصارها بهذه التصرفات. غير أنه يبدو أن الحكام في الجزائر لا يعيرون القضية أي اهتمام مهما تسببت في إذكاء العنف وتشجيع الكراهية في الملاعب.
رابطات الأنصار: “ندد بمثل هذه التصرفات ونتبرأ ممن ينشر الكراهية بين الأنصار“
على صاعد آخر، أكد رؤساء روابط أنصار الأندية المحترفة على لسان رئيسي لجنتي أنصار اتحاد الحراش وشباب بلوزداد، لخضر آيت قاسي ومحمد بن منصور، بتصرفات “الإلترا” التي تشجع الحقد والكراهية بين الأنصار، وقالا إنهما ينددان بكل ما ينافي الروح الرياضية ويخرج عن الإطار الرياضي من أنصار أي فريق مهما كان انتماؤه، واعتبرا الأمر خطيرا ويجب التصدي له بالتوعية ومساعدة لجان الأنصار على أداء مهامها والحفاظ على الطابع الرياضي للساحرة المستديرة في الجزائر.
“التيفو” في أوروبا للفرجة والإبداع… وفي الجزائر للشتم والإهانة
هذا ويعتبر “التيفو” الذي ظهر لأول مرّة في إيطاليا، لوحة فنية يشكلها أنصار الفريق على المدرجات لحظة دخول اللاعبين إلى الميدان، للتعبير عن حبهم وافتخارهم بفريقهم، حيث أصبح تقليدا يقوم به أنصار أعرق الفرق في أوروبا وأمريكا الجنوبية وحتى آسيا وعديد البلدان الإفريقية، فيما يستعمل في الجزائر لإذكاء نار الفتنة وتغذية العنف بين الأنصار.