حكومة بلخادم تتخلى عن التزاماتها مع منظمة التجارة
توجد الحكومة هذه الأيام في وضع لا تحسد عليه، تشدها التجاذبات الاجتماعية ومخاطر عودة غليان الشارع من جهة، والمقاربات الاقتصادية القائمة على خيار اقتصاد السوق وتحرير أسواق
والتزامتها مع منظمة التجارة الدولية التي تتركز على احترام قوانين اقتصاد السوق. فبينما أبدت قوى الجبهة الاجتماعية ارتياحها للإجراءات الحكومية المتخذة لمواجهة تدني القدرة الشرائية وارتفاع أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع، كحل عاجل قائم على البحبوحة المالية التي تتمتع بها الخزينة العمومية منذ سنوات، لم تتردد أطراف أخرى ونخب مهتمة بمسار الإصلاحات الاقتصادية في إطلاق النار على تدابير الحكومة وطريقة تعاملها مع مؤشرات الوضع الاجتماعي واعتبرتها إجراءات شعبوية ، بعد اعلان الحكومة دعم استيراد البطاطا عن طريق رفع الضريبة عن المستوردين وكذا دعم اسعار غبرة الحليب عن طريق دفع التعويضات الى منتجي الحليب
وصولا الى رفضها ايزيادة في اسعار المياه حسب اخر تصريح لوزير الموارد المائية ثم قرار دعم السميد وتحديد اسعاره ومنع التجار وهو القرار الذي يتعارض مع نمط اقتصاد السوق الذي تنتهجه الجزائر .وهو ما دفع الخبراء الى مطالبة الحكومة بتوجيه هذا الدعم إلى تعزيز القدرة الشرائية بمختلف أوجهها، بما يمكن المواطن من مواكبة ارتفاع الأسعار، أو التركيز على دعم المنتوج في مراحله الأولى ، على مستوى الفلاحين أو المنتجين، بدلا من دعم حلول الاستيراد وتشجيع الأقتصديات الأجنبية بشكل غير مباشر.
ومقابل هذه القناعات، هناك مواقف أخرى تساند تدابير الحكومة، انطلاقا من مسؤوليتها ، حيث يتزامن ارتفاع أسعار المواد الأولية في السوق الدولية مع ارتفاع أسعار البترول، كما أن التركيز على دعم الأجور لا يخدم كل المواطنين، مثلما تهدف إليه عملية دعم الأسعار بشكل مباشر، بالإضافة إلى أن كل الإجراءات الدعم التي اتخذتها الحكومة في مجال البطاطا، الحليب، السميد، أرفقتها المراسيم التنفيذية بأوامر صارمة تطلب الجهات المعنية بسوق هذه المواد اعتماد مخططات وبرامج للإنتاج ، والتوجه نحو التصدير، كما هو الشأن بالنسبة للديوان المهني للحليب ومشتقاته، وذلك تجنبا لاستمرار اللجوء إلى الاقتطاعات الضخمة من الخزينة العمومية في حالة استمرار ارتفاع أسعار المواد الأولية في السوق الدولية.