“حــرب بــاردة” بين الجــزائــر وفـرنســا بسبــب العلبــة الـسـوداء
القانون الدولي يمنح حق فتح العلبة للدولة موقع الحادث، دولة منشأ الطائرة وبلد الشركة صاحبة الرحلة ^ بوتفليقة أرسل غول إلى مالي للإشراف على عملية التحقيق ومنع نقل العلبة السوداء إلى فرنسا ^ وفد أمني جزائري خاص رافق المحققين الماليين في نقل العلبة السوداء إلى باماكو
خلقت العلبة السوداء للطائرة المنكوبة التابعة للخطوط الجوية الجزائرية، أزمة دبلوماسية بين الجزائر وفرنسا إثر محاولة هذه الأخيرة الإستئثار بالعلبة ونقلها إلى باريس للتحقيق في حادث سقوط الطائرة، في وقت تصر الجزائر على اتباع القانون الدولي الخاص في مثل هذه الأمر وأن يكون للدولة صاحبة الطائرة أو صاحبة الرحلة الحق في التحقيق بالتنسيق مع الشركة مصنعة الطائرة والإطلاع على العلبة السوداء، أولا فضلا عن الدولة التي سقطت بها الطائرة. كشف مصدر موثوق لـ«النهار»، أن الـ24 ساعة الماضية، عرفت أزمة دبلوماسية كبيرة بين السلطات الجزائرية والسلطات الفرنسية، حول من سيكون على رأس اللجنة المكلفة بمعاينة العلبة السوداء للطائرة الجزائرية التي سقطت في مالي والتي راح على إثرها أكثر من 100 شخص من بينهم 51 فرنسيا، وآخرون من جنسيات أخرى مختلفة. وأشار المصدر ذاته، أن عشية أول أمس وفي حدود منتصف الليل، أبلغت جهات فرنسية السلطات الجزائرية بأنها ستتكفل بمعاينة العلبة السوداء بعد العثور عليها في مكان وجود الحطام في صحراء مالي، الأمر الذي جعل المسؤول الأول على قطاع النقل، عمار غول، يرفض هذا الإجراء، مذكرا باريس بالقانون الدولي المعمول به في مثل هذه الحالات، والذي ينص على أن العلبة السوداء يعاينها «البلد المصنع للطائرة، وكذا البلد الذي سقطت به الطائرة فضلا عن الدولة صاحبة الرحلة»، الأمر الذي استنكره الإليزيه على أساس أن الطائرة التي سقطت كانت تقل أكثر من 50 راكبا من جنسية فرنسية، ما يمنحهم الأولوية في المشاركة في التحقيق أو أخد العلبة السوداء إلى فرنسا لفتحتها بحجة عدم الاستقرار الأمني في مالي، ما يعد حجة للتخوف من تنقل الخبراء شخصيا إلى مالي لمعاينة العلبة. وأشار ذات المصدر، أن السلطات الجزائرية أبلغت فرنسا بالتزاماتها بالقوانين والأعراف الدولية، التي لم تضع عدد الضحايا أو جنسياتهم في تحديد اللجنة التي لها الحق في التحقيق في حادث سقوط الطائرة، وإنما وضعت ثلاثة معايير أساسية كما سبق التطرق له، ومن هنا لا ينبغي لفرنسا ترأس أو الإستئثار بالعلبة السوداء أو أخذ الأولوية في معاينتها، مضيفة أن لجنة التحقيق ستترأسها مالي بصفتها الدولة التي عايشت الكارثة إلى جانب الجزائر وإسبانيا، وأنه بالنظر إلى وجود جنسيات أخرى داخل الطائرة فسيحق لهم جميعا دون استثناء المشاركة في التحقيق كمساعدين ققط والتي من بينهم فرنسا، موضحا أن هذا الأمر أزعج كثيرا الإليزيه الذي سارع على لسان رئيسه، فرانسوا هولاند، لتقديم معلومات حول العلبة السوداء، وأن باريس هي من ستفتحها في محاولة منه للضغط على السلطات المالية والجزائرية. وأكد ذات المتحدث، أنه وبعد هذه الخرجة أمر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وزير النقل عمار غول، بضرورة التنقل شخصيا على رأس لجنة متكونة من متخصصين وأمنيين وتقنيين إلى مالي، من أجل الوقوف على جميع التحركات الخاصة بالعلبة السوداء، وعدم السماح لفرنسا باتخاد إجراء انفرادي قد يزيد من شدة الأزمة الجزائرية الفرنسية، موضحا أن المسؤولين الجزائريين تلقوا ضمانات رفيعة المستوى من مالي، تتضمن الالتزام بالقوانين في عملية التحقيق وفتح العلبة السوداء، واتباع التدابير والإجراءات التي ينص عليها القانون الدولي في هذا الشأن وذلك مباشرة عقبت الحادثة الأليمة. وكشف ذات المصدر، أن الجزائر كانت قد أرسلت أول أمس مجموعة من المحققين الأمنيين والتقنيين إلى موقع الحادثة، ومرافقة العلبة السوداء من مكان تواجدها وإلى غاية العاصمة المالية، أين يتم حفضها حاليا قبل مباشرة إجراءات التحقيق التي تنطلق من معاينة العلبة السوداء.