“حراﭬة” عين تموشنت بين الانتحار بالبوطي والتشرد بالضفة الأخرى
لا تزال الحرقة هاجس الشباب الأكبر، خاصة مع اقتراب فصل الصيف، حيث يعكف العديد من شباب ولاية عين تيموشنت التحضير للهروب من المعاناة التي يعيشونها،
والمغامرة في أعماق البحار “لعل الحيتان ترحمنا” على حد تعبير أحد هؤلاء الذين التقيناهم، والذين يرددون “ياكلنا الحوت وما يكلناش الدود”. نظرا لامتداد الساحل التموشنتي على مسافة 80 كلم، يشهد حشودا كبيرة من الحراﭬة من مختلف الأعمار والأجناس للمغامرة، في وقت تضاءلت فيه فرص العمل والعيش الكريم لتأمين المستقبل مع الارتفاع الفاحش في مختلف أسعار المواد الاستهلاكية الضرورية مع تدني القدرة الشرائية، ومع انتشار القنوات الفضائية، ورغبة الشباب في تأمين مستقبلهم مع انسداد أبواب الحصول على تأشيرة للوصول إلى الجنة المزعومة، تجد هؤلاء الشباب يجتهد
ويكدّ لجمع الأموال لشراء كل المعدات واللوازم، مع استغلال بعض الانتهازيين لهذا الوضع من أجل الكسب على حساب حياة هؤلاء.
يدفعهم اليأس لركوب قوارب الموت، فمنهم من يتعرض للاحتيال خاصة وأنهم لا يعرفون جديّة الوسائل التي يستعملونها، ومنهم من سلب منه المال قبل أن يضع أقدامه في “البوطي”، ومنهم من اقتنوا معدات قديمة لا تصلح لمثل هذا التنقل الصعب، فوجدوا أنفسهم يصارعون الأمواج المتلاطمة، وخير دليل على ذلك الجثث المنتشلة هنا وهناك، والرسالة التي وجدت في قارورة زجاج العام الماضي من طرف حرس الشواطئ ببني صاف، والتي وجه فيها أحد الحراﭭة رسالة وداع وسلام لأبويه، ولما عاناه في عرض البحر، أراد الله إيصالها إلى أكبر منطقة متضررة من الحرﭱة بولاية عين تموشنت.
ومنهم من وطئت قدماه الجنة المزعومة، فوجدها محفوفة بالأشواك، ووجد نفسه تحت المطاردة لانعدام الوثائق والمبيت في “الكارتون” أو مرمي في السجون ومنهم من اختار العودة بأمل اللارجعة، لكن كل هذه المعاناة وهذه الظاهرة أدارت لها السلطات ظهرها واكتفت بالوعود حيث تقدم لهؤلاء الشباب مناصب شغل في الشبكة الاجتماعية بـ 3000 دج مقابل أشغال شاقة، فقد قامت مديرية النشاط الاجتماعي بخطوة اعتبرها البعض استهزاء، ففي هذا السياق أحصت ذات المصالح 98 شابا طردوا من الأراضي الإسبانية، يوجد منهم 03 فتيات خصص لهم مكتب خاص على مستوى مديرية النشاط الاجتماعي للسماع لانشغالاتهم، وإيجاد حلول لهم وقد تكفلت بـ 55 شابا بإدماج 25 منهم في الشبكة الاجتماعية و11 آخرين قررت الوكالة الوطنية لدعم استثمار الشباب التكفل بهم، و09 منهم على عاتق الوكالة الوطنية للتأمين عن البطالة، في حين بقي 12 بدون أي شيء، على أن يتم التكفل بهم لاحقا، لكن رغم أن هذه المبادرة لقيت صدى وترحيبا في وسط جموع الحراﭭة في الوهلة الأولى، إلا أنه مع مرور الزمن وطول الانتظار تبين أنها مجرد أحلام عابرة ووعود زائفة، رغم تنامي الظاهرة واستفحال الرغبة في “الهدة” عند الغالبية من شباب ولاية عين تموشنت ووسط كل هذا ظهر ميلاد “جمعية للحراﭭة” للتكفل بنقل انشغالاتهم للمسئولين، كما يفضل آخرون الاحتجاج عند مقرات وكالات دعم تشغيل الشباب ولازال الشباب ناقم عن السلطات نظرا للأوضاع المزرية التي يعيشونها.