إعــــلانات

جزائري يكشف قصة محاولة تجنيده ضمن صفوف المخابرات المغربية

بقلم النهار
جزائري يكشف قصة محاولة تجنيده ضمن صفوف المخابرات المغربية

مليون دولا ر لكل قيادي البوليزاريو ولغز السفارة الإسرائيلية بباريس

من المفارقات الغربية والعجيبة أن تدعو الأحزاب المغربية إلى المكاشفة الصريحة مع الأحزاب السياسية الجزائرية حول قضية الصحراء الغربية بإيعاز من الملك محمد السادس المهوس بـ ”كذبة” استكمال وحدته الترابية المزعومة وبـ ”أخطار” توسيع نفوذ الجزائر. و من المهاترات أن تنجر بعض الأطراف خلف هذه ”المكاشفة” المسمومة والمشبوهة وظهورها للعلن، ومن المضحكات أنتنعت دوائر القرار المغربية وزير داخليتها  الأسبق، إدريس البصري، بعميل المخابرات الجزائرية. وعندما يتحسسنا النذر بالشؤم وينفذ صبرنا الذي حافظنا على رباطة جأشه منذ سنوات حتى لا نزيدعلاقتنا فتنة من منطلق مبادئنا الثابتة الرامية إلى  حسن الجوار فإنه آن الأوان أن نلبي رغبة الأحزاب المغربية بالمكاشفة الصريحة  ونسقط عامل التحفظ من أوراق متناثرة اعتبرناها نزوات عابرة لمتؤت ثمارها أمام إصرارنا على رفض ممارسة فنون العمالة والخيانة..حتى تكمم الأفواه المسعورة عن التشدق  وإقناعنا بشروق الشمس من الغرب، وليتعرى واقع السلطة المالكة أمام الشعب المغربيالشقيق الذي يدفع ثمن فضائح القصر وخدامه.

المعارضة الجزائرية  في مفهوم الأحزاب المغربية

لا شك أن الانفتاح السياسي في الجزائر الذي أفرزته أحداث الخامس أكتوبر 1988 قد أثر بشكل مباشر في حسابات المغاربة وأزعج استقرار القصر الملكي، وحرك مشاعر الملايين من الفقراءوالمقبوعين من المغاربة المحاصرين، مندهشين كيف هبت رياح التغيير الديمقراطي على شرقنا،إستوجب على إخواننا إعادة النظر في إستراتيجيتهم نحو الجزائر التي شكلت هاجسهم اليومي وقضتمضاجعهم، وهم يشاهدون شخصا عبر التلفزيون لم يتجاوز من العمر الخامسة والعشرين يرأس حزبا سياسيا، ويعلن التحدي أمام الملأ لرئيس الجمهورية آنذاك الشاذلي بن جديد في صائفة 1992 فيلقاء الحكومة والأحزاب ويندد بالنظام القائم، ويعلن  استياءه إلى وزير حقوق الإنسان، علي هارون، ويجادل رئيس الحكومة سيد أحمد غزالي. ومن المؤكد ألا تمر هذه الصورة من المشهد السياسيالجزائري عن منظار جيراننا من أحزاب العرش التي لم يتجرأ أحد منها على مخاطبة جلالة الملك في طرح المسألة الصحراوية إلى يومنا هذا.

البداية.. بغداد عام 1992

لقد تزامن تأسيس الحزب الجزائري للعدالة والتقدم، الذي أنشأته وترأسته عام ,1991  مع حرب الخليج الثانية، وكنا ككل الجزائريين نساند دون قيد ولا شرط أشقاءنا العراقيين في محنتهم أمام العدوانالثلاثيني، وما تلاه من فرض حصار جائر نتجت عنه  كارثة إنسانية أودت بحياة الآلاف، سيما الأطفال منهم، ونتيجة  لنشاطنا العلني تلقينا دعوة  شخصية في شهر جويلية 1992 من القيادة العراقيةلزيارة العراق والاطلاع الميداني على الواقع المتردي، وكانت لنا فرصة لقاء القادة العراقيين، وعلى رأسهم الرئيس الراحل صدام حسين، لنتلقى دعوة ثانية لحضور فعاليات مؤتمر القوى الشعبية المنعقدببغداد في سبتمبر ,1992 والذي جمع أغلبية الأحزاب العربية .

أثناء الأشغال، وعلى غرار بعض الأخوة العرب،  اتصل بي المغاربة الذين حضرت أغلب أحزابهم، يتقدمهم حزب الاستقلال، عارضين علي التنسيق. وكنت صريحا معهم وأكدت أن برنامج حزبنا فيجانبه الخارجي يساند القضية الصحراوية، ومن أشد دعاة حق تقرير مصير الشعب الصحراوي انطلاقا من ثوابت السياسة الخارجية للجزائر المستمدة من روح بيان أول نوفمبر، لكني لم أمانع في فتحعلاقات الحوار والتعاون بما يخدم مصالح بلدينا وشعبينا،  ليفاجئني أحد مسؤولي حزب الاستقلال بفندق الرشيد ببغداد بتساؤل عن سر انبعاثنا وإن كنا من صنع السلطة الجزائرية، اعتبرته استفزازيا،  فقلت له بصراحة، ربما انتم من صنع أمير المؤمنين،حفظه الله لشعبه العزيز، ومخابراته،  أما نحن فلم نكن سوى شبابا من خريجي المدرسة البومدينية الثورية، تعلمنا  كيف نرفع رؤوسنا لا أننطأطئها ونقبل الأيدي، وتعلمنا كيف نقول كلمتنا حتى ولو قطعت رؤوسنا. وأن حكاية السلطة ما هي إلا أوهام ناجمة عن قراءاتكم الخاطئة لحقيقة الجزائريين وهواجس ووساوس سكنتكم من أفلامالجوسسة الأمريكية والمصرية. وعندما تحتفلون بعيد استقلالكم،,1956  ستجيدون حديثا عن ديمقراطية الجزائريين التي جاءت بالدم والدموع وليس بالبرانيس والجلابيب وبخور القصور وعطورها..

بين السفارة الصحراوية.. و السفارة المغربية !!

من الطبيعي أن تكون لدينا كحزب في تلك الفترة علاقات سياسية مع الإخوة الصحراويين التي توطدت باستمرار،  ومن المعروف أن السفارة الصحراوية تواجه على المباشر من حيث موقعها مقرالسفارة المغربية لأتفاجأ بمكالمة هاتفية من القائم بأعمال السفارة المغربية بدعوتي لحضور لقاء هام، وقد أبديت موافقتي لتلبية الدعوة  إملاء لتكتيك دبلوماسي، وفعلا زرت في الموعد القائم بالأعمالالذي كان في انتظاري، وأدركت من خلال حديثه أنه يتوفر على كافة المعلومات عن شخصي وعن الحزب، وحتى زياراتي المتكررة للسفارة الصحراوية، الأمر الذي زاد من حيرتي ولم أتساءل، حتىاستسمحته في توضيح الرؤية بأننا حزب يناصر القضية الصحراوية ويعترف ككل الجزائريين بحق تقرير مصير الشعب الصحراوي، وأن المغاربة أشقاء ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا. وأن هذا الموقف لايخص السلطات الجزائرية الرسمية فحسب، بل كل الجزائريين الذين احتضنوا حركات التحرر في العالم ويعرفون أكثر من غيرهم طعم الحرية وثقل الثورة وثمن الاستقلال، ولن يحيدوا عن خطهمالثابت في مناصرة الحق، ومعاداة أعداء الحق حتى ولو كانوا إخوة. وأقنعته بأننا على استعداد للعمل سويا من أجل خدمة مصالح بلدينا أولا، والإسهام الجاد في بناء صرح المغرب العربي الكبير دونأن أخفي عليه رغبتنا في عودة المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليزاريو الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي.

في الحقيقة بدا لي أن القائم بالأعمال  تظاهر لي في لباقة بمساندتي الرأي، لكنه يخفى أسرارا  لم أكن أعلمها حين دعاني لزيارة المغرب والاتصال بالأحزاب المغربية، وذكر لي حزب الاستقلال الذيالتقيت مسؤوله بالعراق، ومن البديهي أن أتساءل عن علاقة السفارة المغربية بلقاء تم في العراق مع حزب يفترض أنه معارض، لكني أجلت ذلك، وفي نفس الوقت طرحت سؤالا مهما في اعتقادي،هل سأكون ضيفا على الأحزاب في المغرب، وفي هذه الحالة أتحمل مسؤولية تكاليف الزيارة، أم ضيفا على العرش الملكي، وهنا  تتكفل السفارة بذلك، ثم تساءلت ثانية هل أنني المدعو الوحيد الذييحظى بالزيارة أم هناك أحزاب جزائرية أخرى، لكن مضيفي قطع تساؤلاتي تلقائيا وبطريقة أكثر غموضا وتشابكا، حيث أوضح لي أنني حر في الزيارة، وهذا في الحقيقة لا يحتاج إلى كل هذهالبروتوكولات، لأن الحدود بين بلدينا مفتوحة وبدون تأشيرة، ثم أنه طلب مني التوجه إلى مدينة الدار البيضاء، والمفروض التوجه إلى الرباط العاصمة حيث المقرات الرسمية للأحزاب المغربية، ثماستقبالي من طرف شخص لم يذكر اسمه بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء، وأخيرا ضرورة إعلامهم بموعد الرحلة..

و قطعت سلسلة تساؤلاتي مباشرة بقبول الدعوة على أن تكون العملية في طابعها العلني لا السري. وأن تصب في إطارها الصحيح الرامي إلى تبادل الأفكار وتوأمة الأحزاب السياسية المغاربية ودعمعلاقات الصداقة والتعاون،  باعتبارنا حزبا تحكمه ضوابط قانونية، سيما ما تعلق بإقامة علاقات مع دول أو جهات أجنبية، فقد زرنا سوريا ولبنان وتونس والأردن والعراق، فلماذا  لا نزور المغربالشقيق والجار الدائم..

 لالا رشيدة.. ومليون دولار لكل قيادي في البوليزاريو..

فعلا، حدث ما اتفقنا عليه، وتحملت جميع مصاريف الرحلة وعلى متن الخطوط الجوية الجزائرية، وفور وصولي مطار محمد الخامس بالدار البيضاء توقعت استقبالي من وفد حزبي أو على  الأقلبروتوكول رسمي من وزارة الخارجية المغربية، كوننا مؤسسة رسمية دستورية معتمدة، لكن الذي حدث أن امرأة تبدو في الأربعين من العمر تقدم نفسها كمشرفة على استقبالي، اسمها  لالا رشيدةالبيضاوي، ترتدي لباسا مكشوفا بكامل أناقتها ورشاقتها، حديثها بلهجة مغربية تتخللها كلمات فرنسية، تتميز بالنشاط والديناميكية على شاكلة مضيفات السياحة، سألتها مباشرة عن هوية تمثيلها، أجابتنيسيدي الرئيس..راك شاب مزيان..رايح تعرف كل شيء.. مرحبا بك سيدي في بلادك ديال المغرب”. ”

و اتجهنا  في سيارة يقودها  شاب نحو الفندق ” حياة ريجنسي ”الكائن بوسط الدار البيضاء، وهو أرقى فنادق المدينة، تناولنا الشاي المغربي التقليدي، وبعد دردشة عن الأوضاع في الجزائر، أدركتأن هذه المرأة مثقفة سياسيا وعلى إطلاع مفصل بالأحداث الوطنية، وأثرت إليها بلطف عن بداية لقائي بالمسؤولين السياسيين للأحزاب المغربية لأني مرتبط بزمن وانشغالات،  فطلبت مني التريث حتىمجيء المكلف بهذه المهمة، وأخرجت مبلغ ماليا بالدرهم المغربي قدره عشرون ألف درهما كما  نطقت بها، سلمته لي بحجة مصاريف الزيارة، وهو ما زاد من استيائي، ورفضت رفضا  قاطعا  مثل هذه السلوكات وأكدت لها أنني رئيس حزب ولست تاجر مخدرات.

 وبدون أن أسأل عن سر هذا المبلغ، تحسست كمينا يحاك ضدي بطرق بوليسية على طريقة أفلام الأكشن، ووضحت لها  أن أخلاقي لا تسمح لي باستلام هبات مشبوهة وبهذا الحجم، وثانيا أني مضطرللتبليغ عن أحداث الزيارة للسلطات الجزائرية بدءا من قنصليتنا بالدار البيضاء، لكنها أقنعتني بأن كرم الضيافة يتطلب إراحة الضيف لتكون إقامته مريحة، ثم وجهت إلي سؤالا غريبا واستفزازيا.. ”أنكمحزب سياسي معارض..من المفروض أنكم ضد السلطة، ولستم فرعا لها ” .. أجبتها للتو، ”إننا حزب تحكمه قوانين الدولة وأسسناه بطريقة شرعية وفق تعهدات دستورية ولسنا جماعة إرهابيةمتمردة أو تنظيم مسلح..و إننا حزب يعارض برامج حكومية لا تتماشى مع توجهاتنا الشعبية ولسنا تنظيما انفصاليا  خارجا عن القانون”.. وبعد ساعة من الزمن تقدم إلى طاولتنا شخص قوي البنية فيالثلاثينات، يبدو في هيئته أنه عسكري، صافحني وقبلني ورحب بي كأنه يعرفني من زمان. وفعلا تأكدت أنه على  دراية بالموضوع، قدم لي نفسه على أنه ضابط في المخابرات المغربية، في الحقيقةلم أمتعض ولم أبد أية حركة  انفعال  أو رفض واحتجاج، رغم ما في الأمر من ريبة عن طبيعة هذه الجلسة، فمن لقاء مع الأحزاب السياسية إلى لقاء مع المخابرات المغربية، وتيقنت تماما أن شيئاما يحاك، وشعرت أنني في حالة حجز واستنطاق بعيدا عن كل  مظاهر الضيافة الدبلوماسية، وإليكم ما دار بيننننننا باختصار..

؟ أهلا بك أستاذ بن كموخ، في بلدك الثاني المغرب.

؟ شكرا..بودي أن أعرف سر هذا اللقاء دون مقدمات..أنا رئيس حزب سياسي معتمد في الجزائر وعلاقاتنا الخارجية مكشوفة ومعلنة.

؟ نعم..هذا صحيح، لكني أحدثك بصفتك عنصرا مهما في المخابرات الجزائرية..

؟(ضحكات)..يبدو أنك مخطئ تماما يا حضرة الضابط إذا كنت ضابطا فعلا كما تقول، أنا رئيس حزب مدني  مهنتي أستاذا في التعليم ولا أعرف شخصا واحدا من المخابرات الجزائرية، وحتى إنكنت أعرف فأنا جزائري، ومن حقي التعامل مع كل الجزائريين من المواطن البسيط إلى الجنرال إلى رئيس الجمهورية، هذا ليس مشكلا مطروحا، ثم من أين لك بهذه المعلومات الخطيرة ؟.

؟ نحن نعرف كل شيء، ومعلوماتنا مؤكدة..

؟ قد يكون هذا  صحيحا في تخيلاتكم،لقد قالها لي مسؤول حزب الاستقلال في العراق..و أجبته آنذاك، وأنا ضيف سياسي عندكم بإذن من سفارتكم بالجزائر ونحن لا نطلب تراخيص من جهاتنا الأمنيةفي الجزائر للسفر أو النشاط خارج الجزائر، نحن نعيش الديمقراطية المفرطة التي تفوق الديمقراطية المثالية في أمريكا..ما رأيك ؟ ثم باختصار شديد ماذا تريدون مني ؟.

؟ التعاون معنا.

؟ اعتقد أن هذا  مستحيل مهما  كانت أشكال التعاون، فلا علاقة لنا كسياسيين بالجهات العسكرية، وأن تعاونكم مع جهات رسمية في الدولة الجزائرية وفق الأطر الدبلوماسية المعهودة والقنواتالدستورية ونحن حزب نضال يحمل برنامج عمل وينشط وفق ضوابط قانونية وداخل التراب الوطني، وأن الجزائر والمغرب بلدان شقيقان متجاوران، وتعاوننا  معكم كبلد شقيق لا يخرج عن نطاقالتنسيق مع أحزابكم السياسية لإرساء دعائم بناء المغرب الكبير ومواجهة تحديات التحول العالمي السريع..

؟ ما تقوله صحيح، لكن أنا أعني التعاون في إطار قضية الصحراء المغربية.

؟ تقصد الصحراء الغربية !                                        

؟ لا.. المغربية.

؟ يا سيدي الكريم..الصحراء الغربية دولة قائمة  بمؤسساتها الشرعي، معترف بها عالميا وأمميا، تمثلها  البوليزاريو وقد تفاوضتم معها على مستوى رسمي وعلني سابقا، أما نحن في الجزائر نناصرالقضية ليس من باب العداء مع المغرب بل مرجعيتنا التاريخية تدعونا لدعم حركات التحرر في العالم غربا أو شرقا، مسلمين كانوا أم عجما، فلماذا تحملوننا تهما نحن أبرياء منها، ومع هذا  فأنا علىاستعداد للتعاون معكم في هذا  الإطار..

؟ ماذا تقترح نريد تصوراتك ؟.

؟ أقترح التوسط لدى جبهة البوليزاريو لأجل فتح صفحة جديدة  من المفاوضات حتى ولو بطريقة سرية إذا رغب الطرف المغربي بقبول مبدأ التفاوض..تهمنا كثيرا تصفية منطقتنا من بؤر النزاعوالعودة  إلى الاستقرار.

؟ نحن لدينا  بديل لاقتراحك وهو أكثر تفعيلا وعملا..

؟ طيب أنا استمع إليك.

؟ باعتبارك مقربا من الصحراويين في بلدكم، فنحن نضع أمامك صفقة مربحة وفرصة العمر، إذا استطعت أن تقنع بطريقتك الخاصة عضوا من قيادة البوليزاريو أو حتى على مستوى السلك الدبلوماسيالموجود بسفارتهم بالجزائر عارضا عليه مبلغ مليون دولار.. مقابل السفر والإقامة بالمغرب،  وإعلان التخلي عن البوليزاريو،  والتصريح بكل ما لديه من معلومات تفيد المغرب.

؟ (مازحا) وأنا ماذا أستفيد ؟.

؟ سننفذ لك كل ما تطلب.

؟ أنا أسمع عن تهريب الأسلحة، تهريب الأموال، تهريب المخدرات، لكني لأول مرة أسمع عن تهريب البشر، وبهذا المبلغ المغري، معنى هذا أن جبهة البوليزاريو تساوي عندكم ملايين الدولارات، وأنتمتؤمنون بشرعية ترابكم وسيادتكم على الصحراء.. كيف تعملون على شراء الذمم إذا  كانت مطالبكم عن قناعة.

؟ نحن نعمل المستحيل من أجل نصرة قضيتنا التي نراها عادلة وحقنا الشرعي.

؟حقكم الشرعي من شرعية منظمة الأمم المتحدة، والاستفتاء سينصركم إذا كنتم مقتنعين بأحقيتكم على الأرض والشعب.

؟ لا نناقش هذه المسألة  الآن.. المهم ما رأيك في اقتراحنا ؟.

في الحقيقة لم أناقش طويلا، وأحسست برغبة ملحة وضرورة قبول الفكرة على أساس رغبتي في اكتشاف المزيد من المعلومات حول هذا السيناريو الغريب، وخطر ببالي إمكانية الحصول على وثائقأو معلومات قد تمس بأمن الجزائر وتضر بمصالحها الإستراتيجية، وربما اكتشاف شبكة  من عناصر عملية قد تتجاوز محيط الصحراء الغربية، لذا وافقت على  فكرة الضابط، خصوصا  وأنه سبق ليأن طلبت مني القيادة العراقية التدخل  لدى سلطات بعض البلدان العربية من أجل استرجاع الأرصدة المالية العراقية المجمدة في البنوك وكذا الطائرات المحجوزة بالمطارات منذ حرب الخليج الثانية،  لكنني كنت في قرارة  نفسي أرفض رفضا قاطعا المساومة بهذه الأساليب الخبيثة وسلوكات المافيا، واتفقنا على اللقاء ثانية في اليوم الموالي وبنفس المكان، وقمت بعدها بصرف بضعة الفرنكاتالفرنسية التي بحوزتي إلى دراهم مغربية لأجل احتياجاتي الخاصة، وتظاهرت أمام الشخصيين بامتلاكي التكاليف الكافية رافضا أي مبلغ يسلم لي..و تبادر إلى ذهني لقطات مخابراتية كما شاهدتها فيالأفلام لاحتياطات أمنية تصوير النقود أو تصوير مشهد الجلسة..       

السفارة الإسرائيلية  بباريس.. لغز المستشار السياسي كيمهي

في اليوم الموالي، وفي نفس الموعد والمكان التقيت الشخص الذي قدم نفسه ضابطا في غياب المرأة  المرافقة، للحديث عن خطة الاتفاق، وكم كانت دهشتي كبيرة  لما تم تداول أن جهة الاستقبال هيالسفارة الإسرائيلية بباريس، ألم يكن من المفروض السفارة المغربية بباريس ؟ وما علاقة إخواننا المغاربة بالإسرائيليين، لكن إصراري على معرفة المزيد عن السيسبانس يدفعني إلى مواصلة العملية إلىالآخر،  لكني شعرت بنوع من الخطر على الأقل، خصوصا وأن بلدي يعاني من أزمة  سياسية وأمنية متصاعدة، وكان من الأخلاقيات الدبلوماسية التمسك بحسن الجوار واحترام مشاعر الجزائريينوتجنب استغلال الظروف الاستثنائية.

 وقد حدث فعلا بعد عودتي إلى الجزائر أن تم الاتصال بي هاتفيا  من السفارة الإسرائيلية حيث تحدثت إلي امرأة بالفرنسية يبدو أنها مغربية الأصل حولت المكالمة  إلى شخص قدم لي نفسه كمستشارالشؤون السياسية بسفارة إسرائيل بباريس يدعى” كيمهي” يتحدث العربية الفصحى بطلاقة، وقد تأكدت فعلا بأنني مع السفارة الإسرائيلية عندما بث هاتف الانتظار أغاني عبرية، وانتظرت أن يحدثنيعن القضية الصحراوية بحسب معلوماتي المتوقعة، إلا أن المعني راح يسألني عن تواجد الحزب الذي يعرف اسمه في البرلمان أم لا.. وعن إمكانية طرح مسألة بعث علاقات دبلوماسية مع الجزائر،فأجبته بأن لا علاقات بين الجزائر وإسرائيل، وأن الأمر ليس من صلاحياتي بل من صلاحيات المؤسسات الدستورية القائمة، وأن رئاسة الجمهورية هي الطرف الوحيد الذي يدرس ويقرر إقامة العلاقاتالخارجية، وأن مناقشة هذه القضية يعد تجاوزا غير قانوني لحزب معتمد، وإذا طرح مثل هذا  النقاش على الساحة  الوطنية فإنه يحق لنا عندها إبداء موقفنا، إلا أن المستشار الإسرائيلي يشير لي ماإذا  كان جهاز هاتفي مراقب من السلطات الأمنية الجزائرية، أجبته نحن في الجزائر لا نعتمد أساليب التصنت فليس لدينا ما  نخفيه، ونحن نتمتع بالحرية السياسية الكاملة ويمكنني أن أصرح إعلاميا عنمحتوى المكالمة  دون أن يسألني أحد..لأننا لسنا بخونة ولا جواسيس ولا عملاء، ونرفض أن نكون  كذلك، ثم أننا نحن الجزائريون نحمل شعارا معهودا مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، وعلى استعدادتام للتعامل مع إسرائيل كدولة وفق مبادئ السياسة الخارجية إذا تم إعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة، إلا أن المستشار راح يعرض علي فكرة زيارة إسرائيل، وأنهم يرغبون في إقامة علاقاتدبلوماسية مع الجزائر على غرار مصر والأردن والمغرب، والحقيقة أعترف أن فضولي في مواصلة معرفة حقيقة محور الرباط - باريس  دفعني إلى القبول المبدئي بزيارة إسرائيل بشرط أن أقدمطلبا رسميا إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية، كما قيل لي، على  أن أبلغ سرا الجهات الجزائرية الخاصة ذلك، لكن شرط السفارة باللقاء الشخصي بباريس، رغم تسهيلات الحصول على التأشيرة،  جعلني أتراجع لوضع حد لمغامرة أجهل تداعياتها، وما يترتب عنها من قراءات، وبدأت أتحجج بعامل الزمن والارتباطات، وأذكر أن الحديث خلا تماما  من موضوع الصحراء الغربية وحتى المغرب،ويبقى السؤال مطروحا.

مخيمات اللاجئين واللقاء مع الرئيس الصحراوي

بمناسبة الذكرى العشرين لثورة الساقية الحمراء ووادي الذهب، تلقيت دعوة كغيري من التشكيلات السياسية  الجزائرية لزيارة مخيمات اللاجئين الصحراويين والمشاركة  في الاحتفالات،  وأثناء أداءالتحيات البروتوكولية المعروفة أخطرت الرئيس سرا بخطة المخابرات المغربية في تهريب الصحراويين، وأذكر بالمناسبة أنني بحت بهذا السر سابقا إلى السفير الصحراوي والمسؤول  المكلف بالشؤونالسياسية.

كما كانت لنا  فرصة الحديث إلى الأسرى المغاربة الذين حررتهم جبهة البوليزاريو من الأسر، إلا أنهم رفضوا قطعا العودة  إلى المغرب، لأن عودتهم باختصار شديد الانتحار الإرادي، وكيف دفعواقهرا إلى مغامرة قاتلة لا يدركون معناها، وأشادوا بحسن معاملة الصحراويين، وبقدر معاناة الشعب الصحراوي، فإنك تلمس قوة  صبرهم وتماسكهم وإرادتهم في انتزاع الحق، واستعدادهم الكامل  للمفاوضات مع المغرب والجنوح إلى السلم والالتزام بقرارات مجلس الأمن ومخطط المنظمة  الأممية الخاص بتنظيم الاستفتاء أو العودة  من جديد إلى  حمل السلاح، وهو خيار يبقى الحل الأخير أمامإصرار المغرب على التلاعب بمصير الشعب الصحراوي والسطو على أراضيه وخيراته، وأن الصحراويين شعبا وجبهة، ليسوا للبيع ولو بملايير الدولارات

الوفاة المفاجئة للقائم بأعمال السفارة المغربية..يبقى سرا

في الوقت الذي كان من يدعي تمثيله للمخابرات المغربية ينتظر نتائج عملية التهريب والردة في جبهة  البوليزاريو، وفي الوقت الذي كان الإسرائيليون ينتظرون لقائي بباريس، أصدرت بيانا عن الحزبالجزائري للعدالة والتقدم (المنحل حاليا) ونشرته الصحف الوطنية، يدعو السلطة  الجزائرية إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب الذي أصبح خطرا استراتيجيا على الجزائر، وهو ما شعر بهالإخوة المغاربة بأن خطتهم فشلت في تجنيد شاب جزائري ينطبق عليه قول  الرئيس بوتفليقة ”ارفع راسك يا أبا” وأن الجزائري لا يباع ولا يشترى ولا يقبل الأيادي ولا يركع إلا لله سبحانه وتعالى،وأنه لا  يقايض بمبادئه، وتم إبلاغي بأن القائم بأعمال السفارة المغربية بالجزائر قد توفي بعد عودته إلى المغرب، وأذكر أن آخر  لقاء جمعني به كان بمقر السفارة الإيرانية ليلة السابع والعشرين منرمضان، والذي أثار آنذاك زوبعة  إعلامية استهدفت السيد عبد العزيز بلخادم، وزير الدولة، الممثل الشخص لرئيس الجمهورية، عندما كان وزيرا للخارجية،  كان ممثلا عن حزب جبهة التحريرالوطني، وقد نشرنا  توضيحا  ساعتها دفاعا عن بلخادم في الصحافة الوطنية باعتباري كنت آخر من يغادر مقر إقامة  السفير الإيراني، وبقي السؤال معلقا عن مصير القائم بالأعمال المغربي، الذي كانبصحة  ممتازة ليموت بأسباب صحية.

العزو المغولي وكيل التهم للجزائر

اقدم الملك الراحل الحسن الثاني على خوض المسيرة الخضراء في غزو ”مغولي ” على أراضي الصحراء المعترف بها دوليا، ومن الأسبان أنفسهم، ويحاول  اليوم خليفته محمد السادس إلصاق التهمبالجزائر والاعتداء عليها بمختلف الأساليب في محاولة لإشغال الرأي العام الدولي عن قرارات الأمم المتحدة ضاربا عرض الحائط حق الصحراويين في الحرية والاستقلال، ليصل الأمر إلى حد إعلانالتعبئة ضد الجزائر، ونحن لا نجد بديلا عن رسائل  الرئيس بوتفليقة  الموجهة إلى منظمة  الأمم المتحدة، ففيها القول  الفصل، وأن تحريض البلاط الملكي لأحزابه الشكلية والمخابراتية لجر الأحزابالجزائرية إلى مستنقع الأكاذيب والافتراءات وزرع البلبلة والانشقاق، يعتبر تدخلا سافرا في شؤوننا  الداخلية لا يجب السكوت عنه.

وأذكر في الختام أن كل ما صرحت به هو جزء من ملف تم تقديمه بطلبي إلى المخابرات الجزائرية،مصلحة الاستعلامات بوزارة الدفاع الوطني، قبل أشهر من حل الحزب الجزائري للعدالة والتقدمصائفة  ,1998  لرفع أي التباس، معتبرا  هذه الخطوة  واجبا وطنيا بعد ثماني سنوات من النضال السياسي دفعت فيه ثمنا لا يقدر على حساب حياتي وأولادي وعائلتي..

 لكن تبقى الجزائر فوق كل اعتبار لأنني قلتها في قصة نشرتها سابقا لا تقل للوطن أف.

الأستاذ: محمد بن كموخ

الرئيس السابق للحزب الجزائري للعدالة والتقدم

رابط دائم : https://nhar.tv/ijAZm