بين زوجي وأهلي.. نفذ صبري وتاهت أحلامي
السلام عليكم سيدتي، قراء الموقع الكرام لكم مني كل التحية والاحترام، سأبدأ انشغالي بطرح سؤال لطالما شغل بالي: هل للمرأة ذنب أن تحب زوجها؟ وأن تضحي لأجل الحفاظ على شمل عائلتها؟.
أكيد سيرد الجميع بـ”لا”، والمؤكد أنهم سيقولون أنه واجب عليها بل تلك هي رسالتها بعد الزواج شرعا وقانونا. وبالرغم من أن ديننا الحنيف يوصي برد الإحسان بالإحسان إلا أن طيبتي قوبلت بالجحود والنكران..
أجل سيدتي، تزوجت وأنا صبية لا أفقه من أمور الحياة الكثير، بعد أن تقدم لي ابن عمي وأنا في الـ18 من عمري. كنت وقتها أعيش فرحة البكالوريا وأستعد لتحقيق أحلامي وطموحي الجامعية.
لكن الفرحة لم يُكتب لها أن تعيش معي كثيرا، وأحلامي تم قطفنها حتى قبل أن على يد ما يسمى بالعادات والتقاليد.
فرضخت لرغبة أهلي ولم أدافع عن طموحي لأنني كنت متأكدة أنني عبثا سأفعل، فالعائلتان متفقتان، والعريس جاهز.
زواجي كان تقليديا بحت، لم أعرف ما معنى فترة الخطوبة -حمدا لله أنها كانت قصيرة- ولم أعرف ما معني أن يغازل الرجل زوجته المسقبلية.
تقبلت الأمر اعتقادا مني أن الحب والألفة والمودة لا محال سيعرفون طريقهم إلى قلبي مع الأيام. تقبلت وسرت في طريق اختاروها لي وفكرت أنني سألقى الجزاء الحسن من زوجي لكن آمالي ذهب في مهب الريح.
فكرت أن المسألة تحتاج إلى وقت ربما، وأن الأيام ستفعل مفعولها السحري وزوجي الجافي سيحن قلبه. لكن الأمور بقيت على حالها، رزقني الله بابني الأول وهنا عمّت فرحة كبيرة في العائلة.
ويومها فقط رأيت ابتسامة زوجي، فقلت أن الفرج قد جاء واستبشرت بالمولود خيرا. لكن سرعان ما أفل بريق عيناه وعاد إلى عادته وتربع على عرشه جبروته من جديد.
يأمر بهذا ويتحكم في كل شيء، بعدها بدأت أطالب بقليل من حقوقي، فاتهمني بالتمرد، وصار يهددني بالطلاق.
وكلما أشكوا إلى أهلي حالي يقولون: “هكذا هم جميع الرجال” ومن يومها وأنا أعيش ضغطا رهيبا رزقني الله بابنة ثانية، وثالثة. وبقيت أعيش الجفاء من زوجي وأهلي طيلة 20 سنة. لا أنكر أنه رجل مسؤول وأنني أحبه بالرغم من كل ما يفعله بي.
وهذا ما يجعلني بحاجة إلى وده، وحنيته، وكلامه الطيب، ووجوده الفعلي، خاصة أن الأولاد كبروا. وصاروا يلاحظون كل شيء دون أبوح بمعاناتي، وبالرغم من أنني أحيا لأجلهم.
إلا أنني أنثى أحتاج من يطبب على قلبي، ومن يشعرني بوجودي ولو بكلمة، حتى أهلي لا يفهمونني. ويجبرونني على التحمل خوفا من الفضيحة.
وحفاظا على أواصر العائلة، الكبيرة، وكأن الكل مسؤوليتي، لكن ما ذنبي أنا أن أحمل كل هذا على عاتقي. وأن أرى نفسي أذبل يوما بعد يوم، صدقوني لقد أهملت نفسي.
وصرت لا أحب حتى النظر إلى وجهي في المرآة، وبكل ما تحمله الكلمة من معنى انهارت قواي. ولا أردي إن كنت سأصمد أكثر أم لا، فهل من كلمة تعيد لي قليلا من القوة من فضلكم.
أختكم “ن” من الشرق
الرد:
وعليكم السلام اختاه، ومرحبا بك في موقع النهار، ونتمنى من المولى أن يوفقنا لزرع الحب في حياتك من جديد. فهذا ما تحتاجينه، أن تحبي نفسك وتفتخري بمعدنك الأصيل.
فأنت جوهرة حقا، ولم يعرف زوجك قيمتك بعد، أو أنه يعرفها ويكابر اعتقادا منه أن الطيبة والكلام الجميل ينقص من رجولته. ولا ننكر أنه طبع الكثير من الرجال.
سيدتي، أعلم انه ليس من السهل نسيان عشرة 20 سنة، وليس من السهل أن ترمي بتضحياتك طيلة هذه الأعوام للخلف.
كما أعلم أنه ليس بالسهل عليك أن ترين زوجك يضرب بتضحياتك عرض الحائط بدأ من التنازل عن أحلامك ودراستك.
وبالمقابل لم تنالي إلا الجفاء وسوء التقدير من أهلك، لكن لو رأينا إلى الجزء المملوء من الكأس لوجدنا أن اهلك أرادوا بك خيرا إذ أنهم لم يفسدوا حياتك الزوجية. وأن زوجك كان يمارسه حبه بتلبية حقوقكم وتوفير حياة كريمة وأنت ذكرت أنه رجل مسؤول.
لهذا عزيزتي، حتى وإن كنتِ قد تجرعت كؤوس المر حتى الثمالة، أبدا لا تسمحي لأفكار السلبية بالتسلل إلى ذهنك حتى لا تخرب جمال روحك وطيبة قلبك.
خاصة أنك ذكرتِ في رسالتك أنك تكنين له الحب في قلبك، فما يدريك أنه هو أيضا يخبئ لك حبا أكبر. فقط هو لا يعرف التعبير عما بداخله بالكلمات، كوني إيجابية عزيزتي. وتأكدي أن الله لا يضيع صبر أحد، ابدئي بالاهتمام بنفسك، وتجاهلي تجاهله قليلا.
كوني واثقة أنك زوجة رائعة، وأم مثالية، والدليل أنه بالرغم من جفائه وتهديداته إلا أنه لم يتخلى عنك. وتأكدي أنه لن يستطيع العيش من دونك، وهذا يغنيك عن ثنائه وكلماته ولو أنها مطلوبة بين الزوجين.
فلو بقيت تنتظرين حلو الكلام ربما لن يأتيك، وهكذا يضيع عمرك في الانتظار، كوني أنت وأولاده قدوة حسنة له. بنثر الحب في أرجاء المنزل، والتعامل بطيب الكلام.
من المؤكد سيأتيك العوض من الله تعالى، شكرا على مراسلتنا، وأتمنى أن تتواصلي معنا ثانية بحول الله.