بن لادن يوقف إيفاد مندوبين إلى الجزائر لتفعيل النشاط المسلح
كان الشيخ أبو مسلم الجزائري أحد مراجع تنظيم “القاعدة” ، و الجماعات الإسلامية و الجهادية قد تنبأ في مراسلة وجهها إلى عبد المالك درودكال مباشرة بعد إلتحاقها بتنظيم “القاعدة ” تحت إمارة أسامة بن لادن ، بمصير هذا التنظيم الذي غير تسميته إلى “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي “.
كان الشيخ أبو مسلم الجزائري أحد مراجع تنظيم “القاعدة” ، و الجماعات الإسلامية و الجهادية قد تنبأ في مراسلة وجهها إلى عبد المالك درودكال (أبو مصعب عبد الودود ) الأمير الوطني لتنظيم الجماعة السلفية للدعوة و القتال مباشرة بعد إلتحاقها بتنظيم “القاعدة ” تحت إمارة أسامة بن لادن ، بمصير هذا التنظيم الذي غير تسميته إلى “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ” ووجه له نصائح “وقائية” تفاديا للوصول إلى الوضع الحالي لهذه الجماعة التي تكبدت في الأشهر الأخيرة خسائر ثقيلة هزت قيادة أركانها بعد أن فقدت أبرز القياديين قد يكون أبرزهم حراك زهير المدعو “سفيان فصيلة” أو “سفيان أبو حيدرة” أمير المنطقة الثانية ، سمير سعيود (سمير مصعب ) مسؤول خلية الإنتحاريين و مسير الغنائم ، صهيب أمير كتيبة “طارق بن زياد” ، و أهم ما ميز مرور سنة واحدة على هذا الإنضمام تسليم مؤسس الجماعة السلفية للدعوة و القتال حسان حطاب (أبو حمزة) نفسه لأجهزة الأمن و قبله مصعب أبو داود أمير المنطقة التاسعة و كان مختار بلمختار ( خالد أبو العباس ) المعروف أيضا بـ”الأعور” قد أعلن إنسحابه رسميا من التنظيم و دخل في مفاوضات مع السلطة لتسليم نفسه و الإستفادة من ميثاق السلم و المصالحة الوطنية ،و رافقت ذلك موجة من التوبة وسط المجندين الجدد و إرهابيين كانوا ينشطون تحت لواء الجماعة السلفية منذ سنوات و يكون عددهم قد تجاوز 13 فردا في أقل من سنة مقابل أكثر من 110 إرهابيا موقوفا خلال الفترة الممتدة من نوفمبرمن السنة الماضية إلى سبتمبر من السنة الجارية و مقتل أكثر من 120إرهابي خلال نفس الفترة أغلبهم قياديين .
أبو مسلم حذر درودكال من مرحلة ما بعد إنضمام جماعته لـ”القاعدة”
عندما راسل الشيخ أبو مسلم الجزائري أحد مراجع تنظيم “القاعدة” أمير الجماعة السلفية للدعوة و القتال ، طرح قضيتين لضمان إستمرار التنظيم و تماسكه مؤكدا في مراسلة متوفرة لدينا أن ” العبرة ليست بالإنضمام بل بما بعد الإنضمام و”أن هناك تطلع لما بعد الإنضمام خاصة و أن الأولويات كانت محددة في الإنخراط ضد الصليبيين و الصهاينة على إعتبارأن تنظيم أسامة بن لادن كان يسعى من خلال مباركة الإنضمام إلى توسيع دائرة عملياته في المغرب العربي و ملاذ آمن أيضا بعد تضييق الخناق على شبكاته في أوروبا و تراجع نشاط فرع جزيرة العرب و مواجهة “القاعدة في بلاد الرافدين ” بعد مصرع أميرها “أبو مصعب الزرقاوي” و الصراعات القائمة في أفغانستان مع حركة “طالبان” ، و دعا الشيخ أبو مسلم عبد المالك درودكال (أبو مصعب عبد الودود) في هذه المراسلة إلى إعادة النظر في هيكلة الجماعة و ضبط المعيار لإختيار الأمراء و الأعيان و المسؤولين خاصة و أنه سبق أن راسله بعد إنسحاب حسان حطاب و ما رافقه من تململ و إضطرابات في التنظيم .
و إعتبر الإختراق الداخلي ضمن أخطر التهديدات و إن أشار إلى أن التنظيم لم يكن مخترقا بعد خلال تلك الفترة إلا أنه قال “الإختراق مضر بالجماعة و لو كانت مخترقة لعرف العدو أخباركم من خلال من هم مخترقون الصف ” و إن كان هذا الأمر لم يحدث آنذاك إلا أنه إعترف بأن ماوقع “أخطر من مسألة الإختراق” و هو مسألة عدم قناعة الأفراد بالطريق الذي هم فيه القناعة التي تستوجب الصبر و الثباث ” و أضاف أن “الخطر هو أن هؤلاء الأفراد قد يكونون من الأعيان و القادة ” و حذر الشيخ أبو مسلم من مسألة ثالثة تتمثل في التوبة و تعاون التائبين مع أجهزة الأمن بالقول” الأخطر رمي هؤلاء أنفسهم في أحضان الأعداء و ليس فقط هذا بل إمدادهم بأخبار تمس بإستمرار الجماعة و ثباثها “.
و يرى مراقبون في تقييم لسنة كاملة لمسار الجماعة السلفية للدعوة و القتال منذ إنضمامها إلى “القاعدة” أن تنظيم درودكال تراجع كثيرا و لم يحقق أهداف أسامة بن لادن و لا أهدافه هو و لم يلتزم بميثاق تأسيس تنظيم الجماعة السلفية للدعوة و القتال و بعدها”القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي “، و عرفت الجماعة إنحرافات و خرقا و تميز مسارها تحت التسمية الجديدة بالإتجاه إلى العمليات الإنتحارية التي كانت تسعى من خلالها إلى تحقيق زخم إعلامي لكن على العكس أثارت تململا في صفوف التنظيم و تمردا و دفعت العديد من النشطاء المعارضين لتسليم أنفسهم لمصالح الأمن .
و تزامن إلتحاق الجماعة السلفية بتنظيم القاعدة مع تراجع نشاطها و قلة أفرادها و عتادها و شبكات الدعم و الإسناد و إستعملت القاعدة غطاءا أساسيا للنهوض بالتنظيم و تجنيد عناصر جديدة بإغرائهم بهذه التسمية و الحصول على الدعم ، لكن قيادة درودكال فشلت في إقناع الجيل الجديد بالإلتحاق بصفوفها لتوظف ورقة المقاومة العراقية و تقوم حسبما أفاد به تائبون حديثا بتحويل الراغبين في الإلتحاق بصفوف المقاتلين في العراق إلى معاقلها و مارست نوعا من الإحتيال و التجنيد بالإكراه و لم توفق قيادة دروكال في تجنيد عناصر تتمتع بتكوين شرعي و خبرة ميدانية بل مراهقين و أطفال في شبكات دعم و إسناد مع تكثيف الحواجز المزيفة و الإختطافات لطلب فدية . و كان الدكتور رشوان ضياء المختص في الجماعات الإسلامية قد أكد أن الجماعة السلفية للدعوة و القتال لجأت إلى “التجنيد الذاتي ” بعد إنضمامها لـ”القاعدة” خاصة و أنها كانت تعاني من محدودية عدد نشطائها .
الجماعة السلفية تفقد في سنة واحدة قيادة أركانها و “العقول المدبرة و المخططة ” للجرائم
و على الصعيد الميداني ، فقد تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ” ما يصنفه مراقبون للوضع الأمني ضمن “المادة الرمادية” للجماعة الإرهابية على خلفية مواقعهم في التنظيم و أدوارهم حيث تمكنت الأجهزة المختصة في مكافحة الإرهاب خلال الأشهر القليلة الماضية من تنفيذ عمليات نوعية أسفرت عن القضاء و توقيف أمراء قياديين بارزين في “القاعدة ” في الجزائر أغلبهم ناشطين قدماء في العمل المسلح و يعدون العقل المحرك و المخطط للعمليات الإجرامية .
و من بين هؤلاء ، حراك زهير المعروف بـ”سفيان فصيلة” أمير المنطقة الثانية خلفا للمدعو عبد الحميد سعداوي (يحيى أبو الهيثم) مساعد حسان حطاب الذي تم إبعاده و يعد
القائد الفعلي لتنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” حيث كان يسير الأفراد و يخطط و يوجه و يقدم التعليمات حسب شهادات تائبين سلموا نفسهم حديثا و كانت أشرطة فيديو أعدتها اللجنة الإعلامية للتنظيم الإرهابي قد أبرزت دور سفيان فصيلة المعروف أيضا بـ”أبي حيدرة” الذي تم القضاء عليه رفقة عبد الحميد أبو تراب أمير كتيبة “الفاروق” و رابح.ش (أسامة أبو إسحاق) المختص في إعداد السيارات المفخخة .
و قبل ذلك كانت مصالح الأمن قد قضت على علي “الديس” المستشار العسكري و المخطط للتفجيرات الإنتحارية بالعاصمة و بومرداس و تيزي وزو إضافة إلى المدعو “حميد الرصاص ” قائد الجناح العسكري لكتيبة “النور” و قد تكون أبرز عملية نفذتها قوات الجيش مباشرة بعد تفجيرات العاصمة تتعلق بالقضاء على سمير سعيود المعروف بـسمير مصعب المسؤول عن خلية الإنتحاريين
و اللافت أن قوات الأمن تمكنت من تفكيك قيادة أركان “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ” في عمليات مدروسة و موجهة و مخطط لها مسبقا و لم تكن “صدفة” أو خلال إشتباكات و عمليات تمشيط و كانت على علم مسبق بهوية الأهداف و تم التخطيط لكمائن بعد ترصد طويل و يذهب مراقبون في تحليلهم لتطورات الوضع الأمني و خلفيات هذه العمليات الناجحة للتأكيد على أن هذه العمليات الناجحة تحققت بعد لجوء الأجهزة المختصة في مكافحة الإرهاب إلى إختراق صفوف الجماعات الإرهابية في ظل تقنين الإجراءات و كان علي بن الحاج قد أكد في تصريحات سابقة “أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ” مخترق” وهو ما حذر منه الشيخ أبو مسلم و إعتبره أخطره ما يمكن أن يهدد تنظيما إرهابيا و تكون أجهزة الأمن إستغلت الثغرات في صفوف تنظيم درودكال ليتموقع الأفراد دون أن تثار شكوك بشأنهم رغم أن معلومات متوفرة عن تائبين تشير إلى أن الأمير الوطني عبد المالك درودكال (أبو مصعب عبد الودود) كان قد قام بتغييرات على مستوى قياداته و عين مقربين له لإحباط أية محاولة تمرد أو إنقلاب ضده أو تنصيب متشددين أوفياء لضمان إستمرار نشاطه ، كما أن تسليم مؤسس الجماعة السلفية للدعوة و القتال حسان حطاب نفسه قبل شهرين يعد ضربة أخرى للتنظيم الذي كان قد ندد بلجوئه إلى العمليات الإنتحارية التي تستهدف في الأصل مدنيين .
بن لادن لم يوفد مندوبين لدرودكال منذ سنة لتفعيل النشاط المسلح في الجزائر و المغرب العربي
و يعتقد خبراء في الشأن الأمني أن قيادة درودكال التي كانت تواجه مشاكل داخلية حاولت تحويل موجة التململ الداخلية من خلال إستغلال غطاء القاعدة لكنها لم تحقق أهدافها حيث يشير الدكتور رشوان ضياء المختص في شؤون الجماعات المسلحة إلى تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن لم يرسل مؤخرا مندوبين عنه إلى الجزائر لتفعيل النشاط المسلح أو التخطيط لعمليات مسلحة ما يعكس على صعيد آخر تطليقه لتنظيم درودكال بعد تجاهل عملياته في تدخلات الظواهري عبر الأنترنيت كما أن درودكال عجز عن توسيع نشاطه في المغرب العربي و عكس ما كان متوقعا إنحسر نشاطه كثيرا و تركز في المنطقة الثانية (بومرداس ، البويرة ، تيزي وزو) و بدرجة أقل في بعض مناطق الشرق (باتنة ، بسكرة ، تبسة، جيجل ) إضافة إلى زوال بعض الكتائب و عجز قيادة “القاعدة ” عن إعادة تنشيطها لقلة ا”لأفراد و العتاد أهمها كتيبة طارق بن زياد ببجاية بعد القضاء على أميرها صهيب و كتيبة النور التي تنشط غرب تيزي وزو كتيبة التوحيد بمفتاح و كتيبة الفاروق شمال غرب البويرة . ويؤكد مراقبون للوضع الأمني أن العمليات الإنتحارية الأخيرة التي تبناها التنظيم الإرهابي تحت إمارة عبد المالك درودكال (أبو مصعب عبد الودود )عكست مدى تقهقر الوضع الداخلي على خلفية أنها “أضعف و أسهل الوسائل” في ظل العجز عن المواجهة المباشرة بسبب تراجع القدرات العسكرية أو إنعدامها لدى المجندين الجدد .