بعد أن فقدت ابني وحيدي هذه رسالتي لكم يا معشر الآباء

بقلب منفطر يبكي حرقة لن يقدر على إطفائها  إلا الله، أروي لك سيدتي  ألمي وشجني، فما سقته على نفسي جعلني اليوم أبكي فلذة كبدي الذي تحولت حياته رأسا على عقب بعد أن إنساق وراء أهوائه  معلنا خروجه عما أمليته عليه من قرار يتعلق بمنعه من مواقع التواصل الإجتماعي. قرار إتخذته بعد أن هوى إبني بين براثين الإنحراف والفسق.

بعد أن فقدت ابني وحيدي هذه رسالتي لكم يا معشر الآباء

هو إبني الوحيد، أغلى ما أملك لا لشيء إلا لأنه  ثمرة زواج فاشل جعلني أعود إلى بيت أهلي أجرّ أذيال الخيبة، لكن شوقي لأن امنحه كل الحب وأعوضه عن الحنان المنقوص الذي لم يأخذه من والده هو ما دفعني أن أغدق عليه بالدلال والحب لدرجة أنني تسببت في ضياع مستقبله الدراسي، كيف لا وقد بات مهووسا بمواقع التواصل الإجتماعي وما تبثه من سموم لمن لا يجيد إستغلالها.إبني الوحيد سيدتي إلتفّ حول جماعة من الشباب الطائش الذين علّموه آفة المخدرات فصار رهينة لها،

ولما إكتشفت أمره وجدته يغادر مقاعد الدراسة بسبب تدني مستواه وعدم رغبة المؤسسة التربوية حيث كان يدرس في إعادة إدماجه. لم يكن أمامي من حل سوى أن أقطع دابر البلاء فحرمت إبني من هاتفه النقال على إعتبار أنه كان السبب فيما المّ بنا، لكنني لم ألبث أن إكتشفت أنّ يداه تمتد إلى مصوغاتي حيث أنه أخذ منها ما جعله يقتني هاتفا آخر، أعاد من خلاله التواصل مع جماعة الأشرار .التي زينت له عملية السرقة وأخذ مال الغير حتى يشفي غليله بنهم تناول ما يحتاجه من مهلوسات.

لم تمرّ سنة حتى فلتت أعصاب فلذة كبدي. حيث أنه أصيب بإنهيار جعله اليوم رهين مصحة للأمراض العقلية، خسرت بين ليلة وضحاها أملا كنت أحيا به. بالرغم من حرصي وسهري على تصرفات إبني، إلا أنني أدرك اليوم وبعد كلّ ما حدث معي أنه لا مفرّ من عواقب رفقة السوء وما تزرعه مواقع جاءت كالنقمة على حياة الأبرياء والمنكسرين مثلي. ومثل إبني الذي لولا حاجته لمن يؤطّره ويعتني به ويحتويه لما كان قد آل إلى هذا المآل طليقي اليوم يوجه أصابع الإتّهام لي أنا كأم، فهو يخبر الجميع من أهلي وأهله أنني أجني سبب تهوري ولا مسؤوليتي،

بعد أن فقدت ابني وحيدي

حيث أنني لا أصلح أن أكون أما ، ولم أكن يوما أصلح أن أكون زوجة.هذه هي عصارة تجربتي سيدتي، وقعتها بدموعي وشجني أضعها بين يديك حتى تكون عبرة لمن يعتبر، فما أمرّ به كأمّ منكسرة ليس بالهيّن وأنا أرغب في أن لا تحيا أي أم ما عشته.

ورسالتي لمعشر الآباء والأمهات. لن يكون إلا بأن أخبرهم بأنّ أبناءنا ، فلذات أكبادنا لا تعدو إلا أن تكون أمانة  كيف ذلك؟ أصاأ

أجل هي  أمانة وهبنا إياها الله، وسيأتي اليوم ونُسأل عنها، فأنت أيها الأب، وأنت أيتها الأم مسؤولان عن كل انفلات قد يقع فيه الأولاد، لذا حاولوا أن تبنوا منذ الصغر جسور الأمان والثقة بينكم، حتى يكون هذا الطفل كتابا مفتوحا لا تحجبه عنكم أقنعة سمحتم لهم أنتم بارتدائها.

فالحل ليس في المنع، بل الرقابة السلسة، والمشاركة الممتعة، والمعاملة اللينة، وليس في عدم إدخال الانترنت إلى المنزل، بل في الإشراف المباشر على استخدامه، حيث أنه رغم مساوئه  إلا أنه  غنيّ  بالأفكار الذي من شأنها أن تدعم أبنائكم وتطور مهاراتهم، وتجعلهم يواكبون عصرهم.

احرصوا على تلقين أولادكم منذ الصغير أنه ثمة خصوصيات للأسرة .يجب التحفظ فيها، كعدم إعطاء العنوان لأي كان، أو اللقب أو رقم الهاتف الخاص بأفراد العائلة .وحتى التكتّم عن سرد بعض المشاكل والظروف التي قد تستخدم ضدّ أبنائكم.

بعد أن فقدت ابني وحيدي

نصح أبنائكم عدم القبول بصداقة أي شخص على مواقع التواصل الاجتماعي. دون معرفة الوالدين، حتى لا يكونوا عرضة للفساد الذي ينشره الآخرون.

أيها الآباء لا تنفعلوا ولا تغضبوا في حال وقع خطأ ما، لأن هذا قد يخلق هوة ويكسر الثقة بينكم، بل يجب تقويم الأخطاء بالاحتواء والحب، والتواصل الفعال والمجدي.

أعانكم الله وإيانا وبارك لكم في أولادكم وأبدانكم وأبصاركم، و وفقكم لما فيه خير لدينكم ودنياكم يا رب

من توقيع:أم رمزي من الغرب الجزائري.