بسبب إدماني قدت أخي للهاوية
السلام عليكم ورحمة الله تعالى،سيدتي أناجيك من خلال منبر”قلوب حائرة” ووحده الله الذي يعلم ما يعتصر فؤادي، وكم أنا نادم على ما آل إليه أخي.
لا أخفيك سيدتي، حيث أنني عشت سنوات من الطيش والغفلة كغيري من الشباب، وخلال هذه السنوات تتبعت أهوائي ورافقت أصحاب السوء، فسولت لي نفسي أن أسلك أنتهج الانحراف، وعوض أن أكون عند حسن ظن أمي الذي تمنت أن أكون رجل البيت بعد والدي رحمه الله، و قد رضيت لنفسي أن أتمرغ في مستنقع الإدمان إلى أن جاء اليوم المشؤوم، وألقي بي في السجن بسبب المتاجرة المخدرات.
لا أخفيك سيدتي، فبقدر أن الصدمة كانت قوية عليّ إلا أنني لا أنكر مقولة: رُبَّ ضارة نافعة، فسنوات السجن لقنتني الكثير.ولك أن تتصوري كم كنت أتعذب يوم تأتي أمي لزيارتي وأنا أعلم أنها تحرم إخوتي لأجل أن تؤمن لي قوتي في السجن ومصروفي، وأصدقك القول أنني كنت أنتظر فقط أن تمر الأيام وأعوضهم عما فات.لطالما كنت أسألها عن أخي الأصغر الذي كان كل أملي أن يكون صالحا، وكانت المسكينة تخبرني أن الكل على ما يرام، لكن ما إن جاء الفرج وانقضت أعوام عقوبتي وجدت ما لم يكن بالحسبان من صدمة، أخي الأصغر مدمن مخدرات.
قد تتساءلين عن السبب سيدتي، فأجيبك بلا تردد أنني و قبل دخولي السجن لطالما إستغليت سذاجة أخي ، حيث كنت أرسله إلى رفاقي أنذاك ليحضر لي أشياء أو ليأتي لي بأمور الكل يعرفها، ولم أكن أدري أنني افتح أمامه بابا على عالم القذارة، ولم أكن أخمّن يوما من أنني سأجرّه جرّا إلى الفساد، حيث أنه و بينما أنا بالسجن وجد أخي طريق الإدمان معبدا أمامه، وأنا اليوم أحمل همي وهمه في صدري وقد ضاقت بي السبل، لأنني لست الأخ المثالي ولا الابن الذي كانت تتمناه أمي، فكيف أتصرف أفيديني لأنني أريد حلا سريعا يضمن لي سكينة الروح والإحساس بالأمان..؟
أخوكم ش.فاتح من العاصمة.
الــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرد:
وعليكم السلام ورحمة الله أخي هون عليك ولا تنسى أن رحمة الله واسعة وكبيرة، لست أدري من أين أبدأ، حيث أنني لمست بين طيات كلماتك قلبا ممزقا و معنويات المنهارة، ونفس تجلد حالها وتقول أنها السبب في كل شيء. لكن وبالرغم من كل ما قلته صدقني إن قلت لك أنني أراك بذرة طيبة، ومدعاة للفخر كذلك، فكما نجوت بنفسك وأنقذتها من بحر الهلاك ستفعل مع أخيك وترفعان رأس والدتكما عاليا.
يقول الله في كتابه الكريم: “وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْءَ وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ” أيّ نعم السجن مكروه لحق بك، لكن أنظر إلى النتيجة، فالعقوبة كانت درسا أعادك إلى جادة الصواب والحمد لله، وما فات قد فات، والآن لا تلم نفسك على ما أصاب أخيك ولا تقف وقفة المتحسر وتصرف بسرعة فهو بحاجتك وأنا متأكدة أنه لديك من الهمة ما سيمكننك من النجاح وإنتشاله من بحر الضياع.
كلامي الآن لن أوجهه لك لأنك الحمد لله استطعت في خمس سنوات أن تميز بين الصالح والطالح، وفتن الدنيا لن تعرف سبيلا إليك، بل سأوصيك على أخيك:
* أولا ما عليك الحرص عليه هو التقرب من الله بالدعاء الخالص بأن يمدك القوة لترمم وتصلح ما يمكنك إصلاحه مع أخيك، حافظ على الصلاة وأدعو أخاك إليها فإنها أول علاج لكل الأمراض.
*حاول معه ولا تسأم، لكن بالتي هي أحسن ولا تكن عنيفا ولا فضا معه حتى لا تزيد الطين بلّة.
*صاحبه وكن رفيقه، خاصة وأنكما متقاربان في السن فهذا سيساعدك أكثر، وحافظ على السرية بينكما ليثق فيك وتكون ملجأه الآمن بعد الله.
*مارسا أي نوع من الرياضة معا، وأحكي له عن تجربتك في السجن والأوقات العصيبة التي تجرعتها بمرارة هناك، ومدى سعادتك الآن بعد أن تخلصت من تناول تلك السموم.
أما إن وجدت صعوبة فعليك بالطبيب أو مراكز المعالجة من الإدمان فهذا ليس عيبا بل شجاعة وحسن مآب.
والله ولي التوفيق.