انقطعت عن صلاة المسجد خشية الموت ساجدا
أنا رجل متقاعد، أفرحني كثيرا هذا الوضع لأنني تفرغت تماما للعبادة وطاعة اللّه، فلم يعد شيئا يشغل بالي بعدما تزوج أبنائي ورزقني اللّه وزوجتي الطيبة بزيارة بيته الحرام وأغرقنا في موفور الصحة والاستقرار، كان واجبا عليّ بعدما بلغت العقد السادس من العمر أن أستثمر ما تبقى من حياتي في الطاعة، لكي أحصل ما فاتني فدخول الجنة يتطلب المزيد من الاجتهاد، لذلك اتخذت من صلاة المسجد العادة الإيجابية التي لا أتخلى عنها أبدا، وكنت أسأل اللّه بكرة وعشية أن يوافيني الأجل في المسجد، وأن يجعل آخر أعمالي سجدة، فلو كتب وتحقق لي هذا الحلم سأفوز بحسن الخاتمة وسأكون مع أهل الجنة إن شاء اللّه.بات أملي الوحيد من الدنيا تحصيل هذه الأمنية حتى تراءى لي في الحلم ذات ليلة، وكأني دخلت المسجد لأقيم الصلاة كعادتي فإذا به خاليا على غير العادة، وبعدما أتممت الصلاة والتفتّ لتأدية التسليم لمحت اكتظاظ المصلين، كانوا عند بوابة المسجد وقد حمل البعض منهم نعشا على أكتافهم، سألتهم عن صاحبه فأخبروني أن اللّه توفاني وأنهم سيقيمون صلاة الجنازة عليّ، فصليت معهم على نفسي ولم أكن أصدق أني رحلت عن الحياة، حتى أسرعت لذلك النعش فلمحت جثتي والكفن يلتف بها فقمت مذعورا من النوم. استهديت باللّه فإذا بالمؤذن ينادي لصلاة الفجر، توضأت كالعادة وعقدت العزم على الخروج إلى المسجد، لكن قوة غريبة حرمتني من ذلك، صوت كان يردد بداخلي يطالبني بعدم الذهاب، لأني سأموت هناك، حاولت أن أتجاهل الأمر وقلت في نفسي لا يهمني الأمر فهذه غايتي، لكن الصوت الداخلي تغلب عليّ فعدت أدراجي إلى الفراش لأغط في نوم عميق حتى صلاة الضحى لم أصلها لأني نهضت متأخرا.منذ ذلك الحين لم تطأ قدماي المسجد لأن هاجس الموت يطاردني، ولم أستطع التخلص منه، ولم أعد كالسابق أسأل الخالق أن يحقق لي هذه الأمنية لأني أرغب بالدنيا وغايتي العيش في كنفها، فلماذا الرحيل عنها؟أعرف أن حالتي معقدة، رغم ذلك فأنا على يقين بأني سأجد الحل بحوزتكم فلا تبخلوا عليّ.
سعدون من البويرة